أزمة إدارة

الصحف وكل وسائل الإعلام وحتى وسائل التواصل الاجتماعي ظلت تكشف لحكومة ولاية الخرطوم وعلى مدار السنوات كل مشاكل الولاية، وتقدم لها الحلول الناجعة والأفكار والوصفات المفيدة جداً والتي يمكن أن تنقل الخرطوم في عامين فقط من أوسخ عاصمة في العالم إلى الأنظف والأجمل، ورغم ذلك تصر على العمل بطريقة ساقية جحا التي ترفع الماء من البحر وتعيده إليه، حكومة الخرطوم لم تقتنع أبداً بكل ما يقوله المواطنون واستعدادهم للعمل معها رغم إنهم الأكثر حرصاً على تطور الخرطوم، لا أدري ما هو السبب المنطقي، هل لأن الحكومة تكره النجاح والناجحين، وعليه فالمسؤولون في الولاية يفضلون الفشل حتى يستمرون في مناصبهم، أم انهم يتعمدون الإبقاء على هذه الدوامة باعتبارها بقرة حلوباً يتوارثونها بمباركة حزبهم الذي يعيش على حساب الشعب، أم انهم جميعاً يعانون من خلل في التفكير يجعلهم يرون الأمور عكس ما يرى كل المواطنين،
أنظروا إلى استراتيجية تطوير الخرطوم، وبرنامج (زيور كوش حفر عطش) الذي ابتدعه محمد حاتم نائب الوالي، إستراتيجية تطوير معناها خطط وبرامج تنفذ على مراحل وأزمان وتراعي كل المشاكل وتعالجها حسب الأهمية، ويفترض أن موضوع النظافة والشوارع مضمن في الخطة بمعالجات قصيرة وطويلة المدى، وعليه ليس من حق أي شخص القيام ببرنامج من عنده خارج الاستراتيجية والخطط، وعليه برنامج محمد حاتم ليس له معنى، لأنه سيكون هناك اهدار للمال خاصة ما يتعلق بالشوارع التي لا تحتاج إلى ترقيع وإنما إعادة تأهيل.
برنامج محمد حاتم أكمل شهرين تقريباً، وقد كشف هو عما أنجزه خلال هذه الفترة، فقد قال إنه تمت إزالة 2424 (كوشة) ورصف 3230 حفرة خلال 58 يوماً وقال إن الفترة القادمة سيكون التركيز على تقوية نظم الاستمرارية للمحافظة على ما تم إنجازه ومنع عودة الكوش وتسريع آليات الاستجابة لرصف الحفر وامداد شبكات المياه لتغطي عموم الولاية وأطرافها، رغم انه مسؤولية التوصيلات هي واجب هيئة المياه ولا أعتقد ان لها مقدرة على تغطية الخرطوم حتى الأطراف كما يتخيل محمد حاتم، وتوصيلات المياه لن تغطى الخرطوم في ظل هذه الفوضى أبداً، ثم السؤال المهم كم عدد الحفر في شوارع الخرطوم حتى رصف منها 3230 حفرة وكم تبقى فحسب علمنا مأساة الشوارع انها غير مطابقة للمواصفات ولذلك تتحفر، فليس هناك شارع يكمل العام دون أن يتحفر، هذا غير إن هذا العدد من الحفر يوجد في شارعين أو ثلاثة، أما بالنسبة للكوش فهذا الرقم يوجد في محلية واحدة فقط وما زالت عربات النفايات تغيب عن الأحياء زمناً طويلاً وكل يوم تظهر كوشة، وعليه فهي لن تختفي أبداً ولن تختفي الحفر ولا العطش ولن تنجح استراتيجية تطوير الخرطوم مالم تتبع الحكومة طريقة مثالية في إدارتها وليس بطريقة ساقية جحا، إذاً المشكلة الأساسية تكمن فيمن يديرون العاصمة.
التيار