مقالات وآراء سياسية

قنبلة حميدتي الموقوتة، هل حانت ساعة الانفجار؟

محمود سراج

كان سقراط يجالس تلاميذه، يتبادلون الحوار فيما بينهم يأخذون ويردون على سقراط وهو يصحح ويقيم ويعلم، يخوضون فى موضوعات شتى مختلفة ومتنوعة بعدد تشعب الآراء واختلاف طرق الدنيا من حولهم، لكن فى هذه الدائرة التى يتعالى منها الكلام كأنها رحى حرب وتتطاير الأفكار بين الأستاذ وحوارييه، جاء أحدهم متبخترا مزهوا بنفسه، انيقا في ملبسه، فنظر إليه سقراط مطولاً، ثم قال جملته الشهيرة التى أصبحت مثلاً:
تكلم حتى أراك
قصد الفيلسوف العظيم من الكلام ان يدلي برأيه ويتحاور ولم يطلب من الشخص ان يثرثر حتي يراه.
تخيلوا ان سقراط العظيم كان يعيش في عصرنا هذا وفي وطن كالسودان، ولتعاسته كان حاضرا في الخيمة التي نصبها مني اركو مناوي قبل يومين، و رأي باذنيه حميدتي وهو يثرثر في مكبر الصوت، الذي لا شك فيه انه الفيلسوف المتيم بالحوار وتبادل الرأي كان سيهب واقفا ليقول: ياخوانا سكتوا الزول ده!
اظن وليس كل الظن اثما، ان مستشاري حميدتي لا يملكون الجرأة الكافية لينصحوه واخيه عبدالرحيم بالكف عن الحديث واعتلاء المنصات، او ضبط ذلك بخطب مكتوبة او نقاط متفق عليها، لان الثمن ابهظ بكثير وسيصبحان اضحوكتين، وما حدث في تركيا والحديث عن قدوم الاتراك للسودان عام 1955 اخر تلك المهازل.
حميدتي صنيعة اقدار هذه الامة التعيسة، شخص وجد نفسه في غفلة من تاريخ هذه الامة يعتلي صهوة هذا الوطن ويجلس هو واسرته علي تلال من الثروات ويملك جيشا جرارا ليحافظ علي المنصب والجاه، ونال اعلي الرتب العسكرية هو وآل دقلو دون ان يعرف ان تقع الكلية الحربية، ليقارن بكل غباء بين خريج الكلية الحربية و افراد مليشيته القبلية، ويصرح بكل صفاقة عن ان خريج كلية الجنجويد يتفوق علي خريج الحربية، وان من قام( عمر البشير) بمنحه رتبة الفريق قد عيًن القائد العام في قرار واحد، ضع نفسك مكانه، ماذا كنت تفعل؟( تم اجراء مونتاج لحديثه في صفحة الدعم السريع وحٌذفت العبارات الممعنة في الشطح)
ماذا كنت تفعل واحساس ان كل هذه القوة والسطوة والجاه لم تصنع منك شخصا محترما وجديرا بالتقدير؟
ماذا كنت تفعل وانت تعلم ان كل من حولك ينافقونك حبا في مالك او خوفا من سطوتك!
ماذا كنت تفعل وانت تري نظرات الاحتقار من اغلبية هذا الشعب والنظر اليك كشخص دموي سافك للدماء، وتفشل الاموال في ان تغسل تلك الدماء عن بدنك، لدرجة ان يظهر طفل صغير في برنامج تفاعلي ويرد علي سؤال مقدم البرامج عن اسم ملاكي السيئات والحسنات اللذان يجلسان علي منكبي الشخص، فيقول دون تفكير: حميدتي وحمدوك.
ما يفعله حميدتي ليس مجرد ثرثرة ليبرر مواقفه وتلميع للجنجويد، حميدتي يا اعزائي يهضرب، ويهذي، وستزيد نوبات الهضربة والهذيان كلما ضاقت عليه الحلقات، وتخلت عنه المحاور التي تدير السودان.
فشل في تكوين حاضنة سياسية من العمد والشرتايات والنظار لانه لا يقرأ الواقع وينظر لاعمار من صنعوا التغيير الذين يرفضون حتي السلطة الابوية دعك من النظار والشرتايات.
تخلي عنه من ارتزق لصالحهم وباع دماء ابناء الوطن من اجل حفنة من الاموال ولكسب ودهم، فاصبح يبحث عن محور يظنه معاديا في تركيا وقطر، دون ان يكلف نفسه عناء ان ينظر للخارطة السياسية.
انتهي دوره لدي الدول الغربية بعد استتباب الوضع في ليبيا و طالبت امريكا بوضوح ضرورة توحيد الجيش السوداني، فيهضرب حميدتي: كيف ندمج قوات الدعم السريع في الجيش؟ الدعم السريع قوة كبيرة، ولا يعلم ان خطورتها في انها قوة كبيرة اصبحت توازي القوات المسلحة ولا توجد دولة في العالم بجيشين والا اندلعت فيها الحروب،وانعدم في ربوعها الاستقرار فما بالك بدولة موبوءة بالجيوش والمليشيات دون دمج وتوحيد؟
اسر الشهداء وجهت اصابع اتهامها مباشرة له بارتكاب مجزرة القيادة العامة، و ظهرت فيديوهات توضح موكبه في حرم القيادة في تلك اللحظات الدموية، فثار شمشون ليهدم المعبد علي الجميع وهو يردد: انا ذنبي شنو!
اما الطامة الكبري فهي الاشارة الكبري له في جلسات المحكمة الجنائية لتوجيه الاتهام لعلي كوشيب، حيث اشار محامي الدفاع الي حميدتي وموسي هلال كقادة للجنجويد باوامر مباشرة من قادة النظام السابق، ثم جاءت المدعية العامة فاتو بن سودا للسودان وطالبت بتسليم احمد هارون للمثول امام المحكمة قبل يوليو 2021، وبين هارون وحميدتي ما صنعت روسيا.
حميدتي وقواته قنبلة موقوته كلما مر الوقت اصبحت اكثر خطورة وتقترب لحظات انفجاره، امام الجميع التحرك فورا لمواجهة خياراتهم، اما ابطال هذه الكارثة او التجهيز لما بعد الانفجار.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..