إصلاح لا تفكيك

منصات حرة

إصلاح لا تفكيك ..

نورالدين عثمان
[email][email protected][/email]

نعم منذ أن تكون مايعرف بالسودان بحدوده الجغرافية الحالية ، وبعد أن نال إستقلاله السياسي بسودنة الوظائف التي تركها المحتل ، وبعدها قام بإدارتها سودانيون بنفس عقلية المحتل الذي كان له الفضل فى تعليم تلك الطبقة التى شكلت الخدمة المدنية ، فكانوا الحرس الوفي لذات سياسة ( المحتل ) ، مع ملاحظة أن ثقافة الإنجليز سادت حتى فى شكل تخطيط الشوارع وتصميم البنايات ورسم الطرق ، وشكلوا بذلك عاصمة ذات نكهة إنجليزية فى كل شئ ..

حتى المناهج الدراسية هي إقتباس مباشر من شكل المناهج الإنجليزية ، والثقافة السائدة فى المدارس بداية بالزي المدرسي لكل المراحل وحتي شكل التعامل بين الطالب والمعلم نهاية بطابور الصباح وكل مايتم داخل الحرم المدرسي كان بنكهة إنجليزية ، وماينطبق على التعليم ينطبق على كل المؤسسات مروراً بالمؤسسات العسكرية وكل مؤسسات الخدمة المدنية كانت تسودها ثقافة إنجليزية بحتة ، لم تكلف حينها النخبة المثقة نفسها عناء البدء فى سودنة الخدمة العامة فعلياً ، لا دعائياً كما تم ، ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا ماتزال النخبة السودانية المثقفة مصابة بداء ( إدمان الفشل ) ، وماتزال تصر على البقاء فى ذات القوالب القديمة دون أن تحرك ساكناً ، ومعظمهم كرس حياته للأكاديميات والعلم على الورق دون تقديم ذلك العلم للعامة وتطبيقه على أرض الواقع ، والدليل المادي اليوم هو أن كل مؤسسات الدولة بدون فرز ماتزال هي هي تلك المؤسسات التى ورثها السودانيون من الإنجليز ، وعندما كان الإنجليز يرصفون طريقاً أو يبنون بناية أو يضعون خطاً للسكة الحديد لم يكونوا يروا أبعد من سقف مصالحهم ، ولم يكونوا يخططوا لمستقبل السودان بقدر ما كانوا يفكرون فى مستقبلهم فى السودان ، وهكذا ورث السودان مؤسسات ذات عمر قصير ، توقفت معظمها بعد عودة المحتل لبلاده ، وظل السودانيون يتجادلون ويتناحرون ويتصارعون ويتحاربون فيما بينهم منذ ذلك التاريخ والسبب الاساسي هو سياسات المستعمر ..

فإذا أخذنا كل مشكلة موجودة اليوم فى السودان سنجد أن سببها الأنجليز ، بداية بمشكلة الجنوب التى كان سببها سياسة المناطق المقفولة ، ومشكلة مشروع الجزيرة وباقي المشاريع الزراعية هي أن المحتل كان فقط يخطط لتصدير أكبر كمية من المحاصيل والمنتجات الزراعية لبلاده عبر سكك حديد وطرق بنيت أساساً لهذا الغرض ، ومشكلة الخدمة المدنية والبروقراطية وتشابك السلطات كلها بسبب تلك الثقافة التي زرعها المحتل فى رؤوس النخب المتعلمة حينها وأصبحوا أثيري هذه الأفكار حتى اللحظة ..
حقيقة مانريده اليوم ليس تفكيك ماتبقى من مؤسسات عامة وإنما نريد إعادة تخطيط حقيقي للدولة السودانية بعقلية سودانية ومن أجل مصلحة السودان والسودانيين ، لا من أجل إرضاء السادة أو إرضاء الدول العظمى أو كتحصيل حاصل ، نريد وبكل نكران ذات ، نحن كسودانيين أن نتجرد من كل إنتماء عرقي أو جهوي أو حزبي من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة وإصلاحها لتكون صالحة لخدمة المواطن ، أما تلك الفكرة التى تتحدث عن تفكيك المؤسسات والتى بدأت بها الإنقاذ فى بداية عهدها فأوصلت اليوم البلاد لدرجة الإحتراب والتشظي والتفكك العام للدولة ، فعلينا إبعاد مبدأ التفكيك مقابل الإصلاح الحقيقي من أجل الوصول لدولة المؤسسات والقانون ، حينها فقط سنخط أولى خطوات التقدم ..

ولكم ودي ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..