الإسلاميون يشنون حملة واسعة على تغيير المناهج في الأردن

تشن البعض من القوى الأردنية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، حملة على التعديلات التي شملت المناهج الدراسية، اتخذت منحيين؛ الأول القيام بعملية تضليلية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، والثاني التحرك ميدانيا لنسف تلك التعديلات التي تعد وفق الكثيرين ضرورية لتحديث وتطوير قطاع التعليم في المملكة.

العرب
عمان – أثارت التعديلات على المناهج الدراسية التي أقرتها وزارة التربية والتعليم في الأردن، بشكل غير نهائي، ضجة كبيرة في المملكة، وظفتها البعض من الأطراف وفي مقدمتها التيارات الإسلامية لضرب السلطة التنفيذية بدعوى طمسها للهوية العربية والإسلامية.

وقد شهدت العاصمة عمان وعدد من المناطق الأردنية الجمعة، مسيرات احتجاجية قادتها قوى سياسية وعلى رأسها جماعة الإخوان ونقابيون يطالبون بإلغاء تلك التعديلات التي يقولون إنها ألغت النصوص الدينية وكل ما له علاقة بالعقيدة (خاصة في الجانب المتعلق بالقتال والجهاد)، فضلا عن استبدال صور لمحجبات بأخرى لسافرات في الكتب الجديدة.

ورفض المعتصمون ما اعتبروه محاولات تحريف العقائد في الكتب المدرسية وتغريب المناهج، مطالبين بالتراجع عن التعديلات، وإلا سيكون التصعيد الشعبي خيارهم.

وفي وقت سابق نفذت نقابة المعلمين اعتصاما أمام وزارة التربية والتعليم، وطالب المحتجون بالعدول عن ?كل تلك التشوهات التي وقعت على مناهجنا والعودة إلى مناهجنا السابقة?، و?إقالة نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات، ومحاسبة المسؤولين عن تلك التعديلات?.

وحثوا مجلس النواب الجديد على حجب الثقة عن حكومة هاني الملقي، بسبب ?وجود الوزير الذنيبات، المسؤول عن هذه الأزمة في الوطن ودون أي اعتبار لرأي الشارع الأردني?.

وقام المحتجون خلال وقفتهم بإحراق الكتب المدرسية الجديدة، مؤكدين أنه ?في حال عدم الاستجابة لمطالبنا السابقة من قبل الجهات المعنية، فستكون هناك وقفات احتجاجية أخرى?.

وتملك جماعة الإخوان حضورا بارزا داخل نقابة التعليم، رغم أنها فشلت في الحصول على غالبية المقاعد في الانتخابات الداخلية التي أجريت في مارس الماضي، بعد أن كانت هي المسيطرة في الدورتين السابقتين.

ويرى مراقبون أن الجماعة والقوى الموالية لها، فضلا عن تيارات قومية داخل نقابة التعليم، تحاول من خلال هذه الضجة ?المفتعلة? إحراج النظام الأردني وتأليب الرأي العام عليه، وهذا ليس بجديد؛ فقد سبق أن تم توظيف العديد من الملفات في هذا السياق.

ويقول المراقبون إن عملية تضليل كبيرة مارستها تلك القوى، لتحريض الرأي العام الأردني خاصة في القضايا التي تعتبر جوهرية وأساسية بالنسبة إليه، كإشاعة إلغاء اسم فلسطين ووضع دولة إسرائيل بدلا عنها.

ويقول المؤيدون لهذه التعديلات إن ردة فعل الرافضين لها، مبالغ فيها، وتعكس عقلية ?متحجرة? ترفض الانعتاق، وتخشى كل نفس حديث ومتطور.

ويضيف هؤلاء أن التغييرات التي طالت البعض من المواد، ومنها التربية الإسلامية والعربية والتربية الوطنية للسنوات الابتدائية، كان هدفها الأساس تبسيط النصوص وإزالة الحشو والشوائب التي من شأنها أن تؤثر على الناشئة، وتقدم صورة مغلوطة للخارج عن النظام التعليمي في الأردن.

ولوحظ خلال السنوات الأخيرة تنامي الفكر المتطرف داخل المجتمع الأردني وخاصة في صفوف الشباب، بسبب تأثرهم بالأوضاع المتفجرة في الإقليم وانتشار التنظيمات الإرهابية.
سامح المحاريق: الحكومة غير جدية في فرض تعديلات على المناهج التعليمية

ويحاول النظام الأردني احتواء هذا الفكر، عبر رسم استراتيجية شاملة من ضمن عناصرها تحديث مناهج التعليم وجعلها مواكبة للعصر، وإزالة مواطن الخلل والشوائب التي قد تساهم في تكوين أجيال غير سوية يسهل استقطابها من جهات ?ظلامية? معادية للحداثة.

واعتبر الأمين العام السابق لوزارة الشباب الأردنية ذوقان عبيدات أن المجتمع يتعرض لحملات ?داعشية? متطرفة شديدة، مصادرها متعددة، اجتماعية ودينية وتربوية وأخلاقية، ?والطلبة أنفسهم يتعرضون للمصادر نفسها?.

وأضاف عبيدات في تصريحات صحافية أن ?المجتمع مليء بالأفكار الداعشية?، مطالبا بتعليم الطلبة كيفية التفكير وتقديم الآراء، وشدد عبيدات على ضرورة تقديم المؤسسات التربوية المعنية مناهج تتناسب مع الحاجات والمشكلات التي تواجه المجتمع والطلاب.

ويخشى مؤيدون لعملية تطوير المناهج التعليمية أن ينجح رافضوها -بالضغط الذي يمارسونه والذي يتخذ نسقا تصاعديا- في نسف تلك التعديلات.

ويذهب البعض إلى حد القول إن الحكومة ليست جدية فعليا في إجراء تعديلات، والدليل عدم وجود نهج وخطة واضحة لمجابهة الرافضين للتغيير.

وكانت وزارة التعليم قد أعلنت أن الكتب الجديدة هي تجريبية وبالإمكان إجراء تحويرات عليها.

وفي هذا الإطار قال المحلل السياسي الأردني سامح محاريق لـ?العرب? ?الحكومة غير جدية في فرض تعديلات على المناهج وتخوض المعركة دون تحضير ودون رؤية، كما أنها لا تمتلك استراتيجية واضحة للتغيير المجتمعي، فالحد من الخطاب التكفيري والمتطرف يجب أن يمضي لجذور الإقصاء بجميع صوره السياسية والاقتصادية، والعمل على إعادة إنتاج الأمل في المجتمع وهو ما لا تدركه الحكومة التي يبدو أنها ستستنزف الجميع في معركة ديكورية?.

وأضاف محاريق ?المرعب أكثر أن الجسد النقابي يخضع تماما لسيطرة توجه إخواني أتاحت له الحكومة أن يعيد إنتاج نفسه وأعطته ضوءا أخضر لصفقات جديدة، والأنكى أنها تنافسه وتزايد عليه في ما يدعى ارتهانا للقيم والتقاليد والخطاب الديني ذي الاتجاه الواحد?.

ورأى المحلل السياسي أن ?التعديلات لن تصمد وسيتراجع عنها الوزير محمد ذنيبات لاسترضاء الإخوان أو استجداء تحالفهم خاصة بعد أن أهمل الملقي مشاورة النواب وأخرج للحياة حكومته السابقة نفسها?.

في المقابل يبدي عدد من الأردنيين المؤيدين لخطوات وزارة التعليم تفاؤلا حيال تكريس هذه التعديلات، ويستدلون على ذلك بالإبقاء على محمد ذنيبات في منصبه في الحكومة الجديدة التي أدت اليمين الدستورية الأربعاء الماضي. ويقول هؤلاء إن بقاء وزير التعليم رغم المطالبات المتكررة بإقالته، يعكس مباركة القصر لتلك التحويرات.

ويستشهدون أيضا بالموقف الذي أعلنت عنه الملكة رانيا العبدالله قبل أسابيع حين انتقدت المناهج الدراسية معتبرة أنها ?أحد أسباب تخريجنا لطلاب يفتقرون إلى مقومات النجاح في القرن الحادي والعشرين?، داعية إلى أن يكون إصلاح التعليم ?أولوية وطنية?.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..