“ود الزعيم” في ذكراه الثامنة: تيارات الاتحاديين.. ورحلة البحث عن قائد لسفينة الوحدة

الخرطوم – الزين عثمان

على الجمر يقف الشيخ الستيني في انتظار مواصلات الثورة بالوادي، أمامها تتمدد الصينية ولوحة إعلانية لمشروب غازي اختار له المعلن عبارة (نكهة تتحدى الزمن) يتقي الشمس بالصحيفة التي يحملها معه في مشواره اليومي.. ثمة نظرة إلى أعلى تضعه في مواجهة الإطار الواحد للصورتين وهو الواقف أمام بيت السودانيين، إن شئت الدقة يستظل بالجدار الأخضر لمنزل الزعيم إسماعيل الأزهري الإطار فيه صورة رافع راية الاستقلال إسماعيل الأزهري الراحل في أغسطس من العام 1970 وصورة نجله محمد إسماعيل الذي غادر الدنيا في أبريل من العام 2006.. في ذات الخميس الذي كان يقف فيه الرجل في انتظار المواصلات كانت تعبر الذكرى الثامنة لرحيل محمد الأزهري.

محمد الذي عاجلته المنية إثر حادث حركة في مساء متأخر عن عمر يناهز الحادية والخمسين.. كانت لعبة القدر حاضرة معه، فابن الزعيم رحل في شارع السيد علي الميرغني ببحري وهو رئيس لتيار الهيئة العامة الذي كان يعارض طريقة إدارة نجل الميرغني مولانا محمد عثمان الميرغني لحزب الطبقة الوسطى.

القصة تبدو في شارعين: شارع الزعيم الأزهري في أمدرمان وصعود الجسر من أجل الهبوط في شارع السيد علي الميرغني..

“محمد قضى جل وقته بحثاً عن بناء جسر الوحدة الاتحادية”. الجملة التي قالها لليوم التالي القيادي الشاب في الحزب الوطني الاتحادي حسن بنطون ربما تصلح مدخلا للتساؤل حول مستقبل الوحدة بين التيارات المختلفة والمتصارعة، لكن بنطون الذي أكد أن الواقع الاتحادي كان سيكون أفضل في حال واصل محمد مسيرته عاد ليتساءل حول مسببات الاختلاف بين الأشقاء: اختلفوا ليه؟ هل للأمر علاقة بحالة المزاج السوداني العام أم أن ثمة صلة تربطه بالحالة الانتقالية في المجتمع السوداني؟ أم أن للأمر ارتباطا بالدور السلطوي في عملية تكسير الطبقة الوسطى التي كانت تدعم الحزب؟

حسن المحسوب على القيادات الشابة في التيارات الاتحادية ينظر لفكرة الوحدة الاتحادية والدعوة إليها طوال السنوات الفائتة بأنها كانت دعوات عاطفية تتم في صوالين دون أن تحدد الأهداف، وهو ما كان مختلفاً عند محمد الأزهري المقرب للشباب بحسب إفادة كثيرين ويقول حسن إن عبارة واحدة كانت هي كلمة السر (دعونا نحلم بإرجاع الحزب من حالة اختطافه وأن نصل كل الاتحاديين في مظانهم) ويردف حسن بأن مشهد التشييع كان يؤكد على المقبولية الكبيرة التي يجدها ابن الزعيم في أوساط الأشقاء بمختلف تياراتهم، إلا أن حسن في حديثه يعيدك بجملة أخرى مفادها أن “دعونا نطرح الوحدة ونحن أقوياء”.. حتماً الأمر يعيدك لمشهد اللحظة الاتحادية بتياراتها المختلفة فالشاب الممسك بملف الإعلام في الحزب الوطني الاتحادي يخبرك عن خطوات كبيرة قطعتها الاجتماعات في سبيل إعلان وحدة اتحادية تشمل (الوطني الاتحادي بزعامة يوسف زين العابدين وبرعاية أزرق طيبة مع الحركة الاتحادية التي يقف على رأسها صديق الهندي المنشق من حزب الدقير وثالثهم الاتحادي الموحد بزعامة جلاء الأزهري أو ما يمكن أن تسميها (الكتلة الأزهرية) إلا أن الأمر في المقابل سيكون نقطة في بحر الصراعات المتنامية، فالتيارات الأخرى تقف على النقيض من الدعوة إلى الوحدة أو أنها حددت مساراتها في الضفة الأخرى من نهر معادلة السياسة السودانية (حكومة/ معارضة)..

محمد كان مولعاً بالموسيقى وكان عازفاً ماهراً وله بعض المساهمات في إعادة توزيع بعض الأغنيات إلا أن مقربين من الرجل وتحديداً من الشباب كانوا يقولون إنه يملك قدرة كبيرة في إعادة توظيف أدوار الشباب لخدمة المشهد الاتحادي في نسخة ما بعد مؤتمر القاهرة وتداعياته بقيام مؤتمر المرجعيات مما أعاد مشهد صراع القداسة والسياسة في نسخته الإنقاذية دون أن يؤول إلى انتصار طرف على آخر بل استمرت المعادلة الاتحادية في انشقاقاتها التي تولد مزيداً من الانشطارات.

يبدو الحلم أبعد مما يتصور الجميع داخل أروقة التيارات الاتحادية؛ فالوحدة في ظل ما هو راهن يصعب تحققها على أرض الواقع؛ ليس بين التيارات المختلفة بل حتى داخل التيار الواحد تبدو مشاهد الاختلاف بارزة على السطح، وبشكل واضح جداً يمكنك أن تعود إلى مشهد المواجهة بين الناطق الرسمي للحزب الاتحادي الأصل إبراهيم الميرغني والقيادي علي السيد دون أن تتجاوز صراعات الشباب والدقير في الحزب الاتحادي الديمقراطي..

“تلك العوامل مع عوامل أخرى تتعلق بعمومية الحراك السياسي السوداني الماثل الآن تجعل من تحقيق وحدة التيارات الاتحادية أمراً بالغ الصعوبة إن لم يصل إلى الاستحالة..” هكذا يقول أحد كوادر الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الوسيطة قبل أن يعود بذاكرته إلى الوراء قليلاً مستعيداً شريطا من الذكريات له برفقة آخرين داخل بيت السودانيين بحسب توصيفه بمعية محمد إسماعيل الأزهري والذي قال بالرغم من إنه كان يستضيفهم لكن الأمر لم يجعلهم في حالة توافق تام فقد كانوا يختلفون ويقولون له إن هذا منزل السودانيين وزعيمهم وعليك المضي في خطه أو ترك الأمر، وهو ما حدث طوال حياته فقد ظل الرجل بعيداً عن السقوط في فخ مشاركة السلطة رغم الحراك الدؤوب لمجموعات متعددة لكنه انتصر عليها بدعم الشباب وكاريزما إسماعيل الأزهري.

الذكرى الثامنة لمحمد تمضي دون أن يحدث تغيير في مشهد الوحدة الاتحادية بين التيارات المختلفة من الأشقاء، وكل ما تبقى هو البيت الكبير وفي ساريته الراية القديمة وصورة الزعيم الأزهري وابنه محمد وحالة من الانتظار للمواصلات التي تقود إلى الثورة وإلى رجل يقود سفينة الأشقاء نحو الوحدة.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ايها الاتحاديون أتحدوا ولن يستطيع اى حزب الوقوف امام انجازات زعماء الحزب الوطنيين الشرفاء الذين قدموا التضحيات وكانوا شعلة مضاءة فى جبين هذا الوطن وهذه دعوة للم الشمل ويوجد من الكفاءات من تشربوا من الرعيل الاول ونحن على المبادءى سائرون وفى ذكراكم نكتسب القوة وما النصر الا باتحادكم

  2. كلام خارم بارم ولا يستحق النشر ولا حتى القراءة …عن اى اتحاديين تتكلم يا هذا هل الاتحاديين جناح الهندى ام جناح محمد عثمان ام الجناح الاصل ام الاجنحة المتفرعة ام الاجنحة المنبثقة ام الجناح المشارك مع البشير ام جناح وزارة التجارة ام الجناح الحردان ام جناح ام جكو؟كلام عجيب ولماذا يتحدوا اصلا عشان عشان تبقى المهزلة اوضح واروع مش كدا ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..