أهم الأخبار والمقالات

حفظ بلا فهم جعل منا “بجم”

جعفر عباس
من العجيب ان كثيرين من حولنا نالوا حظا من التعليم لا يعرفون حتى أبجديات أحكام عبادات مثل الصلاة والصوم، واعتقد ان مرد ذلك هو ان نظامنا التعليمي بائس، وأن الوعاظ مشغولون ب”الكلام الكبير”، ولا يبصرون الناس بالأمور الأساسية “الأولية”
لا أذكر ان مدرس الدين قدم أمامنا بيان بالعمل حول كيفية الوضوء، بل كنا فقط مطالبين بحفظ فرائض وسنن الوضوء عن ظهر قلب، ونحن لا نعرف مثلا ما المقصود ب”الفور والدلك”، و”مسح صماخ الأذنين”، وهل يوجد سوداني لم يتعجب كيف يسمى بيت الله بالكعبة؟ وهل يتذكر أحدكم أنه تلقى تفسيرا لمعنى “الكعبة” التي تعني “سيئة” في العامية السودانية، شخصيا أذكر أنني ظللت أيضا في المرحلة الابتدائية احسب ان مدرس الدين كافر لأنه كان يتكلم عن بيت الله “الحرام” ولم يكلف نفسه قط ان يشرح لنا المقصود ب”حرمة” بيت الله.

كانوا يلقنوننا أمور ديننا فقط كي ننجح في الامتحانات، ولم أكن أعرف معنى أن من نواقض الوضوء “ما يخرج من السبيلين”، ما هما السبيلان؟ هل هما شيء غير مكان توفير السقيا للمارة بلا مقابل؟ ثم هاك: دخول حشفة الذكر او قدرها من مقطوعها في فرج المرأة!! والحمد لله أننا لم نفهم معنى هذا وإلا لسحبنا أهلنا من المدرسة، ثم وأعمارنا نحو 11 سنة درسونا شيئا اسمه غسل الجنابة، و”غسل الأعالي قبل الأسافل والميامن قبل المياسر”!! مفردات لم نسمع بها وبالتالي لم نفهم معانيها، وفي زكاة الإبل كنا نعرف متى تكون الزكاة ببنت لبون ومتى تكون بجدعة، بينما لم نكن نعرف في شمال السودان النوبي ما هي الإبل ولم ير معظمنا ناقة او بعيرا إلا في الصور.

طلب منا المدرس م. خ. تسميع سورة الحاقة وهو مسلح بجريدة نخل طولها ثلاثة أمتار، وجاء الدور على ع. ع. وكما في الخلاوي أعطاه المدرس أول الآية: خذوه فغلوه… وبدا صاحبنا: خذوه فغلوه ثم الجحيم .. ثم في سلسلة ذرعها… (طاخ).. ثم في سلسلة ذرعها (طاخ) ثم في سلسلة ذرعها.. (طاخ) وفجأة صاح الصبي المسكين: ثم في سلسلة ذرعها تقريبا خمسون ذراعا، والتصق لقب “تقريبا” بصاحبنا حتى هجر الدراسة وطفش من المنطقة، وكان م. خ. هو نفس المدرس الذي طلب منا انشاد طلع البدر علينا، فوقف أربعون نوبيا يرددون: تلأ البدر ألينا من سنيات الوداء (وقال المدرس: ماشي)، وجب الشكر ألينا/ مرهبا يا خير داء.. هنا انفجر الرجل: يا عجم يا غنم يا بجم، وفي سنوات لاحقة فككنا طلاسم قوله: سيد الخلق خير داء يا أولاد ال*، لو في الداء خير يا رب يشيلكم من وش الدنيا، ولو كان الرجل تربويا لوجد لنا العذر واجتهد لتقويم اعوجاج ألسنتنا خاصة.

في مقال للأستاذ فهمي هويدي كتب عن مُدرسة مصرية كانت تقرأ على تلاميذها سورة “الكافرون”، ثم توقفت فجأة وقالت إن هناك خطأ مطبعياً تجلى في تكرار الآية “ولا أنتم عابدون ما أعبد”، وبكل “ثقة” طلبت من التلاميذ شطب الآية قبل الأخيرة في السورة، وبالتأكيد لم تقرأ تلك المعلمة ” سورة الرحمن” وإلا لكتبت مقالا في الصحف تقول فيه أنها اكتشفت أن آية “فبأي آلاء ربكما تكذبان”، تكررت عدة مرات نتيجة خطأ مطبعي! وأنها قالت للتلاميذ إن الأنصار هم ” نصارى” يثرب ذلك ما كان من أمر جيلنا، فهل عانت الأجيال اللاحقة من مقررات مدرسية فوق قدرتها الاستيعابية؟

‫2 تعليقات

  1. 😂😂😂😂😂

    ذكرتني حكاية وأحد حلفاوي، دفعوا دفع ليؤم الناس في صلاة المغرب،،،
    فسمع أصحابه الخبر، وإستغربوا لأنهم يعرفون أنه لا يحفظ من القرآن كثيراً، فذهبوا إليه ليسألوه كيف صلي بالجماعة، فأجابهم قائلاً :
    – طبعاً أنا الحمدو دا مجودو كويس !!!
    ؟ طيب والثورة الثانية ؟؟؟
    – واللّه ربك رب الخير، ألهمني بطلع البدر علينا !!!! 😂😂😂😂😂

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..