مقالات سياسية

توقفوا عن الوهم.!

نهاية العام 2016م أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً، حرر شهادة وفاة إكلينيكية للاقتصاد السوداني، وكان ينبغي أن يكون ذاك التقرير نقطة انطلاق جادة لإنقاذ الأوضاع قبل أن تصل مراحلها هذه.

ملخص تقرير الصندوق أن احتياطيات السودان هبطت واتسع عجزه ونموه أصبح محدوداً، والتقرير الذي نشرته عدة وكالات آنذاك عرف السودان بأنه بلد منخفض الدخل يواجه قيوداً محلية ودولية شديدة واختلالات اقتصادية كبيرة.

ولا يزال دين السودان الخارجي مرتفعاً في نهاية 2015. فقد بلغ حجمه بالقيمة الاسمية حوالىى 50 مليار دولار وهي تعادل (61% من إجمالي الناتج المحلي)، بما في ذلك 1.6 مليار دولار أودعها الدائنون الرسميون في بنك السودان المركزي في عام 2015م.

لكن الاقتصاد ظل يعتمد على الودائع الخليجية منذ تفجر أزمات المنطقة ودخول السودان في حلف، وظل الخطاب الرسمي يبحر باتجاه التخدير أكثر من مخاطبة جذور الأزمة.

وباتت سياسة الترويج لأخبار الودائع والقروض باعتبار ذلك مخرجاً وأمراً ثابتاً في السياسة الاقتصادية.

بل باتت قضية الاقتصاد هي نقطة التحول في علاقات السودان الخارجية، فما أن جفت وديعة تحول السودان إلى قبلة أخرى. عقب زيارة الرئيس التركي كانت التصريحات الرسمية التركية تركز على مسألة منح تركيا قروضاً لإنقاذ اقتصاد السودان.

قبل يومين، وفي أعقاب زيارة الرئيس إلى روسيا، تواردت الأخبار التي تقول إن الخرطوم حصلت على موافقة من أكبر البنوك الروسية على منح تسهيلات وقروض إئتمانية بمبالغ ضخمة بدون سقوفات خلال العام 2018.

وقبل ذلك، كانت وزارة المعادن تُبشر بقروض ذات سقف عالٍ مقابل احتياطي الذهب.

مثل هذه التصريحات التي تتوهم حل الأزمة، ما هي إلا مجرد مخدرات، تجاوزها الشارع الذي يحتك بالأزمة على رأس كل ساعة.. الوضع الآن، لا يحتمل المزيد من الودائع أو القروض التي لن تحل الأزمة ولن تقتلعها من جذورها.

الأزمة الاقتصادية تحتاج حلاً سياسياً نهائياً، تحتاج جراحة كاملة، حيث لن ينفع الترقيع.. فلتنظر الحكومة فقط إلى منسوبيها، إلى هذا الجيش الجرار من الدستوريين والتنفيذيين الذين تحولوا إلى بند صرف رئيسي من جيب المواطن.

هذا الترهل الذي يقوم بالأساس على الترضيات هو أحد أسباب هذه الأزمة، لا أدري كيف لبلاد لا تنتج وحكومتها بهذا الكم الهائل.

المطلوب الآن أن يتوقف هذا الوهم، وهم الودائع والقروض، وأن تتم مخاطبة الأزمة بشجاعة.
التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..