
الحرب ظالمة ومدمرة والدليل كثرة ما يواجهنا من أزمات كثيرة ومتنوعة معظمها صنعناه بأيدينا أو بسكوتنا عن ما يرتكب من جرائم وانتهاكات محرمة دينياً و وطنياً، أفرزت الحرب اللئيمة وما نتج عنها من قتل على الهوية ودمار ممنهج لم يسلم منه البشر والشجر والحجر والتاريخ.
أسباب هذه الكوارث الصراع على السلطة والعلاقات غير السوية والمتأرجحة بين أهم أطراف الصراع، المكون العسكري والمكون المدني.
هنا يجب أن ننتبه إلى أن كل الانتفاضات العظيمة التي حدثت في السودان وُظفت نتائج مخاطبتها لمصلحة أطراف النزاع بدلاً عن السلام الدائم ومصالح البلاد العليا، إضافة إلى انها لم تكن اتفاقيات دائمة وراسخة، بل هدنة حققت وقف مؤقت لحربٍ متجددة.
اتفاقية عام ٢٠٠٥:
وهي اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا بين الحركة الشعبية والحكومة، أنهت أطول حرب أهلية في افريقيا ولم تحقق السلام الدائم!
استمرار الصراع حول مستقبل الاقاليم التي تم اخراجها من اتفاقية نيفاشا مهد لاستدامة الصراع، والغريب ان هذه الاقاليم لم تكن جزءاً من جغرافيا جنوب السودان، والمناطق هي: منطقة أبيي، منطقة جنوب كردفان (جبال النوبة) والنيل الازرق… علماً بأن أبيي تعتبر منطقة نزاع بين شمال السودان وجنوبه.
إدخال المناطق الثلاثة في النزاع مع جنوب السودان رفعت مساحة الجنوب من ربع مساحة السودان إلى ما يساوي ثلث هذه المساحة… وإدراج هذ المناطق في الاتفاقيه أدى الى استمرار الحرب لسببٍ بسيط وهو أن هذه المناطق كانت محور خلافات كبيرة بين اطراف النزاع للتباين في تركيبتها السكانية والتوزيع الجغرافي والموارد.
هنا يجب أن ننتبه إلى أن ادراج المناطق الثلاثة في الاتفاقية دون ايجاد حلول مقبولة لها زاد من تعقيد الوضع السياسي والامني في السودان… وهي مناطق غنية بثرواتها المتنوعة، لهذه الاسباب اصبحت مجالاً للنزاعات والحروب بين مكونات السودان المختلفة.
وزاد من تعقيد الازمة انفصال الجنوب والخلافات حول المناطق المشتركة بينه وبين الشمال التي اصبحت محلاً للنزاع وتبادل الاتهامات، هنا يجب أن ننتبه إلى أن السلام المنشود والاستقرار لم يتحققا.
الاتفاقية التي تم توقيعها عام ٢٠٢٠ بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة لم تقدم حلولاً شاملة، نعم كانت اتفاقية تمثل خطوة مهمة نحو السلام في السودان ولكن الصراع السياسي والتأرجح في المواقف بين الاطراف الموقعة عليها قد عقّد من الأزمة بالصورة المؤلمة التي نعيشها الآن. للخروج من الأزمه يجب أن نعترف أن الوضع في البلاد أصبح أكثر تعقيداً ويحتاج إلى حلول جذرية بمشاركة واسعة ورؤيا صادقه ومشروع وطني يتم التوافق عليه والالتزام بتنفيذه.
وهذا ما سنتعرض اليه في المقال القادم انشاء الله…