السودان بلد يعتاش بالفوضى

حينما تطأ قدما إنسان في الخرطوم لأول وهله يشعر أن البلد بلا حكومة… ليس له سيادة أو أي مقومات للدولة، يحس أنه في بلد عشوائي فوضوي غير منظم يختلط فيه الحابل بالنابل… لا يشعر الانسان في السودان بوجود حكومة إلا عبر وسائل الإعلام الرسمية ولكن في أرض الواقع لا شئ… عدم انضباط عارم… فالكل له قوانينه الخاصة… الحكومة لها قوانينها الخاصة كأنما وجدت للنهب لما في جيوب مواطنيها ولا تقوم باي خدمات إجتماعية تُذكر في مقابل تلك الجبايات… الزبالة في كل مكان والشوارع طافحة بالمياه الراكدة، هنالك سرقات مقننه تحدث هنا وهناك في المصالح الحكومية المختلفة بين فترة وأخرى ولا يعاقب فاعلها… فلا يشعر المواطن بوجود دولة ورئيس إلا إذا رأى الرئيس وهو يخطب عبر تلفزيون السودان فكأنما يفعل ذلك ليذكر الناس بوجود رئيس ودولة… التلفزيون وحده لا يصنع رئيس دولة ولا يصنع حكومة، فلتنظر الحكومة لأحياء الخرطوم وشوارعها بل للمصالح الحكومية المختلفة هل لها برنامج عمل محدد؟ هل تنجز شيئا… كل وزير أو مسئول لا يشعر بالمسئولية الملقاة على عاتقه… فلماذا يشعر بالمسئولية أصلا فهو لم يأت للسلطة بالانتخاب إنما بترضيات سياسية… الحكومة تحارب من يحمل السلاح فاذا لم تستطع الانتصار عليهم تفاوضهم ليقتسموا السلطة معها كترضيات سياسية وإن الله يحب المحسنين… هل هذه حكومة فعلية أم عصابات منظمة تتنفنن في نهب ثروات البلاد… وأين هي القطط السمان التي يطاردها الرئيس؟ أليس من ضمنهم اخوته ومدراء مكاتبه وحاشيته من الوزراء والمسئولين… لن تنجح هذه الفكرة على المدى الطويل لأن الرئيس يطارد القطط المنزلية الصغيرة فقط ولكن القطط البرية الكبيرة لا أعتقد في ذلك لان هؤلاء هم الحكومة والدولة فاذا قُبض منهم واحد ستنهار دولة الاخوان لأنها قائمة على السرقة والنهب لأن الفرد سيكون إثنين والإثنين ثلاثة وهكذا حتى تصل الأمور الى حوش الرئيس وهذا ما يخشاه الرئيس…
وهذه الفوضى العارمة التي تجتاح السودان انداحت من الحكومة لتصيب بعض المواطنين بالعدوى… فالتجار لهم قوانينهم الخاصة وأصحاب الركشات وسائقو البصات السفرية واصحاب المخابز واصحاب الخضر والفاكهه…الخ، كلٌّ يحتكم الى قانونه الخاص… في سودان اليوم لا احد يحمل هم الآخر فكأنما هو يوم الحشر الكل يقول نفسي نفسي… وكل هذه السلبيات التي نراها اليوم في السودان نتاج عن الفوضى التي تعيشها الحكومة… تشعر ان البلد تسير بلا ربان تتقاذفها الأمواج هنا وهناك … فقدت البوصلة… المجتمع السوداني الآن كأنه يعيش في القرون الوسطى وكأن هذا التطور الذي تعيشه المجتمعات من حوله لا تعنيه في شئ… السودان في وادٍ والبلاد من حوله في وادٍ آخر، فالمسئولون يسافرون الى دول الجوار ويرون بأم أعينهم حال تلك الدول بما فيها من نظافة ونظام ورُقي وحين يعودون الى السودان ينسون كل شئ ولا يفكرون حتى مجرد تفكير في نظافة عاصمتهم اسوة بعواصم البلدان التي يزورونها صباح مساء، تبلدت شعورهم فصاحب بالين كذاب فكيف لمن جُل تفكيره في السرقة والنهب أن يبني ويعمر فهذا مستحيل…. النهب المسلح والنهب المصلح على قدم وساق لثروات البلاد من ذهب وزرع وضرع.. كل مجموعة تحمل سلاح وربما لا تتعدى العشرة يقطعون الطريق وينهبون إلى أن ترضخ الحكومة لمطالبهم فيقتسمون مع الحكومة ما لذّ وطاب من المال السائب… فالسلبيات لا تعيش إلا في معمعة الفوضى وهكذا أرادت الحكومة للمواطنين لكي لا ينتبهوا الى حقوقهم المهدورة الضائعة… المسئولون يزدادون غنىً والشعب يزداد فقرا ويتفنن في البحث عن مصدر رزق آخر بعيدا عن أعين الحكومة التي لا ترحم… فهنالك مطاردة دائمة بين المواطن والحكومة فكأنما هي لعبة القط والفأر فأي مصدر رزق يكتشفه المواطن يجد ناس الحكومة ينتظرونه هناك لاخذ المعلوم… فليس هنالك أي حل من هذه الحكومة إلا بتدخل قوى قاهرة خارجة عن نطاق السيطرة البشرية…. فأسألوا الله أن يكشف ويذهب هذه الغمة، عن هذا الوطن المنكوب من حكامه منذ أن نال إستقلاله من الأجنبي ليقع في براثن من بني جلدته فقدوا وطنيتهم وعلى استعداد لرهن الوطن بشعبه لمن يدفع أكثر….
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث طويل: ((يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل)
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن(
فاذا جمعنا الحديثين معا فقد يصبح المؤمن كافرا في طرفة عين… فماذا تقولون لمن يسرق لأموال الشعب السوداني مثلا بعد أدائه لصلاة الجمعة مباشرة هل هو مؤمن أم كافر؟ أفتونا في هذا يا كاروري وعصام احمد البشير… فلماذا لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر؟ فمثل هذا الرجل صلاته غير سليمة… فلا تتبعوا أمثال هؤلاء الذين يتحدثون بألسنة الأنبياء ويزينون للسلطان واذا خلوا لانفسهم انتهكوا حرمات الله، ألم يتحدث القرآن عن أمثال هؤلاء : وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ
وقال صلى الله عليه وسلم : رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ وَالنَّصَبُ
والذي استغرب لهذا القوم انهم يلبسون احسن الثياب ويحملون السبح وسباقون الى المساجد وحينما يخرجون … يخرجون ليفسدوا في الارض … لا أدري كيف يجمع هؤلاء بين سيماء الملائكة وحبائل الشيطان وبين الصلاة واللصوصية في آن واحد… فمن الصعب أن تجتمع الخصلتان لإنسان في آنٍ واحد لذا نجد القرآن الكريم يذمهم كما في قوله تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) فالنفاق أشد من الكفر لأنك تراهم ولا تحس بهم لانهم ألفوا التلون كالحرباء في محيطهم…
[email][email protected][/email]