الجزاء من جنس العمل..!

يوسف الجلال

نظرت الى الوشائج بين الصوفية وبين الحكومة، فهالني ما رأيته من غضبة صوفية حامية على حكومة الإنقاذ، بمزاعم أنها أشاحت بوجهها عن أهل التصوف، وبمظان أنها انصرفت عنهم إلى مناصرة السلفيين..! فتعجبت طويلاً من صدمة المتصوِّفة في حليفهم، الذي ساندوه بكل ما يملكون، ثم من بعد ذلك حصدوا الحصرم والفتات.!

ومصدر استغرابي ومنبع تعجبي في أنه فات على المتصوفة أن الإنقاذ هي صاحبة امتياز مدرسة البراغماتية في الممارسة السياسية السودانية. ومن هنا فلا عجب في أن تتخلص حكومة الحركة الإسلامية من مشائخ ومريدي الطرق الصوفية، بعدما عبرت إلى الضفة الأخرى للبحر الأحمر، حيث المرجعية السلفية، وحيث لا توجد مساحة للتصوف أو المتصوفة..!

وودت لو تأمل أهل التصوف ملياً في تاريخ الإنقاذ، لوجدوا ما يواسيهم في ما يسمونه محنة انصراف الحكومة عنهم إلى غيرهم من المذاهب. ففي ذلك التاريخ ما يدلل على أن الإنقاذ تملك قدرة مبهرة في فسخ التحالفات، والتفسُّخ من حوصلة المرجعيات، متى دعت الحاجة لذلك، لدرجة أنها شرعت ? حالياً – في تعديل بعض القوانين، بما في ذلك المادة المتعلقة بالزي المحتشم، ومادة حرية التدين، وذلك بعدما اشترطت عليها أمريكا، وأملت عليها تعديل مثل تلك القوانين حتى تُرفع العقوبات كلياً عن السودان. وطبعاً كلكم تعلمون أن الحكومة ظلت ترفض طلب المعارضة بتعديل تلك المواد، بل وظلت تدمغ المعارضة بأنها دمية في يد أمريكا، وأنها تسعى لكي تشيع الفاحشة في الناس. والآن تأتي الحكومة لتقوم بتعديل تلك المواد صاغرة كسيرة، لأن أمريكا تريد ذلك، بما يؤكد أن الحكومة تزايد بأمر الدين ليس إلا، وأنها لا تؤمن بضرورة حاكميته.

والناظر إلى العلاقة بين أهل التصوف، وبين الحكومة، سيجد أنها تعيش حالة من الاهتزاز، جعلت غالبية مشائخ الطرق الصوفية، يصدعون بما ظل مخبوءاً في الصدور، مثل قولهم إن الحكومة تظاهر التيارات السلفية، وأنها مكّنت المحسوبين على تلك التيارات، من السيطرة على المؤسسات الرسمية المعنية بأمر الدعوة والفتوى، مقابل تهميش التشكيلات الصوفية.

وبغض النظر عن صحة تلك المزاعم من عدمها، وبغض النظر عن صحة مسألة التصوف نفسها، فإن غضبة الصوفيين تكشف عن سوء تقديراتهم التي جعلتهم يظاهرون الإنقاذ ويدعمونها دعماً سخياً في سنواتها الباكرة. لدرجة أن كثيراً من المحللين السياسيين يصنِّفون الطرق الصوفية كرافعة مذهبية صعدت عليها الإنقاذ غداة الإجهاز على الديمقراطية، وذلك بعدما استدعتها استدعاءً انتهازياً، لتصوِّر للناس أنها انقلبت على حكومة الصادق المهدي حفاظاً على بيضة الدين..! مع أن الحكومة المُنقلب عليها قائمة على برنامج الصحوة الإسلامية والدولة الإسلامية الذي تبناه حزبا الأمة والاتحادي توالياً.

المثير للاستغراب أن ذلك الادعاء انطلى على غالبية مشائخ الطرق الصوفية، ولذلك طفقوا يبذلون الدعومات للانقلابيين، إلى أن ترسخت ركائز دولتهم. ولكن ما أن وجدت الإنقاذ نفسها مضطرة لإنهاء تحالفها غير المنكور مع إيران، وإبرام تحالف جديد مع السعودية خصمها القديم، حتى جأر المتصوفة بأن الحكومة قامت بتهميشهم. ومع أن مثل هذه المزاعم لا تخلو من تدليس، إلا أن حديث مشائخ الطرق الصوفية، يبدو وجيهاً إذا نظرنا لسلوك الحكومة المرابية التي ظلت تتبضع في سوق المواقف، تبيع موقفاً وتشتري آخر، منذ أن جاءت للناس في ليل الثلاثين من يونيو، وحتى نهار الناس هذا..! ولذلك ليس من الغرابة أن ينفض تحالف الصوفيين والإنقاذيين، لأنه قائم أصلاً على المصلحة، وليس على شئ آخر، بدليل أن مشائخ الصوفية يتحدثون الآن حول أن تمثيلهم في حكومة الوفاق الوطني أقل مما قدموه للإنقاذ، وأنه أدنى من تاريخهم..!

الصيحة

تعليق واحد

  1. لقد حملت الصوفية جريرة بقاء الانقاذ جاثمة على صدور المغلوبين على أمرهم لهذه العقود من الزمان … وأنت تعلم جيدا أن النظام ارسى قواعده بالتمكين والاستحواذ على مفاصل الدولة غير عابيء بالصوفية أو بغيرها فصارت جميع القوات النظامية من جيش وشرطة وأمن في قبضته .. ولا مكان لآخر من غير قبيلة البني كوز .. باستثناء من يشترونهم لتلميع الصورة .. وهؤلاء ظلوا كالخاتم في الاصبع .. يستبدولونهم من حين لأخر .. ولم يلتفتوا إلى أحد سوى من حمل السلاح في مواجهتهم وهم استرضوا منهم من استرضوا … وصاروا ابواقا يتحدثون باسمهم ويأتمرون بأمرهم .. لم تكن الصوفية أو أي طائفة دينية ينطبق عليها الوصف الذي جاء في صدر حديثك “لدرجة أن كثيراً من المحللين السياسيين يصنِّفون الطرق الصوفية كرافعة مذهبية صعدت عليها الإنقاذ غداة الإجهاز على الديمقراطية”… بل السبب الوحيد هو أنهم خططوا ومازالوا يخططون للبقاء إلى أن يسلموها “عيسى” على حد زعمهم … لأنهم لا يرون أحدا في الساحة … وقد قالها صراحة “نافع” بأنهم لم يجدونها “باااااردة” ولذلك لا يسلمونها بأخوي وأخوك وكما قال أيضاً ” نحن نهز ضراعنا والعاوزها يهز ضراعه” .. يعني بالدراجي ” الموضوع رجاااااله” باختصار شديد..

  2. كلام صاح يا عبد العزيز ،،، والدليل على ذلك المتشعوذين والسحرة ينتمون الى طرق صوفية وخريجي خلاوي ,,,

    س سؤال ,, هل في صدر الاسلام او بعد ذلك كان الناس يلبسون ثياب ملونة ويذكروا الله بالفاظ قريبة ويضربون الطبول ،،، او ايا من الممارسات الذي يمارسها امثال الامين الذي يعرف ابجديات قراءة القرآن ,,, وكل الشيوخ في السودان يغضون الطرف ولا يتجرأ احد ان يتكلم عنه وهو ينتمي للطريقة القادرية التي اتت من العراق ووجدت مرتعا خيبا من الجهل في السودان ، ام التيجانية التي اتت من المغرب وغرب افريقيا. بلد منكوب وومحنه انحنت النحن نفسها..

    الصوقية وعبادة الاشخاص هي سبب التدهور الانساني والخضوع والخنوع والذلة

  3. عهدتك متوازناً في طرح آراءك ، لكنك في هذا المقال أطلقت أحكاماً عامة و حكمت من ظاهر الأشياء دون تحقيق في واقعها ، و لم تراعي إننا في زمن تعلوا فيه أصوات من لا يمثلوا واقعنا في كافة مناحي الحياة ، و لأن النظام لا يتورع على تدنيس كل ما هو جميل فينا ، من تقاليد و مورثات ثقافية.

    أركان الدين ثلاثة: (الإسلام ، الإيمان ، الإحسان) ، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان:

    (وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)

    وفق منهج يستمد أصوله وفروعه من القرآن و السنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص ، فهو علم كعلم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده – كغيره من العلوم – جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه علم التصوف وعلم التزكية، وعلم الأخلاق.

    و لطبيعة البشر ، فقد ظهرت الظواهر المخالفة من المدعين و خلافه (أغلبها عوامل سياسية) منذ بدايات ظهور التصوف لذا تجد بعض الأئمة قد وضعوا له ضوابط و معايير ، كالأمام الجنيد (القرن الثالث الهجري) حيث قال:

    (الطرق كلها مسدودةٌ على الخلْق، إلا على مَن اقتفى أثَر الرسول – صلى الله عليه وسلم – واتبع سنته، ولزم طريقته، فإنَّ طُرُق الخيرات كلها مفْتوحة عليه)

    و ذكر معايير من يُقتدى به (الشيخ المرشد) ، بهذه القواعد:

    (من لَم يحفظ القرآن، ولَم يكتب الحديث، لا يُقتدى به في هذا الأمر ، لأنَّ علمنا هذا مُقيَّد بالكتاب والسُّنَّة)

    وساق في “الحلية” بسنده:

    (علمنا مضبوط: بالكتاب والسُّنَّة، من لَم يحفظ القرآن ولَم يكتب الحديث، ولَم يتفَقَّه، لا يُقتَدَى به)

    هذه مقدمة لا بد منها و إن كنت أعلم إنها لا تغيب عليك إلا إنها ضرورية للقارئ ليعلم على أي قاعدة أرتكز في رأي.

    كما أن للتصوف طبيعته و ظروفه من بلد لآخر ، لكن من ناحية عامة فإن مكانته محفوظة و متقدمة في السودان تاريخياً ، رغم الإحن و المصائب و رغم الفارق الكبير بين عقيدة النظام و روح التصوف (لا يلتقيان فكرياً أو عقائدياً).

    ظروف كثيرة ، خصت أهل التصوف الحق بالسودان بمفاهيم خاصة عن فكر و عقيدة الأخوان المسلمين ، فقد ترسخ لهم يقيناً ، إنهم أبداً لا يلتقيان ، و تجدنا في ذلك سباقين عن سائر الدول الإسلامية خاصةً مصر ، منشأ فكر الأخوان و مرجعية المسلمين الدينية (الأزهر ، علوم الدين ، علم التصوف ….).

    في الفترات السابقة لإنقلاب الإنقاذ ، خاصة عهود الديمقراطية و الفترة الإنتقالية ، كان الراحل د. الترابي يركز غالب إنتقاداته و هجومه ، في ندواته و محاضراته (تلفزيون ، لقاءات ، ندوات) على شيوخ التصوف و ضباط الجيش ، و قد لازمه هذا التوجه الفكري تقريباً طيلة مسيرته ، إلا إنه بعد إعتقاله المرة الأولى من قبل حيرانه (نظام الإنقاذ) ، قد توقف من مهاجمة شيوخ التصوف ، لأنه عندما قبض عليه و إبتعد عنه الجميع ، حتى أقرب خاصته ، زاره في محبسه بعض من الشيوخ الذين أفنى جهده في نقدهم و إحتقارهم ، حيث أثر فيه هذا الموقف ، و هز وجدانه ، و غير من تعامله معهم (بعد أن غدر به حيرانه و فقد سلطانه) ، و الله أعلم بما في النفوس ، لكني أعتقد أن موقفه الأول ، كان نابعاً من فكر عقيدة التنظيم و تأصيل لأفكار حسن البنا ، رغم معرفة الترابي السابقة بمتانة و مكانة التصوف في السودان ، و تشاء إرادة ربك أن تتغير الأقدار (محبسه) و يعرف مقدار الرجال ، لكنها السياسة و شغل الدنيا.

    بهذه الخلفية ، يتضح لنا التوجه العام بين التصوف و فكر التنظيم الحاكم من التنافر و التباعد ، و لم يستثنى التنظيم الحاكم أهل التصوف (بإعتبارهم من مكونات المجتمع) ، من إدراجهم في خططهم التدميرية للمجتمع و الوطن (هندسة المجتمع ، المشروع الحضاري …) ، تحت مسميات و شعارات زائفة متعددة بهدف تحطيم هذه الشريحة المؤثرة في المجتمع.

    و إتخذ ذلك عدة صنوف و أشكال من إختراق و إستغلال حاجات و بالطبع لم يغلبوا حيلة في إيجاد من يدعون التصوف (أمثال شيخ الأمين و غيره).

    كما أنشأوا كيانات تدعي الإهتمام بالتصوف و تولى ذلك شواطينهم أمثال المدعي الصافي جعفر (الذكر و الذاكرين) و غيره , (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ…)

    و كتمهيد لإعطاء حكمي النهائي على ما ذكرته بمقالك ، لا بد لي من ذكر واقع من الحياة لتقريب المفاهيم:

    لكل طريق من طرق التصوف ، سمات عامة يُعرفون بها و إن توحدوا في الإطار العام (التقيد بالكتاب و السنة ، المقدمة أعلاه) ، لكن طوال تاريخ التصوف في السودان ، لم يدخلوا الصوفية في صراعات سياسية ، كمجموعة و كيان كامل ، و ربما دفعهتهم الظروف لمشاركة مجتمعاتهم الشأن العام (مجاعة ، ظلم ، جور و إعتداء) ، لكنهم في نفس الوقت لا يحجرون على أتباعهم عدم المشاركة في الشأن العام و بالتالي التوجه السياسي.

    و كتوجه عام ، في السودان و بقية أنحاء الأرض ، و منذ الأزل ، لم يرفض المتصوفة من يطرق بابهم من المسلمين (و حتى من غير المسلمين) ، مهما كانت خلفيته ، سواء أن كان سكيراً ، عربيداً ، صعلوكاً ، …. إلخ ، فهم يتولون الجميع بالرعاية و الإهتمام ، مبدأهم في ذلك ، أن هذه الشرائح أولى بالإهتمام (ولهم في ذلك تاريخ طويل و تراث) ، غالب المتصوفة يتجنبون الإعلام و الصحافة ، خاصة في العهود الغابرة ، كعهدنا هذا ، لذلك ما يذاع و ينشر في الإعلام ، لا يعكس الواقع الحقيقي لهم ، إنما يعكس وجهة نظر النظام ، و هذا كان يحدث على مر التاريخ.

    أجدك بنيت مقالك على ما ينشر بوسائل الإعلام ، رغم علمك بزيف و ضلال هذه الوسائل الموجهة من النظام ، و كان عليك أن تجرى بحوثاً محايدة من واقع الحياة و من أهل الشأن المعنيين ، و ليس بعقلية الصافي جعفر و عصام بشير و شيخ الأمين ، فالكلمة مسؤولية ، و تحرى عن من إستنكر تغول متطرفي الفكر السلفي ، ستجد إنهم لا علاقة لهم بطبالي النظام ، و إنهم لا يظهرون في الإعلام إلا لماماً و عند الخطب ، و بعد أن يستفحل الأمر.

    كثير ممن لهم صلات بالتصوف ، قاموا بمجهودات مقدرة لكشف تغول الفكر المتطرف السلفي (المناهج الدراسية ، و غيرها) ، و قدموا النصح لمخاطر هذا الفكر على المجتمع (من منبر النصح ، و ليس منبر الكسب السياسي).

    من حيث لا تشعر (بإفتراض حسن النية) ، خلطت الأمور على الرأي العام ، و شككت في دوافع هذه الدعوة ، و خلطت الصالح بالطالح ، و أعليت من راية الغلو و التطرف.

    لدينا مثال لأحد كتاب الراكوبة ، الذي يجري بحوثاً و إستقصاءً للحقائق ، قبل أن ينشر مقاله و يطرح أراءه ، مثل الأستاذ بابكر محمد بابكر ، و ربما غيره كثر ، فبعض القضايا الحساسة لا يجب طرحها كموضوع سبق صحفي أو (شوفوني).

    و أرجو أن تعذرني فالأمر يشكل أهمية لتوجهات الرأي العام ، و أتمنى أن نرى ما يجبر هذا الشرخ.

  4. لقد حملت الصوفية جريرة بقاء الانقاذ جاثمة على صدور المغلوبين على أمرهم لهذه العقود من الزمان … وأنت تعلم جيدا أن النظام ارسى قواعده بالتمكين والاستحواذ على مفاصل الدولة غير عابيء بالصوفية أو بغيرها فصارت جميع القوات النظامية من جيش وشرطة وأمن في قبضته .. ولا مكان لآخر من غير قبيلة البني كوز .. باستثناء من يشترونهم لتلميع الصورة .. وهؤلاء ظلوا كالخاتم في الاصبع .. يستبدولونهم من حين لأخر .. ولم يلتفتوا إلى أحد سوى من حمل السلاح في مواجهتهم وهم استرضوا منهم من استرضوا … وصاروا ابواقا يتحدثون باسمهم ويأتمرون بأمرهم .. لم تكن الصوفية أو أي طائفة دينية ينطبق عليها الوصف الذي جاء في صدر حديثك “لدرجة أن كثيراً من المحللين السياسيين يصنِّفون الطرق الصوفية كرافعة مذهبية صعدت عليها الإنقاذ غداة الإجهاز على الديمقراطية”… بل السبب الوحيد هو أنهم خططوا ومازالوا يخططون للبقاء إلى أن يسلموها “عيسى” على حد زعمهم … لأنهم لا يرون أحدا في الساحة … وقد قالها صراحة “نافع” بأنهم لم يجدونها “باااااردة” ولذلك لا يسلمونها بأخوي وأخوك وكما قال أيضاً ” نحن نهز ضراعنا والعاوزها يهز ضراعه” .. يعني بالدراجي ” الموضوع رجاااااله” باختصار شديد..

  5. كلام صاح يا عبد العزيز ،،، والدليل على ذلك المتشعوذين والسحرة ينتمون الى طرق صوفية وخريجي خلاوي ,,,

    س سؤال ,, هل في صدر الاسلام او بعد ذلك كان الناس يلبسون ثياب ملونة ويذكروا الله بالفاظ قريبة ويضربون الطبول ،،، او ايا من الممارسات الذي يمارسها امثال الامين الذي يعرف ابجديات قراءة القرآن ,,, وكل الشيوخ في السودان يغضون الطرف ولا يتجرأ احد ان يتكلم عنه وهو ينتمي للطريقة القادرية التي اتت من العراق ووجدت مرتعا خيبا من الجهل في السودان ، ام التيجانية التي اتت من المغرب وغرب افريقيا. بلد منكوب وومحنه انحنت النحن نفسها..

    الصوقية وعبادة الاشخاص هي سبب التدهور الانساني والخضوع والخنوع والذلة

  6. عهدتك متوازناً في طرح آراءك ، لكنك في هذا المقال أطلقت أحكاماً عامة و حكمت من ظاهر الأشياء دون تحقيق في واقعها ، و لم تراعي إننا في زمن تعلوا فيه أصوات من لا يمثلوا واقعنا في كافة مناحي الحياة ، و لأن النظام لا يتورع على تدنيس كل ما هو جميل فينا ، من تقاليد و مورثات ثقافية.

    أركان الدين ثلاثة: (الإسلام ، الإيمان ، الإحسان) ، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان:

    (وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)

    وفق منهج يستمد أصوله وفروعه من القرآن و السنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص ، فهو علم كعلم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده – كغيره من العلوم – جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه علم التصوف وعلم التزكية، وعلم الأخلاق.

    و لطبيعة البشر ، فقد ظهرت الظواهر المخالفة من المدعين و خلافه (أغلبها عوامل سياسية) منذ بدايات ظهور التصوف لذا تجد بعض الأئمة قد وضعوا له ضوابط و معايير ، كالأمام الجنيد (القرن الثالث الهجري) حيث قال:

    (الطرق كلها مسدودةٌ على الخلْق، إلا على مَن اقتفى أثَر الرسول – صلى الله عليه وسلم – واتبع سنته، ولزم طريقته، فإنَّ طُرُق الخيرات كلها مفْتوحة عليه)

    و ذكر معايير من يُقتدى به (الشيخ المرشد) ، بهذه القواعد:

    (من لَم يحفظ القرآن، ولَم يكتب الحديث، لا يُقتدى به في هذا الأمر ، لأنَّ علمنا هذا مُقيَّد بالكتاب والسُّنَّة)

    وساق في “الحلية” بسنده:

    (علمنا مضبوط: بالكتاب والسُّنَّة، من لَم يحفظ القرآن ولَم يكتب الحديث، ولَم يتفَقَّه، لا يُقتَدَى به)

    هذه مقدمة لا بد منها و إن كنت أعلم إنها لا تغيب عليك إلا إنها ضرورية للقارئ ليعلم على أي قاعدة أرتكز في رأي.

    كما أن للتصوف طبيعته و ظروفه من بلد لآخر ، لكن من ناحية عامة فإن مكانته محفوظة و متقدمة في السودان تاريخياً ، رغم الإحن و المصائب و رغم الفارق الكبير بين عقيدة النظام و روح التصوف (لا يلتقيان فكرياً أو عقائدياً).

    ظروف كثيرة ، خصت أهل التصوف الحق بالسودان بمفاهيم خاصة عن فكر و عقيدة الأخوان المسلمين ، فقد ترسخ لهم يقيناً ، إنهم أبداً لا يلتقيان ، و تجدنا في ذلك سباقين عن سائر الدول الإسلامية خاصةً مصر ، منشأ فكر الأخوان و مرجعية المسلمين الدينية (الأزهر ، علوم الدين ، علم التصوف ….).

    في الفترات السابقة لإنقلاب الإنقاذ ، خاصة عهود الديمقراطية و الفترة الإنتقالية ، كان الراحل د. الترابي يركز غالب إنتقاداته و هجومه ، في ندواته و محاضراته (تلفزيون ، لقاءات ، ندوات) على شيوخ التصوف و ضباط الجيش ، و قد لازمه هذا التوجه الفكري تقريباً طيلة مسيرته ، إلا إنه بعد إعتقاله المرة الأولى من قبل حيرانه (نظام الإنقاذ) ، قد توقف من مهاجمة شيوخ التصوف ، لأنه عندما قبض عليه و إبتعد عنه الجميع ، حتى أقرب خاصته ، زاره في محبسه بعض من الشيوخ الذين أفنى جهده في نقدهم و إحتقارهم ، حيث أثر فيه هذا الموقف ، و هز وجدانه ، و غير من تعامله معهم (بعد أن غدر به حيرانه و فقد سلطانه) ، و الله أعلم بما في النفوس ، لكني أعتقد أن موقفه الأول ، كان نابعاً من فكر عقيدة التنظيم و تأصيل لأفكار حسن البنا ، رغم معرفة الترابي السابقة بمتانة و مكانة التصوف في السودان ، و تشاء إرادة ربك أن تتغير الأقدار (محبسه) و يعرف مقدار الرجال ، لكنها السياسة و شغل الدنيا.

    بهذه الخلفية ، يتضح لنا التوجه العام بين التصوف و فكر التنظيم الحاكم من التنافر و التباعد ، و لم يستثنى التنظيم الحاكم أهل التصوف (بإعتبارهم من مكونات المجتمع) ، من إدراجهم في خططهم التدميرية للمجتمع و الوطن (هندسة المجتمع ، المشروع الحضاري …) ، تحت مسميات و شعارات زائفة متعددة بهدف تحطيم هذه الشريحة المؤثرة في المجتمع.

    و إتخذ ذلك عدة صنوف و أشكال من إختراق و إستغلال حاجات و بالطبع لم يغلبوا حيلة في إيجاد من يدعون التصوف (أمثال شيخ الأمين و غيره).

    كما أنشأوا كيانات تدعي الإهتمام بالتصوف و تولى ذلك شواطينهم أمثال المدعي الصافي جعفر (الذكر و الذاكرين) و غيره , (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ…)

    و كتمهيد لإعطاء حكمي النهائي على ما ذكرته بمقالك ، لا بد لي من ذكر واقع من الحياة لتقريب المفاهيم:

    لكل طريق من طرق التصوف ، سمات عامة يُعرفون بها و إن توحدوا في الإطار العام (التقيد بالكتاب و السنة ، المقدمة أعلاه) ، لكن طوال تاريخ التصوف في السودان ، لم يدخلوا الصوفية في صراعات سياسية ، كمجموعة و كيان كامل ، و ربما دفعهتهم الظروف لمشاركة مجتمعاتهم الشأن العام (مجاعة ، ظلم ، جور و إعتداء) ، لكنهم في نفس الوقت لا يحجرون على أتباعهم عدم المشاركة في الشأن العام و بالتالي التوجه السياسي.

    و كتوجه عام ، في السودان و بقية أنحاء الأرض ، و منذ الأزل ، لم يرفض المتصوفة من يطرق بابهم من المسلمين (و حتى من غير المسلمين) ، مهما كانت خلفيته ، سواء أن كان سكيراً ، عربيداً ، صعلوكاً ، …. إلخ ، فهم يتولون الجميع بالرعاية و الإهتمام ، مبدأهم في ذلك ، أن هذه الشرائح أولى بالإهتمام (ولهم في ذلك تاريخ طويل و تراث) ، غالب المتصوفة يتجنبون الإعلام و الصحافة ، خاصة في العهود الغابرة ، كعهدنا هذا ، لذلك ما يذاع و ينشر في الإعلام ، لا يعكس الواقع الحقيقي لهم ، إنما يعكس وجهة نظر النظام ، و هذا كان يحدث على مر التاريخ.

    أجدك بنيت مقالك على ما ينشر بوسائل الإعلام ، رغم علمك بزيف و ضلال هذه الوسائل الموجهة من النظام ، و كان عليك أن تجرى بحوثاً محايدة من واقع الحياة و من أهل الشأن المعنيين ، و ليس بعقلية الصافي جعفر و عصام بشير و شيخ الأمين ، فالكلمة مسؤولية ، و تحرى عن من إستنكر تغول متطرفي الفكر السلفي ، ستجد إنهم لا علاقة لهم بطبالي النظام ، و إنهم لا يظهرون في الإعلام إلا لماماً و عند الخطب ، و بعد أن يستفحل الأمر.

    كثير ممن لهم صلات بالتصوف ، قاموا بمجهودات مقدرة لكشف تغول الفكر المتطرف السلفي (المناهج الدراسية ، و غيرها) ، و قدموا النصح لمخاطر هذا الفكر على المجتمع (من منبر النصح ، و ليس منبر الكسب السياسي).

    من حيث لا تشعر (بإفتراض حسن النية) ، خلطت الأمور على الرأي العام ، و شككت في دوافع هذه الدعوة ، و خلطت الصالح بالطالح ، و أعليت من راية الغلو و التطرف.

    لدينا مثال لأحد كتاب الراكوبة ، الذي يجري بحوثاً و إستقصاءً للحقائق ، قبل أن ينشر مقاله و يطرح أراءه ، مثل الأستاذ بابكر محمد بابكر ، و ربما غيره كثر ، فبعض القضايا الحساسة لا يجب طرحها كموضوع سبق صحفي أو (شوفوني).

    و أرجو أن تعذرني فالأمر يشكل أهمية لتوجهات الرأي العام ، و أتمنى أن نرى ما يجبر هذا الشرخ.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..