مابين البوشي وجماهير ام روابة كسر هيبة الحكومة

أضحي الهتاف ضد منسوبي الحكومة بضرورة خروجهم أو الهتاف بسقوط حكمهم في اكثر من محفل سوداني أمراً عادياً في الاونة الاخيرة بل انه وصل حد القذف بالاحذية والكراسي في بعض المرات ولا تسعنا المساحة هنا لرصد هذه ( الظاهرة ) لذا عزيزي القارئ تعال نتناول حادثين منها بالتحليل ، الاول حادثة الشاب بوشي بندوة جامعة الخرطوم والتي وجه فيها حديثه للدكتور نافع علي نافع الاكثر شهرة بين رموز قيادة الانقاذ بالبطش والتنكيل*1 والمتهم الرئيس بأنه مهندس بيوت الاشباح سيئة السمعة ، رمي الشاب البوشي في وجهه كل ما يقال عنه همساً ولم يكن الكلام حول جبنه أو محسوبته وثراء ابناءه بغريب علي الناس ولكن الغريب كان أن يفصح به أحد وفي وجهه مباشرة والشاب قائل الكلام يعلم تبعات ما قاله من تنكيل سيطاله قريبا وربما فقد حياته بسبب ذلك ولكنه في شجاعة منتهية النظير القي به ولم يخب ظن الناس في اجهزة الامن فسرعان ما تم اعتقال الشاب وصرح ربيع عبد العاطي أحد رموز الحكومة أن أعتقال البوشي قد طال بسبب تعديه ( بالحديث ) علي رمز من رموز الحكومة .
المثال الثاني طرد معتمد ام روابة والتظاهر ضده عندما جاء متفقداً مواطني مدينه بعد (24) ساعة من اجتياحهها من قبل قوات الجبهة الثورية ، نعم تظاهروا ضده وطردوه رغم انهم يعلمون أن وراء كل فشل عسكري للجيش السوداني تعلق كل الاخفاقات علي شماعة (الطابور الخامس ) وتبدأ حملة التنكيل بالمواطنيين العزل في المدينة فسلاح الحكومة اصلا موجه ضد مواطنيها لا للزود عن حدودها*2
اذا في كلا المثالين ورغم العلم التام لكل الاطراف أن المقاومة ستكلف من قام بها اعلي الفواتير من اعتقال وتنكيل وتصل احيانا للتصفية الجسدية الا انهم قاموا بها وفي رأي الشخصي ان السيل قد بلغ الزبي وتكسرت هيبة هذه الحكومة التي صرفت علي تأمينها الملايين من اموال بلادنا في تقوية اجهزة امنها ودفاعها المسمي (شعبي) للبطش بالمعارضين ويبدو أن زمان الخوف قد ولي.
بخاري الامين
[email][email protected][/email]
_________________________________________________________________
1. (إن ما يميز تجربة التعذيب الذي تعرضت له في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 1989م ببيت الأشباح رقم واحد الذي أقيم في المقر السابق للجنة الانتخابات أن الذين قاموا به ليسوا فقط أشخاصا ملثمين بلا هوية تخفوا بالأقنعة, وإنما كان على رأسهم اللواء بكري حسن صالح وزير الدفاع الراهن ورئيس جهاز الأمن حينئذ, والدكتور نافع علي نافع الوزير ورئيس جهاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم اليوم ومدير جهاز الأمن حينئذ)
من رسالة الدكتور فاروق محمد ابراهيم للرئيس السوداني عمر البشير.
(2) الفشقة ، حلايب اراضي سودانية الاولي محتلة من اثيوبيا والثانية من مصر.
بخارى يا زول يا رائع لك عاطر التحاياولأسرتك الكريمة خالص الود
ثم : لا خير يرتجى فى زول بعثى حتى لو كان صدام حسين نفسه ، وانت عارف كده كويس وعارف معنى حزب بعث دى شنو ولا داعى للتفصيل أكثر فقد وصلت الرسالة .
أريدك بخير وسلام
من الغباء الاعتماد علي فكرة ان الثورة السودانية ماتت في مهدها عقب عمق النظام لها مستخدما عنفا غير مسبوق في انتهاك واضح وصريح لحقوق الانسان، والمعروف تاريخيا انه اذا ما بدأت الشعوب في الاستيقاظ من غفلة الانظمة الظالمة فان الصحة سستواصل ان طال الزمن أو قصر، لذلك فاعتماد النظام علي فكرة ان الشعب استسلم للذل والمهانة سيتسمر الي ان يرث الله الارض وماعليها انما هو غشاوة يضعها الله علي عيون الطغاة ويتركهم في غيهم يعمهون، والاخطاء التي ارتكبها النظام منذ انطلاقة الثورة السودانية تختنقه وتحشره كالكلب في زقاق ضيق، في السياق التالي نستعرض بعض علامات استمرار الثورة ورحلة سقوط النظام:
اولا: فشل النظام في اخماد نار الثورة رغم انه ظل يسيطر علي الحكم مدفوعا بقوة جهازه امنه الذي بدأ يفقد صوابه ازاء أي تجمع يجمع بين مجموعة من الناس، وقد بدأت علامات انهيار النظام وتاكله من الداخل تظهر في سياق استمرار التظاهرات وسيادة ثقافة الاعتصامات ونا كان ذلك علي فترات مبتاعدة، وكان تحرير ابناء ام ودوم لمدينتهم عقب استشهاد احد اطفالها وطرد والي الخرطوم ومعتمدها شكلا من اشكال تصاعد الثورة ومواصلة الحفر في جدار الخوف الذي كبل الشعب طوال 24 عاما، كما ان تظاهر ابناء مدينة ام روابة التي احتاجتها قوات الجبهة الثورية التي تناضل في مناطق الهامش ضد والي شمال كردفان وحملهم حمار في اشارة الي ان الحمار افضل من الوالي قبل رجم سيارته بالجحارة وطرد الوفود المرافق له، ابلغ دليل علي ان استمرارية الثورة وصولا للانهاك التام للنظام الايل للسقوط.
ثانيا: المحاولة الانقلابية وصراع اقطاب النظام ورؤوسه علي السلطة وتصفية بعضهم البعض دليل اخر علي ان الضغط الشعبي المستمر احدث اختراق في جدار النظام الذي بدأ يتصدع، ثم تاتي الاحداث المتلاحقة لعل اهمها ما بات يعرف بضربة اليرموك واقتراب قوات الجبهة الثورية من العاصمة، والحدثان كشفا عن حالة الضعف التي بلغها النظام بعد ان بدأت بوادر التمرد في أوساط القوات المسلحة والشرطة.
ثالثا: هلع النظام بات واضحا للعيان وتصرفاته الرعناء تضيق الخناق عليه يوما بعد وتفقده الدولة ممثلة في رئيسها هبيتها، فالهتاف ضد رئيس الدولة وتشبيهه بتشبيهات ساخرة امعانا في اذلاله يعني نهايته، كما ان فضح فساد اركان النظام بكامل طاقمه سارع في عملية تاكله من الداخل بعد ان بدأ ان اللصوص اختلفوا اخيرا.