أخبار السودان

الكفرة الليبية تتحول إلى خيمة مفتوحة للاجئين السودانيين

تحولت مدينة الكفرة الليبية إلى خيمة كبيرة للاجئين السودانيين الفارين من جحيم الهرب الأهلية المندلعة في بلادهم منذ أبريل 2023 بين قوات الجيش والدعم السريع.

وتعتبر الكفرة أبرز مدن جنوب شرق ليبيا وتبعد مسافة تتجاوز 1700 كلم عن العاصمة طرابلس و1000 كلم عن مدينة بنغازي، وهي تخضع لسيطرة الجيش وتقع إداريا تحت نفوذ الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب برئاسة أسامة حماد.

واطّلع، الأحد، وفد من الأمم المتحدة على الجهود المبذولة من حكومة حماد، لاحتواء التحديات الناتجة عن موجات النزوح من السودان إلى مدينة الكفرة.

وقالت الحكومة إن الوفد الأممي الذي زار مدينة الكفرة لبحث التحديات الإنسانية والصحية، يضم نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا جورجيت غانيون، وممثلين عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في ليبيا، ومنظمة الصحة العالمية في ليبيا، إضافةً إلى ممثلين عن وكالات الأمم المتحدة الأخرى، والهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

وتابعت أن الوفد أكد التزام الأمم المتحدة بدعم الجهود الرامية إلى تلبية الاحتياجات الأساسية، وتقديم الدعم اللازم لمدينة الكفرة لتحسين الاستجابة الإنسانية والصحية في مواجهة هذه الأزمة.

ونادت غانيون بضرورة “تقديم الدعم اللازم لبلدية الكفرة، لتلبية الاحتياجات والتحديات الإنسانية المتزايدة جراء تدفق اللاجئين السودانيين عليها، وقالت إن “السلطات المحلية والمجتمعات المضيفة في الكفرة وفي جميع أنحاء ليبيا يساعدون اللاجئين السودانيين بشكل فاعل”، مشددة على أن “هناك حاجة ماسة إلى المزيد من الدعم لتلبية الاحتياجات والتحديات الإنسانية المتزايدة بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية”.

وبحثت غانيون التي كانت مرفقة بوفد من رؤساء وكالات الأمم المتحدة العاملة في ليبيا ضم منظمة الصحة العالمية واليونيسف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي، الوضع الإنساني للاجئين السودانيين مع القادة المحليين والفرق التي تدعمها الأمم المتحدة وتقدم المساعدة الإنسانية للاجئين بالتنسيق مع السلطات المحلية بالكفرة.

وكانت الأمم المتحدة في ليبيا أطلقت خطة الاستجابة للاجئين السودانيين في ليبيا للعام 2024 والتي تنسقها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهدف تقديم الدعم للجهود التي تقودها السلطات والمجتمع وضمان تقاسم المسؤولية مع دولة ليبيا والسلطات المحلية والسكان الليبيين.

بيان بعثة الاتحاد الأوروبي أشار إلى أن أكثر من 1200 لاجئ سوداني يدخلون ليبيا يوميا من مدينة الكفرة

وأوضح مدير المكتب الإعلامي بالمجلس البلدي للكفرة عبدلله سليمان أنّ نحو 40 ألف لاجئ سوداني لم يتلقوا أيّ مساعدات غذائية دولية منذ شهري يناير وفبراير، حيث قدمت قيادة بلاده مواد غذائية لهم خلال تلك الفترة، وأشار إلى أن السلطات المحلية في الكفرة لا تملك القدرة على تقديم معونات كبيرة لهم، لكنه لفت إلى تعهدات قدمتها نائب الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا لسلطات الكفرة خلال زيارتها واجتماعها بالمجلس البلدي بتقديم دعم لكل القطاعات خاصة الصحة، حتى تتمكن سلطات المدينة من التعامل مع التحديات التي يفرضها وجود أعداد كبيرة من هؤلاء النازحين واللاجئين.

وأبرز سليمان أن اللاجئين السودانيين يقطنون في أكثر من 50 تجمعا سكنيا تحيط بمدينة الكفرة، يوجد أغلبها في المزارع والمستودعات وبعض المساكن القديمة، بينما يقف الآلاف من اللاجئين والنازحين السودانيين في طوابير طويلة أمام مقر مركز الهجرة غير الشرعية بمدينة الكفرة، على أمل الحصول على مساعدات من القوافل الإغاثية التي ينظمها الجيش الليبي، في مشاهد تعكس حجم المعاناة التي خلفتها الحرب في السودان.

ويؤكد شهود عيان أن مدينة الكفرة الصحراوية ذات الكثافة السكانية المنخفضة تحولت إلى مقصد للاجئين السودانيين سواء القادمين عبر الحدود المشتركة بين البلدين أو من خلال عبور الأراضي التشادية أو المصرية.

وفي العاشر من يوليو الجاري أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخصيص 500 ألف يورو كتمويل إنساني لمنظمة الصحة العالمية، بهدف توفير الرعاية الصحية الأوليّة إلى اللاجئين السودانيين الوافدين إلى ليبيا.

وأوضح بيان بعثة الاتحاد الأوروبي أن أكثر من 1200 سوداني يدخلون ليبيا يوميًا من الكفرة، ويمثل هذا الرقم زيادة بمقدار ستة أضعاف مقارنة بشهر ديسمبر 2023، وأضاف أن ما يقرب من نصف هؤلاء الوافدين هم من النساء والأطفال.

الكفرة تعتبر أبرز مدن جنوب شرق ليبيا وتبعد مسافة تتجاوز 1700 كلم عن العاصمة طرابلس و1000 كلم عن مدينة بنغازي

وحسب البعثة ستقوم منظمة الصحة العالمية وفق التقرير بإرسال فرق طبية، تضم متخصصين في الصحة النفسية، بالإضافة إلى توفير مستلزمات ومعدات لتعزيز الخدمات الصحية في 6 مرافق للرعاية الصحية الأولية، مشيرة إلى أنه سيتم إنشاء عيادات متنقلة لتقديم العلاج الطبي مباشرة للسودانيين، لافتة إلى أن هذا التدخل الإنساني سيركز على المناطق الحدودية، التي تضررت أكثر من العدد المتزايد من السودانيين المستضعفين الفارين من الصراع.

وترى أوساط ليبية أن عواصم غربية عدة تسعى إلى إبقاء اللاجئين السودانيين في الكفرة وتشجع السلطات الليبية على عدم السماح لهم بالاتجاه نحو الشمال خشية ركوبهم قوارب الموت في اتجاه السواحل الأوروبية، لكنها لا تقدم المساعدات الضرورة الكافية للسلطات المحلية.

وتقول تقارير محلية إنه رغم جهود البلدية ووزارة الصحة شرق ليبيا والجهات التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي أصدرت أكثر من 19 ألف شهادة صحية، إلا أن المساعدة المقدمة ليست كافية. وتقدم منظمات مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والمنظمة الدولية للهجرة دعما ولكنه لا يغطي سوى 10 في المئة من احتياجات اللاجئين السودانيين.

وأوضح رئيس غرفة الطوارئ في وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها إسماعيل العيضة أن عدد اللاجئين السودانيين القادمين إلى المدينة بلغ أكثر من 40 ألف لاجئ، بينهم مصابون بأمراض وبائية، و أنهم سجلوا 780 حالة مصابة بالتهاب الكبد الوبائي، و112 حالة بفقدان المناعة المكتسبة “الإيدز” و28 حالة بالدرن الرئوي المعدي و108 حالة بالملاريا بين اللاجئين السودانيين.

وكشفت بيانات رسمية صادرة عن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا عن ترحيل 985 مهاجرا سودانيا نصفهم تقريبا مصابون بأمراض وبائية، كما أشارت الإحصائيات إلى أن العدد الأكبر من عمليات الترحيل، التي شملت 763 مهاجرا، تمت في شهري مايو ويونيو فقط.

عواصم غربية عدة تسعى إلى إبقاء اللاجئين السودانيين في الكفرة وتشجع السلطات الليبية على عدم السماح لهم بالاتجاه نحو الشمال

وفي أوائل يوليو الجاري، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن توسيع خطة الاستجابة الإقليمية لمساعدة اللاجئين السودانيين بإضافة دولتي ليبيا وأوغندا.

وقالت في بيان إنه “مع استمرار انتشار تأثير الصراع في السودان، تسعى المفوضية إلى الحصول على موارد إضافية لدعم الملايين من الأشخاص الذين أجبروا على الفرار”.

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن حوالي 130 ألف سوداني موجودون حاليًا في ليبيا، منهم حوالي 30 ألفا وصلوا بعد بدء الصراع في البلاد، مع تأكيدها على وجود تجمع كبير في الكفرة، أغلب المنتسبين إليه يريدون الانتقال إلى طرابلس للتسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو إلى بنغازي.

وبحسب جاكومو تيرينزي، رئيس تطوير البرامج والدعم بالمنظمة الدولية للهجرة، فإن ليبيا تعد وجهة رئيسية لتدفقات اللاجئين والمهاجرين، وهي تسمح بدخول اللاجئين السودانيين وتقدم لهم مختلف أشكال المساعدة، غير أن هذه المساعدات أصبحت محدودة في الفترة الأخيرة وتتطلب دعما إضافيا.

ويرى تيرينزي أن “الجالية السودانية في ليبيا تشارك بنشاط في مساعدة اللاجئين الوافدين حديثا وأسرهم، لكن في ظل تزايد عدد السودانيين الوافدين منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، وخاصة بعد نوفمبر 2023 عندما أصبحت المساعدات والخدمات المقدمة محليا من خلال المرافق العامة محدودة وتتطلب دعما إضافيا”.

وبحث رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة مع المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، ملف الهجرة غير النظامية، وآلية توحيد الجهود المحلية والدولية بشأنها، وأوضاع اللاجئين السودانيين في مدينة الكفرة، لكن مراقبين محليين وإقليميين يرون أن أطرافا سياسية تحاول تجيير الأوضاع الإنسانية المتدهورة في أوساط اللاجئين السودانيين بمدينة الكفرة لتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي.

وفي فبراير الماضي، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إن اللاجئين السودانيين الذين دخلوا ليبيا هربا من الصراع في بلادهم سيعاملون مثل الليبيين في جميع المجالات وخاصة التعليمية والصحية. وتزامن ذلك مع حديث الدبيبة عن جهود يبذلها لحلحلة الأزمة ووقف الحرب في السودان وذلك عبر عقد لقاء مباشر بين القائد العام للجيش رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.

الحبيب الأسود ـ صحيفة العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..