قانون الصحافة.. هنالك شبح يجول

الخرطوم: علاء الدين محمود
مسودة قانون جديدة للصحافة والمطبوعات تغزل نسيج بنودها “جهة غير معلومة” هذه الجهة تودع مسودتها التي صنعتها بعيدا عن أيدي الصحفيين كشأن القوانين السابقة التي ظلت تطبخ في غرف ضيقة إلى مجلس الورزاء، وتقول مصادر إن مجلس الوزراء قد استلم فعليا المسودة دون أن يكشف عن مودعها، وأن المسودة في طريقها للبرلمان لأجل إجازتها في هدوء دون ضجيج.
وفي تصريحات متوفرة قال عضو لجنة صياغة مسودة قانون الصحافة الجديد محمد مصطفى الضو، في وقت سابق إن اللجنة انتهت من صياغة مسودة قانون الصحافة بمشاركة اتحاد الصحفيين “الدورة السابقة”، وستخضعها للنقاش والحوار الواسعين “حتى يحظى باجماع كافة الأطراف” !!! وربما يشير الضو إلى مسودة قانون 2012 التي شكلت لها لجنة إعداد شارك فيها اتحاد الصحفيين، وفرغت إلى إعداد قانون وكان محيي الدين تيتاوي الرئيس السابق للاتحاد، قد أكد أن مشروع القانون يتضمن إضافة إلى أصل القانون للعام 2009م، مقترحات جديدة خاصة بتعديل عدد عضوية المجلس من «21 – 15» عضواً، بجانب مقترح بتفرغ رئيس المجلس. وقال تيتاوي إنه تمت مراجعة كل الجزاءات التي أوصى بها مشروع القانون الأخير. وأشار إلى أنهم سيضعون كل المقترحات أمام ممثلي الأحزاب والناشرين والصحافيين في ورشة كبيرة، ليتم عرض توصياتها على البرلمان. وهو القانون الذي انتاشته كذلك سهام النقد وتم وصفه بالقمعي.
وبالأمس كانت ذكرى الاحتجاج الشهير الذي نظمته جموع الصحفيين بقيادة شبكة الصحفيين السودانيين أمام المجلس الانتقالي المعين آنذاك في عام 2008م لأجل المطالبة بقانون ديمقراطي للصحافة وهي الوقفة التي انتهت ب63 صحفياً من الذين شاركوا في تلك الوقفة إلى حراسة قسم أم درمان جنوب، قبل أن يتم إطلاق سراحهم بعد ساعات توجهوا بعدها إلى مقر صحيفة الصحافة حيث عقدوا مؤتمرا صحفيا دعوا فيها إلى قانون ديمقراطي بالضغط على شريكي السلطة آنذاك الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، وعلى الرغم من أن تلك المجهودات لم تؤتِ أكلها إلا أن الصحفيين سجلوا وقتها موقفا للتاريخ.
وفي دهاليز مظلمة كان الشريكان يعدان لقانون بعيدا عن الصحفيين وربما بموافقة بعض منهم، وهي العملية التي نتج عنها قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م وهو القانون الذي جاء مشابها لقانون عام 2004م وظل شبح الرقابة يجول في كل نصوصه وبنوده مما دعا الصحفيون إلى رفضه لكنه القانون الذي ظل سائدا.
وقال خبراء في الإعلام لحظة إجازة القانون السائد في عام 2009، إن شبح الرقابة يجول داخل نصوص القانون نصا نصا وبندا بندا
وبينما يرى اتحاد الصحفيين في دورته السابقة أن القانون الحالي ينطوي على كثير من المكتسبات التي يجب أن يُبنى عليها، ويرفض المشاركة في صياغة مشروع قانون جديد بما يعرض حقوق الصحفيين ومكتسبات اتحادهم للهدر، ترى شبكة الصحفيين أن القانون لم يُصَغ أساساً من قبل الصحفيين بل فرض عليهم، مطالبين بإسقاطه كاملاً.
وقال حينها نبيل أديب المحامي، إن القانون الجديد نسخة طبق الأصل من القانون القديم دون تعديلات كثيرة ولا توجد به تغييرات إلا جهة الاسوأ عن القانون القديم وقدم أديب جملة من الانتقادات على كثير من المواد الواردة في القانون واصفا إياها بالمقيدة للحريات وواصفا القانون ككل بأنه لا يتماشى مع متطلبات ما بعد اتفاق نيفاشا والدستور الانتقالي.
وكانت مجموعة من الصحافيين السودانيين قد اعدت عددا من ورش العمل حول مشروعات قوانين الصحافة والمطبوعات واستدعى نبيل أديب مرة أخرى مشروع القانون الذي تقدموا به، وقال إنهم حين تقدموا بذلك القانون للتحول الديمقراطي أكدوا على ضمان الدولة لحرية الصحافة حتى تتمكن من اداء رسالتها، وأكدوا على عدم جواز مصادرة الصحف أو تعطيلها أو توقيفها، مؤكدا أن كل تلك المساعي قد انتهكها قانون 2009م.
غير أن الغائب الأكبر في هذا القانون الذي اجيز بالإجماع هو حقوق الصحفي نفسه، حقوق الشخص الممارس للمهنة وعلى رأسها الحقوق المادية والحقوق المتعلقة بالأجور والوصف الوظيفي ووضع الصحفي من حيث حقوقه المادية داخل المؤسسة التي يعمل داخلها، القانون لم يعالج هذه المسألة إلا من حيث وضع بندا يتعلق بالحد الأدنى، ويقول الرجل إن وجود قانون يهمل هذه الجوانب يسهم تماما في إهدار حقوق الصحافيين ويعلي في نفس الوقت من إرادة العقوبات، ويقول المراقب الصحافي إنه يرفض تماما وجود قانون للصحافة.
ويبدو أن الحديث عن قانون جديد لما بعد مرحلة الشراكة كان موجودا وفي وقت سابق دار حديث عن مسودة قانون جديدة أطلق عليها مسودة قانون الصحافة لعام 2012م وهي المسودة التي لم تطرح للنقاش.
ويرى صحافيون أن العبرة ليست في وجود قانون ديمقراطي ولكن في الانتهاكات التي يمكن أن تمارس ضد أي قانون يوضع
غير أن وجود جهة تسعى إلى صنع قانون جديد بعيد عن أعين الصحفيين وتمريره إلى المجلس الوطني، ربما يقود إلى جدل جديد حول قانون الصحافة والمطبوعات وأي الأيادي تلك التي تصيغ مواده.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..