بعد العزاء لكسلا الثانوية في معمل الكيمياء

بسم الله الرحمن الرحيم

تألمت للخبر الذي أوردته سونا..عن حريق مخزن معمل الكيمياء..فكل المدرسة وهذا والمعمل جزء مني..وهو من المعامل القديمة الكاملة.التي انتشرت في كل مدارس السودان في السبعينيات.. اصدق ما جاء في الخبر ..هو ما روي عن (الاستاذ) عبد الله محمد خير..والذي عرف كفني معمل ..لك أن تعرف ان وظيفته في الأساس عامل..لكنه تفوق بإخلاصه على كل فنيي المعامل..فهو أكثر خبرة من الجميع..حتى في وجود فنيي معامل ..أما الآن..فلا وجود للفنيين ولا معامل تعادل تلك ..لماذا؟ أسمح لي عزيزي القارئ أن اعيد نشر مقال في هذا الخصوص بلا حذف أو إضافة..بعد العزاء للمدرسة

بسم الله الرحمن الرحيم
المعمل المدرسي ورواة الأخبار
على كثرة الفوارق في التعليم لدى المقارنة بين ماضيه وحاضره..تستوقفنى مقارنة بسيطة ومهمة.. وهي المعمل المدرسي ووضعه..فمن نال تعليمه في الماضي..قد تمتع بوجود المعمل المدرسي ..الذي كان يُهتم به كثيراً ..وحيث أن خرائط المدارس خاصة الوسطى ..كانت متشابهة ..فإن المعامل المدرسية لها وضعها المميز في الخريطة..دعك من المدارس الثانوية..فعند اغتيال المرحلة المتوسطة..ورثت المرحلة الثانوية بقية المعامل التي كانت تزود بها المدارس المتوسطة..ورغم أن كاتب هذه السطور كان أدبي المساق..إلا أنه لم يحرم من خلال تلقي تعليمه من التجارب المعملية حتى في المدرسة الأولية..فمن من جيلنا لا يذكر تجربة الجالون الذي كان يغلى الماء في داخله ويغلق ويصب عليه الماء البارد..ويرى النتيجة أمام ناظريه ويرسمها ؟..ومن من ذلك الجيل لم يشاهد تشريح ضفدعة أو أرنب في المرحلة المتوسطة؟ أو لم يأخذ حظه من التدقيق في شريحة تحت المجهر؟..ونقلب السؤال لنقول ..كم من جيل الانقاذ مر عليه شئ من هذا ..خاصة الذين لم ينالوا حظاً في التعليم الجامعي؟
لا أورد ما سبق في سبيل التحسر على راهن التعليم مقارنة مع حاضره كما اعتاد الناس..ولكن بغرض النظر في مغزى المآل..وهل كان انعدام المعمل المدرسي نتيجة لضعف الإمكانيات ..أم لخلل بنيوي في تفكير أهل التمكين؟
لا يمكنني أن أركن إلى ضعف الإمكانات تعليلاً لذلك..فالنظام ..عندما اختار أن يحول الحرب الأهلية في الجنوب إلى حرب دينية أدت في النهاية إلى الانفصال..ضمن عوامل أخرى..لم تعزه الهمة لاستقطاب الدعم وتوفير الميزانيات بكل صورها ومصادرها..فكيف لمن تمكن من تكديس السلاح والمباهاة بتصنيعه .. واعتاد منذ مجيئه أن يحشد الحشود في سبيل تبيان شعبيته ..أن يعجز عن تزويد المدارس بالمعامل !!؟
عليه فإن الراجح عندي هو الخلل البنيوي في في تفكير المتمكنين..الذي وصاهم مرشدهم في وصاياه العشر..بتعلم اللغة والخطابة ..والحفط من القرآن الكريم والمأثور..ولا تثريب عليهم في ذلك ..إن لم يكن فيه أهمال لجوانب أخرى..فقد رسّخت الدعوة ..منهاح رواة الأخبار وحفاظها..فصار الحفظ والتلقين والتقعر باللغة العربية سمة مميزة لهم..وترديد ما قال به الأولون ثقافة سائدة ..وأمعنوا في تسويدها ..بوضع ذلك في الأهداف العامة للتعليم ..على ما في ذلك من خطر كما أوردت في كتابات سابقة.
مخطئ من يظن أن غياب المعمل المدرسي ..يتوقف تأثيره السالب على ضعف ترسيخ المعلومة العلمية عبر التجريب والسمع والبصر والشم شهود..بل يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلك.
فغيابه يعني حفظ الناشئة للعلوم بكامل التسليم بلا تيقن ولا تجريب..في اتساق مع ثقافة الأخبار ..حيث لا يتوقف الأثر السالب في انتهاء فائدة الدرس بانتهاء الإجابة في الامتحان..ولكن النشأة في ظل المسلمات .. التي تُصب صباً في واعية الناشئة.. فتكون النتيجة جيلاً مردداً لما يقوله كباره..ولا يصلح بعدها ما يدرسه الطالب في الجامعات لتغيير مسلماته إلا للقليلين من الصابرين على المطالعة..فلا غرو أن تكون الماضوية سمة للكثيرين ..فهل لفتك عزيزي القارئ ..خريجو كرري العسكرية على انتقائهم ؟ وإلى أي منهج ديني يميلون ؟
كل الأفكار الكبرى الحديثة التي غيرت العالم ..فلسفة واجتماعهاً وفنوناً واقتصاد ..أنبنت على تطور العلم التجريبي..الذي يعزز من التفكير العلمي..في أجواء من حرية التفكير..لذا فغياب الإهتمام بالمعمل المدرسي في الواقع ..ترسيخ لما جاء من أجله النظام وفكره..فلا عجب من حصاد الهشيم.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..