وقد قتل الموضوع بحثاً!!

وقد قتل الموضوع بحثاً!!(1)

427٭ كثيراً ما نستخدم عبارة وقد قتل الموضوع بحثاً.. وفي وقفة لي مع هذه العبارة.. رأيت أن البحث والنقاش الهاديء لا يقتل الموضوعات.. بل يدفع إلى شرايينها دفعات من الدماء المتجددة وأولى هذه الموضوعات مثلاً.. موضوع الثقافة السودانية.. بل وتعريف هذه الكلمة التي شغلت وتشغل الناس كثيراً.. وفي هذه الأيام التي ينشغل فيها الناس بالحديث عن موضوعات الحوار الوطني وبالطبع موضوع الثقافة والمثقف يأخذ حيزاً كبيراً.
٭ قال الأستاذ فارس خليل في كتابه التطور الثقافي «ونخلص من هذا إلى أن الظاهرة التي نسميها ثقافة هي الكشف الأساسي في العلوم الاجتماعية بمعناها الحديث ونخص بالذكر من هذه العلوم علم الانسان الاجتماعي وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع فالثقافة ركن ركين في فهم الانسان وفهم الجماعات وجل الأفكار التي نجدها في العلوم الاجتماعية الأخرى تنبع منها أو تعتمد عليها وحسبنا الآن أن نعرف الثقافة بأنها أسلوب الحياة في مجتمع ما، ويشمل هذا الأسلوب تفصيلات لا تحصى من السلوك الانساني ولكنها تشمل الاستجابة للأفعال المألوفة لأفراد أي مجتمع حيال موقف معين ويلاحظ ان استجابة معظم أفراد هذا المجتمع تكون على نسق واحد مثال ذلك اننا درجنا في المجتمع الذي نعيش فيه على أن نأكل ثلاث وجبات في اليوم وجبة الافطار ووجبة الغداء ووجبة العشاء ومن يشذ عن ذلك يعد غريباً في بلده وهذا الاجماع في السلوك والرأي يعد نمطاً ثقافياً والثقافة ككل هي مجموع الأنماط التي من هذا القبيل وهي تتفاوت في انتظامها تفاوتاً يختلف مقداره).
٭ على ان المعاني الشائعة لكلمة ثقافة تدعو إلى الخلط والالتباس وشاهد ذلك اننا نسمع كثيراً ان شخصاً ينعت بأنه مثقف وان فعل يوصف بأنه فعل ثقافي ويتضمن هذا ان شخصاً آخر غير مثقف وان فعلا آخر غير ثقافي أي ان الثقافة في مفهوم الناس العام تقوم على التقويم لبعض الأفعال تعد في نظر المجتمع صالحة محمودة وبعضها طالحة مرذولة.
٭ وإذا تساءلنا أين موقعنا نحن في السودان من هذا الفهم في مراحل التطور المتطور الجواب على ذلك ليس بالبساطة التي تبدو فالمجتمع السوداني يشمل مجموعة من الثقافات والعرقيات والمعتقدات أدت الظروف التاريخية إلى وجودها في منطقة واحدة تاريخها متصل وليس من المهم أن يكون أصل بعض المجموعات يختلف عن البعض الآخر إذ ان التحرك والحراك سمة أساسية من سمات البشر وهكذا كان السودان بصورته الراهنة.
٭ ليس هناك مجتمع واحد في العالم يشبه المجتمع السوداني.. ظروفنا التاريخية والجغرافية جعلتنا هكذا ويجب أن نتعامل مع هذه الحقيقة وبالتالي عندما نتحدث عن الثقافة السودانية أو الوحدة الوطنية أو التمازج الثقافي أو الحوار الوطني نتحدث عن وضع فريد ومتميز ونسيج وحدة ونتحدث عن تباين أمم وشعوب ونتحدث عن حضارة ممتدة إلى أعماق التاريخ وعن شعب عملاق صاحب هذه الحضارة.
٭ حضارة السودان العريقة.. قبل الميلاد في البجراوية يوم أن كنا أمة عظيمة منا رقم مهم في خارطة الأمم والحضارات نعم دولة عظمى كانت لها لغتها المكتوبة لغة مروي ومروي نفسها هي التي عرفت الحديد وصهرته وصنعته.. مروي وملكاتها العظيمات الكنداكات أماني شختو وأماني تيري.
٭ وحتى عندما انتهت مملكة مروي كانت مملكة النوبة وعاصمتها دنقلا العجوز وقامت ثلاث ممالك مسيحية في السودان وكانت أقواها مملكة علوة وعاصمتها سوبا المعروفة التي تبعد حوالي عشرين كيلو من الخرطوم.
٭ وعندما فتح عمر بن العاص مصر عام 936م بعد عامين رأي ان يواصل فتح بلاد النوبة وأرسل عقبة بن نافع لهذه المهمة ولم تتم كلها ولكنه توصل معهم إلى اتفاق بإقامة مسجد للمسلمين في دنقلا العجوز.
٭ تجددت محاولة اخضاع المملكة كلها بحملة كان على رأسها عبد الله بن أبي السرح عام 516م، وكانت معاهدة البقط التي تحولت بعدها مملكة النوبة لدار معاهدة.
أواصل مع تحياتي وشكري

أمال عباس
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..