الصحافة السودانية .. مازالت مقيدة

الخرطوم:حسين سعد
احتفل العالم أمس السبت باليوم العالمي لحرة الصحافة، الذي يصادف الثالث من مايو من كل عام ،وفي السودان جاء عيد صاحبة الجلالة لكنه لم يحمل أي تغيير في واقع الانتهاكات التي تطال السلطة الرابعة التي مازالت (مقيدة) بحبال من (مسد)،وبالرغم من الأجواء التي يتحدث عنها البعض ويصفونها بالجيدة عقب خطاب الرئيس ، إلا أن تقارير وبيانات المنظمات الخاصة بالحريات الصحفية لاسيما شبكة الصحفيين السودانيين وشبكة صحفيون لحقوق الانسان والهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات فضلا عن المنظمات العالمية ،أكدت استمرار الانتهاكات وبشكل أكثر،وقالت شبكة الصحفيين إن الصحافة السودانية واجهت (القمع)إبان تظاهرات سبتمبر الماضي،وأشارت الي ان بعض الصحف رفضت الدخول الي بيت الطاعة والتطبيل للحكومة التي قمعت المتظاهرين بشكل وحشي ،حيث رفض الصحفيون وكذلك الصحف المنحازة للجماهير، وصف المتظاهرين والمحتجين بالخونة والمخربين، الأمر الذي دفع الشبكة لتصعيد احتجاجها لذلك القمع الوحشي وتنفيذها لاضراب ناجح عن العمل إحتجاجاً علي مقتل المئات من المحتجين والمتظاهرين بالرصاص الحي وإصابة مثلهم من الجرحي الذين مازال غالبيتهم يتحركون والرصاص في أجسادهم،وبالرغم من الحديث عن رفع الرقابة عن الصحف إلا أن تلك القيود مازالت حاضرة وبأشكال مختلفة،فالصحافة السودانية أصبحت غالبيتها تابعة أومملوكة للمؤتمر الوطني الحزب الحاكم ،بينما مازال الحرمان من المعلومات ومن الإعلان سيفا مسلطا علي رقاب الصحفيين وصحفهم،لكن الأساليب الماكرة التي أدخلتها السلطات الأمنية شملت الاستدعاء للصحفيين وإلزامهم علي ملء استمارة بيانات،تشمل الهواتف والأصدقاء والمقربين منهم فضلا عن إقالة رئيس تحرير أو منع صحفيين أو صحفيات من الكتابة او إلغاء ترخيص الصحيفة بجرة قلم مثل أجراس الحرية وغيرها أو إغلاق الصحيفة كما حدث لرأي الشعب والتيار وألوان قبيل معاودتها لاحقاً،أومنعها من الطباعة ومثالنا هنا صحيفة الميدان التي ظلت ممنوعة من الطباعة لأكثر من عامين، وقال صحفيون إن حكومة انقلاب 1989 احتالت علي الصحافة وذلك من خلال وضعها لقوانين (93-96-99-2005-2009) ومازال القانون السادس الذي وصفه الصحفيون بالكارثي يطبخ بعيدا عن أهل المصلحة،وأشاروا الي أن الحكومة وبطريقة ماكرة كعادتها وضعت مسودة قانون الصحافة الذي لم يجد قبول حتي وسط منسوبيها ، وتري شبكة الصحفيين السودانيين ان الهدف من القانون القادم هو مزيد من القيود والمتاريس للصحافة ومعاقبتها وإجبارها علي الدخول في حجر الحزب الحاكم.الذي فشل في خلق صحافة خاصة به وذلك عندما أغرق السوق بصحف (الانقاذ الوطني-السودان الحديث-الرائد-الأنباء) لكنها لم تصمد بالرغم من الامكانيات المالية الكبيرة التي خصصت لها
الحديث عن الصحافة يفرض الاشارة الي القانون القادم للصحافة حيث منحت مسودة مشروع القانون صلاحيات واسعة للمحكمة وللجنة الجزاءات بمجلس الصحافة والمطبوعات لمعاقبة الصحفيين بالايقاف والغرامة وتعليق عمل المطابع وإيقاف الصحفيين والناشرين.ونصت بنود المسودة الجديدة التي وافق عليها المجلس الوطني في رئاسته على أن توقع المحكمة على كل من يخالف اللوائح، الغرامة وإيقاف المطبوعة للمرة التي تحددها المحكمة نفسها .كذلك منحتها الحق في تعليق عمل المطابع في حال تكرار المخالفة وايقاف رئيس التحرير أو الناشر أو الصحفي مرتكب المخالفة على حد المسودة الجديدة وذلك للمرة التي تحددها المحكمة.وفيما يتعلق بالجزاءات التي يمكن أن توقعها لجنة الشكاوي تنص المسودة الجديدة على إلزام الصحيفة بالاعتذار ونشر قرار المجلس بِشأن المخالفة وايقاف الصحيفة لمدة لا تزيد عن عشرة أيام.ومنحت ذات المسودة اللجنة الحق في إيقاف أو إلغاء ترخيص المطبعة أو المركز الأعلامي في حال مخالفة شروط الترخيص.
واقع الحريات الصحفية دفع عدداً من المنظمات الخاصة بالحريات وحقوق الانسان لاسيما حرية التعبير لإصدار بيانات إدانة واسعة لتلك الانتهاكات ويمكن أن نشير هنا إلي بيانات شبكة صحفيون لحقوق الانسان (جهر) وإلي تصريحات الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات التي قالت إنها تتابع بقلق شديد، التدهور المتسارع لأوضاع الحريات الصحفية في البلاد، والتضييق المستمر على الصحافة السودانية صاحبة التاريخ التليد في نشر التوعية والتنوير.إذن واقع الحريات الصحفية بالسودان لايحتاج منا الي إمعان النظروتقديم نماذج لما نقول لأن القيود التي تكبل الصحافة (علي قفا من يشيل) كما ان البلاغات الكيدية و(جرجرة )الصحفيين ورؤساء التحرير الي النيابات والمحاكم صارت شبه(يومية) بل الأمر وصل الي (جرجرة ) رؤساء التحرير والصحفيين الي الولايات لاسيما ولاية الجزيرة التي دونت بلاغات في مواجهة رؤساء تحرير صحف ،هذا الي جانب الاستدعاءات الأمنية للصحفيين والرقابة القبلية الأمنية المستمرة وحظر النشر في موضوعات بعينها خاصة إذا كانت قضايا فساد او انتهاكات لحقوق الانسان وغيرها من الموضوعات التي لا ترغب السلطات في إظهارها للرأي العام . مجمل حديثنا هو أن الحريات بالسودان (غائبة ومنهارة) لذلك صار تصنيف حرية الصحافة في السودان متدنياً. بحسب منظمة مراسلون بلا حدود، فقد أكد تقريرها الأخير لعام 2013م الصادر في يناير حيث صنفت دولة فنلندا برقم واحد ،وهولندا في المرتبة الثانية، والنرويج في المرتبة الثالثة. أما السودان فرقمه كان 170 من ضمن 179 دولة، وبنظرة خاطفة لتوزيع الصحف نجد ان نسبة توزيع الصحف السودانية (كلها) انخفض الي أكثر من (40%) في عام 2013، حيث كانت الصحف توزع (500) ألف نسخة في اليوم وانخفض إلى أكثر من (300) ألف نسخة، فيما توقفت (12) صحيفة خلال عام 2013 هي: (القرار، الأخبار، نون، الموج الأزرق، صدى الملاعب، الهلال، المريخ، الشبكة الرياضية، نيوسبورت، سوبر، فنون.وتصدر بالسودان (20) صحيفة سياسية بينها إثنين تصدران باللغة الانجليزية و(8) صحف رياضية و(4) إجتماعية وإثنين اسبوعيتين هما: (الأسواق الاقتصادية، وايلاف)، بالاضافة إلى ثلاث صحف اسبوعية تصدر من بورتسودان هي (بورتسودان مدينتي، صوت برؤت، امواج) وصحيفة (الأمكنة) التي تصدر من مدينة مدني،القضية الأخري التي تهدد الصحافة هي الزيادة الكبيرة لطباعة الصحف حيث زادت المطابع أسعار الطباعة بنسبة 40%بينما جعلت بعضها الزيادة بنسبة 30%، وعزت المطابع الزيادة الجديدة إلى ارتفاع سعر الدولار، والزيادة في أسعار الورق والحبر، من جهتهم إحتج ناشرو الصحف على تلك الزيادة واعتبروها غير منطقية، إضافة إلى أنها أيضا لا تتناسب مع الزيادة في سعر الورق، والحبر، والتي لم تصل في نسبتها الـ 10%، وكشف عدد من الناشرين عن عدم مقدرتهم مجابهة الزيادة الجديدة، في وقت تشهد فيه صناعة الصحافة صعوبات عديدة، لاسيما وإن أي زيادة مقابلة في أسعار الصحف أو الإعلان فيها ستأتي خصما على توزيعها، وعبئا إضافيا على قرائها، وطالبوا الدولة بالتدخل لحماية الصحف، والصحفيين من خطر التشريد، وذلك برفع كامل الرسوم، والضرائب المفروضة على الصحف.
الميدان