أخبار السودان

السودان: محنة العقل والفعل (1)

عبد المنعم همت

مقدمة
التدهور الذي أصاب السودان ليس مرضاٌ عارضا ولكنه محنة لها جذورها والتي امتدت لعقود وطوال هذه الفترة كنا نلقي باللائمة على الاستعمار حتى صار مدخلا لتقبل الأزمة وتبريرا ساذجا لها .
والآن نضع وزر التدهور كاملاً على الحركة الاسلامية _ رغم قناعتي الكاملة في دورها العظيم في هذا التدهور _ والتي بدورها تمثل قاعدة تطورية للاستبداد في السودان . وبتتبع نمط الاستبداد في السودان نجد أن الأحزاب السياسية ( في السودان ) نقلت كل أمراض الاستبداد الى الساحة السياسية وجعلتها جزء من نظام الحكم . الديمقراطية ليست مكونا في فكر هذه الاحزاب بل هي وسيلة لتأكيد وجودها وشرعيتها . معظم الاحزاب لا تؤمن بالديمقراطية وشاركت بقسط وافر في الانقلاب على الانظمة الديمقراطية , فهي في الصباح تشدو بالتعددية والديمقراطية وبالمساء تسبح بحمد الانقلاب وتخطط للتخلص من الخصوم بمنهج اقصائي عدائي.

الاستبداد
الاستبداد جزء أصيل من بنية الوعي الحزبي والذي مثلته بشكله القبيح كل الأحزاب التي شاركت في السلطة على المستوى الفردي والجماعي وهي تنظر الى فكرها بنرجسية مطلقة . اصبح الاستبداد بنية ثقافية فكل حزب ينظرالى افراده بانهم الصفوة التي تمتلك مفاتيح حل الازمات وان الحقيقة المطلقة جزء منهم واليهم وبذلك ظلوا ينتظرون الثمار من الاشجار الصناعية ذات الشكل الانيق الخالي من العيوب ولكنها تبقى بلا حياة ورغما عن كل هذا لم يعترفوا بانهم أصنام صنعتها الاوهام وزينتها شياطين ضعف العقل والفعل .
يشاركون في النظام التعددي والشمولي , يبررون لكل شيء . المثير للشفقة أن احزاب اليسار واليمين والوسط تمتلك نموذج وقالب تريد ادخال الواقع الى هذه النمذجة وتصنع منه نهضة وتطور للبلاد وعندما يثبت الواقع خطأ الفكرة قبل الممارسة يحولون الحزب الى كيان مقدس ويقومون بصناعة الهة حسب حجم الحدث وينسجون حولها أوهام القدرات الخارقة في النواحي الفكرية والتنظيمية وتظل عيونهم ترصد كل من يحاول الخروج من الجسد المقدس وينعت بالروحة الشريرة . الاحزاب ليست مشغولة ببناء العقل ليتسق مع صناعة الفعل ولكن تتكون عقليتها وفقا لقول الاخر الذي يقف على النقيض . فالكيد والغيرة والعبث هي الرافعات الاساسية لوعي هذه الاحزاب , يقفون مع حرية الكلمة وهم يقدمون نفسهم للناس ويكممون الافواه والعقول وهم في السلطة ويتسابقون الى المناصب فتنهار ابنية الوعي المتهافت على رؤوسهم . أما على المستوى الداخلي للاحزاب فالديمقراطية هي اللؤلوة السحرية التي تحفظ بعيدا عن العقول والقلوب لان التعاطي معها يؤدي الى التهلكة ولذلك يزينون الاقوال بالديمقراطية ويسممون الافعال بالاستبداد .
الخطاب الفكري هش ومتهافت لان الحزب لديه نموذج يريد تطبيقه قسرا وعندما تٌغلق الابواب لتحقيق الاهداف لا تتم المراجعة والتراجع عن الخطأ وبذلك نقلوا روح التعصب والعصبية الى الفعل السياسي لتكون جزء اصيلا من البنية الثقافية وتم قتل العقل والابداع وشجعوا التقليد , فالكادر المميز هو الذي يؤكد صحة نهج الحزب والقيادة وتتم مطاردة كل صاحب فكرة تتصادم مع الجمود الاصيل المحروس بيقظة العقل العاجز . هذا التناحر الحزبي لم ولن ينتج فكرا فاعلا فكيف لأحزاب تفنقد للمؤسسية أن تبني وطن قارة مثل السودان بتشابكاته الدينية والاثنية والثقافية . يمكن ان نجري سياحة قصيرة في تقبل الاحزاب لبعضها , ربما تكون لهذا العداءات أسبابها والتي تكون معظمها بسبب غياب المنهجية , ولكن كيف يتعامل اي حزب مع من يخالفه الراي وهو داخل المؤسسة الحزبية نفسها ؟ ! وكيف توجه له السهام وهو خارج هذه المنظومة الحزبية ؟! وبذلك يتضح أدب الخلاف . المبكي أن الراي يصبح له أعداء لا ينازلونه بنفس الادوات ولكنها ضحالة المبنى . علينا ان نضحك حزنا ونحن نرى الانشطارات في الحركة الاسلامية حزب الامة والاتحادي والشيوعي والبعثي والناصري والحركة الشعبية والسلفيين ..الخ
قد يغضب البعض اذا قلت أن ما فعلته الحركة الاسلامية من بشاعة في الحكم هو جزء اصيل من معظم الاحزاب . فاذا كانت لبقية الاحزاب برامج مقنعة للمواطن لالتف حولها ولما تمكن انقلابي ولكن الحقيقة هي ان معظم الاحزاب تحمل بذرة انقلاب وقهر وقمع ..والسبب بسيط وهي ان غياب الفكر يولد القمع والاستعلاء المميت..
نواصل

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ليست ازمة احزاب انها ازمة نخبة ونطلعات صغارالضباط كونت نحالف بين النخب والعسكرتاريا تارة مع الشبوعيون والقوميون العرب واخرى مع الاسلامين من اخوان وسلفيه وكيران وجمهوربون بالاضافة للانتهازين هذه الاحزاب ليست السبب انما المذكورين اعلاه لم يتيحو الاحزاب القيام بواجبها لترسيخ الوعى

  2. ليست ازمة احزاب انها ازمة نخبة ونطلعات صغارالضباط كونت نحالف بين النخب والعسكرتاريا تارة مع الشبوعيون والقوميون العرب واخرى مع الاسلامين من اخوان وسلفيه وكيران وجمهوربون بالاضافة للانتهازين هذه الاحزاب ليست السبب انما المذكورين اعلاه لم يتيحو الاحزاب القيام بواجبها لترسيخ الوعى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..