بعد نهاية التاريخ ..!

«لا ضرر ولا ضرار» .. حديث شريف!

جون كوينسي آدمز ــــ سادس رؤساء الولايات المتحدة وابن ثاني رؤسائها ـــ هو أول من اقترح أن تحشر بلاده أنفها في شئون بقية البلاد والعباد، فأضحى احترام الآخرين لحقوق الإنسان فضيلة أمريكية تدعو إلى استتبابها ـــ بكثير من الحماسة ـــ سياستها الخارجية ..!

المبالغة في تفعيل اقتراح الأخ آدمز كانت في عهد الرئيس كلينتون حيث أصبحت السياسات والمصالح المحلية في أمريكا تؤثر وبشكل واضح في لون ورائحة سياساتها الخارجية .. أول سابقة شائعة تدلل على بداية الزحف الأمريكي الممنهج نحو شئون الدول والحكومات مماحكة الكونجرس بتعليق التعاون الاقتصادي مع الصين إلى حين وضوح موقفها من مطالب خارجيته بتغيير بعض قوانينها الخاصة بحرية الصحافة والتعبير ..!

قبل مبالغة أحفاد الرئيس آدمز في تفعيل مقترحاته كانت الوستفالية قاعدة سياسية أخلاقية تشدد على احترام الكيان السيادي الإقليمي لكل دولة، ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة بانتصارها، نجحت أمريكا فعلياً في تطبيق نظرية «نهاية التاريخ» .. وسرعان ما شاركتها الدول الغربية في تبني ذات المبدأ مع تفاقم أدوات الضغط والوعيد المفضي إلى التنفيذ ..!

لا داعي لإعمال النظر في السياسات الخارجية الأخلاقية الجديدة التي اتخذتها دول الغرب كغطاء للمصالح قبل مزيد من التأكيد على كونها لا تشمل الدول الكبرى أو حلفاءها .. والدليل أن أخلاقيات ومبادئ التدخل الإنساني لا ولم ولن تشمل سياسات وممارسات إسرائيل ..!

بعيداً عن تهمة الحذلقة التي قد تلحق بهذا السرد التاريخي لبعض الأسباب الخارجية الضالعة في أزماتنا الداخلية .. ألا تتفق معي على أنه ـــ وحتى ينجح التدخل الإنساني الذي تتخذ منه ذات السياسة الخارجية الغربية غطاء لحشر أنفها في شئوننا الداخلية ــ لا بد أن يكون ما تطالب الحكومات المغضوب عليها كحكومة السودان بتنفيذه (وفقاً لأجندة آدمز المذكورة آنفاً) قابلاً للتنفيذ عملياً؟! .. وأن تكون الحلول المستوردة ذات صلة بالسياق التاريخي لمعضلاتنا السياسية الغارقة حتى أذنيها في طمينا المحلي على نحو لا ولن ينجح في انتشالها منه إلا إنسان المكان ..؟!

النتائج والمآلات أثبتت ـــ ولا تزال حتى الآن ــــ أن التعامل الدولي الإنساني مع الوضع في دارفور لم يكن وفق فن الممكن ولم يتم بحسابات النسبية السياسية، ولم يضع في اعتباره خصوصية البعد التاريخي، ولم يستصحب في نداءاته رحابة البعد الاجتماعي للقضية، لذا فهو لم يكن موفقاً أبداً لا في فرض العقوبات ولا في افتراض الحلول ..!

وهكذا .. عوضاً عن أن يقدم التدخل الخارجي حلولاً تذكر في مشكلة الإقليم، أغرق الدولة حكومة و(شعوباً) في شبر الحركات المسلحة! .. لكن اتساع فضاء التجريب .. وغيوم الحيرة الدولية .. وانعدام المرجعية القانونية والسياسية لبعض سوابق السياسة السودانية يفتح باباً ما لبعض الحلول ..!

ومن بعض ذلك أنه يشد من أزر التدابير السياسية التي تستصحب التاريخ وتستشرف المستقبل بحسابات قومية بحتة .. فتقول كلمتها بلغة خطيبها حكيم «وطني» .. وفصيحها ناطق «وطني» .. وطني .. وطني .. وطني .. وليس مؤتمر وطني ..!

الراي العام

تعليق واحد

  1. ((النتائج والمآلات أثبتت ـــ ولا تزال حتى الآن ــــ أن التعامل الدولي الإنساني مع الوضع في دارفور لم يكن وفق فن الممكن ولم يتم بحسابات النسبية السياسية، ولم يضع في اعتباره خصوصية البعد التاريخي، ولم يستصحب في نداءاته رحابة البعد الاجتماعي للقضية، لذا فهو لم يكن موفقاً أبداً لا في فرض العقوبات ولا في افتراض الحلول ..!))
    ذكر هنري كسنجر في مذكراته أن السياسة الخارجية الامريكية مبنية على ان تتدخل في أية مشكلة في أية بقعة من العالم – حتى وان لم تكن هي التي خلقتها- ولا يلزم الوصول الى حلول..!!
    فاذا كان السودان في المخطط الاميركي: أحد الدول التي يجب ان لاتسنتقر – كما يتفق معي الكثيبرون جدا- أيا كانت حكومته، فكيف ننتظر منها حلا.. أقصد وزارة خارجيتها:الأمم المتحدة؟!؟

  2. منى مالك …..؟ فى شنو؟!
    بسم الله الرحمن الرحيم
    انتى فى سبب جابرك على القرضمة دى؟!
    مامحتاجة لى ده كلو

  3. على الرغم من أنني أحفظ عددً وافراً من المصطلحات السياسية والأكرينيمات والابرفييشنز إلا أنني لم أفهم معنى (الوستفالية) كما أن بحثي عبر الإنترنت لم يوصلني إلا إلى مقاطعة في ألمانيا بهذا الاسم تتخذ من الحصان الأبيض الواثب بشعره الأجعد على درع أحمر شعاراً لها.

    هل الحل المطلوب في دارفور والذي يستصحب البعد التاريخي يعني أننا يجب أن نراعي أن دارفور انضمت إلى السودان الكبير في عام 1916م؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهل يعني هذا التنازل عنها لصالح ليبيا أو تشاد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثم ما هو الفضاء الاجتماعي الذي لم يراعيه أهل الحل والعقد عند جلسوهم لحل مشكلة دارفور؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..