الضربة القاضية

ليس أقسى ولا أوجع على المواطن وهو يشاهد الفضائيات تتسابق في السخرية من وطنه أو شعبه أو حتى قيادات بلده مهما وصلت درجة الإختلاف بينهم ووصلت لأبعد مستويات الخلاف، وليس أمامك سوى أن تتلمس وجعك بدمعة ألم حارة، أو أن ترفع يديك للخالق بأن يزيح عن بلادك الأذي الجسيم الذي جثم على صدرها ثلاثون عاماً.
السخرية في القنوات الفضائية لم يأت به المواطن السوداني طيلة عمره، فهو مثال للأخلاق والقيم والذكاء، والكثير من الصفات التي تعتبر ماركة مسجلة بإسم المواطن السوداني، وجعلت له مكانة محببة في دواخل كثير من الشعوب، ولكن سياسات وخواء فكر(المسؤولين)السبب الرئيسي والأساسي في كل ما وصلنا إليه لنكون مثار سخرية وضحك من حولنا.

وقمة الإحراج عندما يقرأ صديق لك من جنسية أخري تصريحات مخجلة لوزراء وكبار المسؤلين بالدولة، فيسألك بإستغراب (إنتوا متأكدين أن الناس اللي حاكماكم دي سودانية؟).وأنا بدوري أوجه السؤال لمن (في يده القلم)، حقيقي إنتوا الناس دي سودانية؟ ولا من كوكب آخر؟

حادثة الضب والسحلية والتمساح والصرصور والحدية، تؤكد تسرب الاخلاق والقيم والنزاهة ووضعها في يد بعض من لا اخلاق لهم، ولا دين ولا ضمير، ورغم ذلك تجد من يدافع عنهم بل ويخرج البيانات والتي سرعان ما يكشف ادعائها عند تصريح لمسؤول آخر على شاكلة عندما جأت الإنقاذ كان كل واحد منكم عندو (قمصين) أو الصابونة أو الشحادين.
تصريحات تدل علي غياب المعلومة والجهل بأبسط أدواتها، وهذه الصفة تلازم معظم وزراء ومسؤولي الإنقاذ المتعاقبين بما فيهم معظم وزراء الأحزاب الموالية.
ولعل في عمود سابق أوجزنا هذه الظاهرة سرد بعض التصريحات(المشاترة)، ونذكر تصريحات لوزير المالية الاسبق وهو يؤكد ان (تدهور سعر الصرف ليس انهياراً اقتصاديا)، بل وفي بعض الدول يعد (تطورا في الاقتصاد).
تصريحات ليس بينها والذكاء علاقة، ولن نقول بينها والغباء شعرة حتي لا نجد أنفسنا في موقف المدافع عن رأي غالبية الشعب .
مسؤولين لا يخافون الله في شيء، وطبيعي اللا يخافوا الشعب وهم يصرون على لي عنق الحقائق ويعتمدون على اللف والدوران حول الأسباب الحقيقية لأزمة الوطن، ويغضون الطرف عن رؤوس الفساد التي أنهكت عظم الإقتصاد وجعلته (هريسة) وعد فضيحة تسريب امتحانات الشهادة لكم ان تتخيلوا الى أي مدي وصلنا.
كل ذلك لن يتأتي إلا بالاصلاح والتغيير الجذري الذي لا يقبل القسمة علي 2 .الإصلاح الذي اعنيه هو المبني على إعادة هيكلة الإنسان وإعادته إلى ماقبل عام 89 أولاً.
وفي النهاية اقول لا إصلاح بدون الإعتراف بكافة الأخطاء التي تم إرتكابها في حق الوطن والمواطن، ووضعها على طاولة نقاش في الهواء الطلق، وإشراك كافة القطاعات في حلحلة (العقدة) والتي يجب ان تبدأ بمغادرة هذا النظام، أملاً في الوصول لنهاية (الدوامة) التي أُجبر المواطن على ولوجها قسراً.
بغير ذلك لن يتغير الواقع وسنظل ندور في فلك نظام هش متهالك أوهن من (بيت العنكبوت) ولكنه لم يجد بعد المعارضة القوية والقادرة على صرعه بالضربة الوطنية القاضية.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..