المشهد السياسي السوداني وتعقيداته

خالد عويس

المشهد السياسي السوداني، بتعقيداته الهائلة، يبدو مفتوحا على احتمالات عدة، بشأن الانتخابات المقررة في 2015. فالأزمة الداخلية تلقي بظلالها الكثيفة، جنبا إلى جانب المتغيرات الإقليمية. والقوى السياسية المعارضة أنهكت لأبعد حد، بعد ربع قرن من الصراع مع جبهة الإنقاذ، لدرجة يصح فيها وصف حالة الطرفين، الحكومة والمعارضة بـ«توازن الإنهاك»، هذا إضافة إلى أن أيا من الوجوه «القديمة» ما عادت تلبي تطلعات الشباب، الشريحة الأعرض في المجتمع.

الحزب الحاكم أجرى تغييرات جوهرية في قيادته، أهم ما فيها صعود الفريق أول، بكري حسن صالح، لمنصب النائب الأول للرئيس، هذا في ظل تكهنات بألا يقدم الرئيس عمر البشير على الترشح مجددا للرئاسة، شريطة أن يجنبه الرئيس المقبل مخاطر الملاحقة القانونية الدولية، خاصة مع ما يشاع عن المخاوف البالغة من المحكمة الجنائية الدولية.

وإذا صحت هذه التكهنات، علاوة على إشارات الرئيس البشير نفسه في هذا الاتجاه، فإن الدفع ببكري حسن صالح، مرشحا عن الحزب الحاكم، وممثلا للمؤسسة العسكرية، يبقى هو الخيار الأفضل بالنسبة للبشير وجزء من قيادات حزبه وضباطه.

بكري، الذي شارك البشير إتيانه للسلطة سنة 1989 ظل ملازما له في مواقع حساسة، طيلة الأعوام الـ25 الماضية، وبينها، وزارة الدفاع، ووزارة شؤون الرئاسة. وهو المسؤول الرفيع الوحيد خارج منظومة الإخوان، حسبما يقول مراقبون. وهو قليل الكلام، محاط بدرجة من الغموض، وتؤكد أوساط عسكرية أنه محبوب من قبل الجيش، وقد يكون مقبولا لدى أطراف في المعارضة، ربما ترى فيه جسرا انتقاليا نحو الديمقراطية.

لكن، في المقابل، ربما يجد بكري مشقة في الإمساك بمفاصل صناعة القرار، لأن أطرافا مهمين داخل النظام، من غلاة الإخوان، لا يرون فيه المرشح المناسب، ومن مصلحتهم استمرار البشير بأي شكل كان، خشية أن يعمد بكري لإجراء جراحات عميقة في بنية نظامهم، ما سينهي عمليا تجربة حكم الإخوان في السودان.

جبهة الإنقاذ إن أرادت الدفع ببكري، فسيكون لزاما عليها إقناع قوى معارضة فاعلة بهذه الخطوة، في إطار أكبر من التسويات والتنازلات. وهذا يفسر إلى درجة ما اتجاه البشير للحوار مع الترابي والصادق المهدي. لكن مضيّ الأخيرين في هذا الطريق، بمعزل عن القوى الأخرى، خاصة الجبهة الثورية المسلحة، سيوسع شقة الخلاف السوداني – السوداني، ويفرز اصطفافا جديدا بين «مركز» عروبي – إسلاموي، و«هامش» أفريقي – علماني، ما يعني إعادة إنتاج الأزمة السودانية على نحو أعمق، وربما ينذر بتقسيم جديد، خاصة في دارفور وجنوب كردفان.

بكري قد يمثل خيارا مريحا أيضا بالنسبة لأطراف إقليمية مهمة، لا سيما جوبا والقاهرة. مسؤولو جنوب السودان يرون في الرئيس البشير خصما شرسا، فيما بكري أكثر ميلا لمعالجة الأمور بروية بعيدا عن الأضواء. أما القاهرة، فلربما ترى فيه رئيسا قادرا – بفضل تأييد الجيش له – على كبح جماح الإسلاميين، ووقف تعاون الخرطوم مع أطراف إسلامية في مصر والمنطقة.

غير أن أطرافا معارضة مؤثرة لا تأنس فيه الكفاءة للخروج بالبلاد من عنق الزجاجة، علاوة على الاتهامات التي تواجهه بالمشاركة في القمع وتعذيب معتقلين في سني البشير الأولى، هذا إضافة إلى أنه يتحدر من المركز، وتحديدا الشمال النيلي، ما يعني استمرار بنية السلطة الحالية، المهمشة للآخر.

الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. ( إضافة إلى أن أيا من الوجوه «القديمة» ما عادت تلبي تطلعات الشباب، الشريحة الأعرض في المجتمع)

    يا استاذ خالد ما هذا الكلام الرومانسى وكيف استطعت ان تتاكد ان كل الشباب ما عادت تريد الوجوه القديمة ؟ هذا كلام حالم ويعد من الرومانسية السياسية

  2. very good article
    مقال جميل ورصين والله سعدت كثيرا عندما قرأت هذا المقال الرائع والحمد لله أن السودان الواحد قائم في قلوبنا وعقولنا ، الكيزان فضلوا البقاء في السلطة على الوحدة فباعوا الوطن وفصلوا الجنوب وهؤلاء يشكلون خطورة كبيرة حتى على الجزء المتبقي من السودان وإذا بقوا في الكرسي أكثر ربما يفصلون أجزاء أخرى من الوطن والغرب يتآمر وهم يتواطئون في حل مشكلة دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان وفي إستراتيجيتهم لديهم نية في فصل المناطق المذكورة ولكن واجب على الشعب حتما أن ينتفض ويسترد دولته التي سلبها تنظيم الكيزان ويستعيد توحيد الوطن على أسس جديدة وقيام دولة المواطنة والمؤسسات بدلا عن دولة الحزب الواحد الاقصائي الحرامي بأسم الدين

  3. لاول مرة اقرأ تحليلا عقلانيا لصحيفة الشرق الاوسط بالشأن السوداني كاتبة من غلاة معارضي الإنقاذ . اعتقد ان هناك توجه جديد للصحيفة املته تغيرات سياسية حدثت في السعودية من ابرز ملامحها اقالة مدير جهاز الامن والمخابرات السعودي الامير بندر بن سلطان والذي يعتقد علي نطاق واسع المتسبب في كل الازمات التي مرت بها منطقة الشرق الاوسط بدا بالغزو العراقي مرورا بالربيع العربي وتوتير العلاقات الخليجية الايرانية وانتهاءا بالازمة السورية . اعتقد ان القيادة السعودية استشعرت بالخطر من القيام باعمال خارج الحدود ربما تسبب لها متاعب مستقبلية , والمعروف ان السياسة الخارجية السعودية في السابق كانت تقوم علي مبدأ عدم التدخل في اي شأن خارجي والنئ بنفسها عن اي صراعات بين الدول العربية بل وكانت تقوم بدور الوسيط في معظم الازمات وحققت في ذلك نجاحات كبيرة مثل الازمة اللبنانية وعندما تغير ذلك الدور واصبحت طرف في كثير من ازمات المنطقة التقطت قطر القفاذ واصبحت هي من يقوم بهذا الدور واكبر مثال علي ذلك توسط قطر في الصراع السوداني . هذا الدور الجديد لقطر لم يروق للسعوديين وحلفاءهم المصريين وبقية الحلفاء في الخليج وادي في نهاية المطاف الي نزاع خليجي خليجي . الان اعتقد ان السعوديين فطنوا لهذا وربما يريدون استرجاع دورهم السابق في الحيادية والبعد عن الصراعات الاقليمية .

  4. البشير له؟ ألم يتم تفكيك مشروع الجزيرة؟ ألم تتوقف الحياة تماماً في وسط السودان؟ ألم يتصحر الوسط؟ ألم يهاجر أهله قسراً (لأول مرة في التاريخ) في موجات نزوع ضخمة نحو أطراف العاصمة؟

    مشكلة السودان، غير استئثار (عُصبة) قليلة بالحكم وتهميش الأخرين، هي الديكتاتورية،وانعدام الحقوق الأساسية للإنسان، والجهل وارتفاع نسبة الأمية والفساد، وانعدام الرؤية وسوء التخطيط، والأنانية، والإثرة، وحسب السلطة والنفس، وكلها أمور لا تعالج إلا بالعلم والاستنارة والديموقراطية. عندما ترتفع نسبة التعليم والوعي في إقليم ما تنسحب وتتقهقر أمام هذا العلم والاستنارة كافة العصبيات الجهوية والقبلية وتعلو النظرة الوطنية على كل أمر. عندما تولى رئاسة ولاية الجزيرة كادراً دارفورياً (بروفيسور لا أذكر اسمه الآن) لم يتحج أهل الجزيرة ويرفضونه لمجرد أنه شخص من خارج الإقليم. لا أعرف حيثيثات تركه لمنصبه، ولكن المهم في الأمر أنه لم يقابل بالرفض. الوالي المذكور لم يؤد إلى الجزيرة خدمة تذكر، ولكنه غادر منصبه دون أن يشار إليه بأصبع اتهام من هنا أو هناك. ولكن عندما تولى ابن الجزيرة الزبير طه، عاث فيها فساداً وإفساداً، وأصبح وال بمرتبة أمير، له حاشية ومضحكين، وحملة مواقد بخور، يقيم ولائم الإفطار على حساب دافع الضرائب ويرجو الثواب ودخول الجنة من وراء ذلك. إذاً المسالة، لا تكمن في أن يكون المسئول من هذه المنطقة أو تلك، بل تكمن في وطنية ورؤية هذا المسئول المستقبلية الثاقبة وطاهرة يده ولسانه وقبله، وحدبه على مصلحة رعيته والصالح العام للسودان ككل.الجزيرة مجتمع متعلم يتقبل الأخر، مجتمع تلاشت في عقليته عصبيات القبلية والجهوية، وارتفع معيار و (فاثوم) المواطنة والوطن على كل اعتبار. أما لو شغل كادر من الجزيرة منصب الوالي في أي ولاية أخرى بغرب وشرق وربما شمال السودان لقوبل بالرفض والاستهجان. مشكلة السودان هي العلم والديموقراطية. فالاولى تفضي الثانية، والثانية تؤدي إلى الأولى. غير ذلك سوف نظل نرواح مكاننا.

  5. لست أدري لماذا أول ما قرأت هذا التحليل السياسي لخالد عويس جاءت علي ذاكرتي الأغنية التي كانت مشهورة علي مستوي السودان (ده ما سلامك ولا الكلام الكان زمان هسي كلامك) هذا التحليل هو تحليل سياسي برغبة (العميل) آسف برغبة الصحيفة ونكهة الأماني وذلك علي وزن التصنيع علي مواصفة العميل , والخلاصة يا سيد خالد أن من يلم بأبجديات السياسة في السودان يعلم تماماًأن البشير وبكري وجهان لعمله واحده( صوره وكتابه) وبكري أصيل في منظومة الإنقاذ ( العسكريه والإسلامية) لذلك نرجوك الكتابه بصدق عن الواقع السياسي السوداني وأترك التضليل بالكتابة علي أشواق وأماني الآخرين , وعلي كل حال إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم لكن أرجع وأقول كما يقول أحبابنا المصريين ( الرزق يحب الخفيه)

  6. اى تحليل سياسى يبعد الرئيس الدائم المشير البشير من السلطة هو تقدير خاطئ . فالبشير يفكر ان يحكم السودانيين فى الدار الاخرة ايضا دعك من الدنيا اذا وجد هناك نظاما رئاسيا .. ولذلك بنى مسجد النور الكافورى الفخم وعين له الخيش عصام احمد البشير داعيا وواعظا لدولة الرئيس وخليفة المسلمين .ولا ندرى من اين جاء خليفة المسلمين بأموال بناء المسجد .. هل من زكاة امواله الطائله ؟ ام من تجارة المخدرات ؟ ام من اموال العماله تقديرا وعرفانا له من القوى الاجنبيه فى فصل جنوب السودان ؟ ام ثمنا لتنازله عن حلايب وشلاتين والفشقه ؟ام من سرقة اموال المسلمين ؟

  7. كلامي كان مبتوراً والسبب القص واللصق: المقدمة كانت كالتالي:

    هل هذا يعني أنه لو ترأس السودان شخصاً درافورياً أو من شرق السودان فسوف تنتهي مشاكل السودان؟
    اعتقد أن (جهة) الحاكم لا تغير من الأمر شيئاً، إذا كان هذا الحاكم عادلاً مستشعرا لمسئوليته تجاه من وُلي عليهم. ثم أنني أراك وقد صنفت وسط السودان كتابع للإقليم الشمالي، وهذا لعمري خطأ فادح، وغير مسوغ، فلو كان هذا منطقك لاعتبرنا كل غرب السودان منطقة واحدة ولما قلنا هذا من دارفور، شمالها وجنوبها وهذا من كردفان شمالها وجنوبها.
    ماذا قدم البشير كرئيس وهو المحسوب على الإقليم الشمالي لهذا الإقليم؟ وهل إذا قامت تنمية هناك ? إن وجدت- لا يعود خيرها على السودان ككل أم أن الأقليم يقتسمونها بينهم وينتهي الأمر؟
    ماذا قدم البشير المحسوب للوسط ?حسب تصنيفك- للجزيرة؟ ألم يتم تفكيك مشروع الجزيرة؟ ألم تتوقف الحياة تماماً في وسط السودان؟ ألم يتصحر الوسط؟ ألم يهاجر أهله قسراً (لأول مرة في التاريخ) في موجات نزوح ضخمة نحو أطراف العاصمة؟

    مشكلة السودان، غير استئثار (عُصبة) قليلة بالحكم وتهميش الأخرين، هي الديكتاتورية،وانعدام الحقوق الأساسية للإنسان، والجهل وارتفاع نسبة الأمية والفساد، وانعدام الرؤية وسوء التخطيط، والأنانية، والإثرة، وحب السلطة والنفس، وكلها أمور لا تعالج إلا بالعلم والاستنارة والديموقراطية. عندما ترتفع نسبة التعليم والوعي في إقليم ما، تنسحب وتتقهقر أمام هذا العلم والاستنارة كافة العصبيات الجهوية والقبلية وتعلو النظرة الوطنية على كل أمر. عندما تولى رئاسة ولاية الجزيرة كادراً دارفورياً (بروفيسور لا أذكر اسمه الآن) لم يتحج أهل الجزيرة ويرفضونه لمجرد أنه شخص من خارج الإقليم. لا أعرف حيثيثات تركه لمنصبه، ولكن المهم في الأمر أنه لم يقابل بالرفض. الوالي المذكور لم يؤد إلى الجزيرة خدمة تذكر، ولكنه غادر منصبه دون أن يشار إليه بأصبع اتهام من هنا أو هناك. ولكن عندما تولى ابن الجزيرة الزبير طه، عاث فيها فساداً وإفساداً، وأصبح وال بمرتبة أمير، له حاشية ومضحكين، وحملة مواقد بخور، يقيم ولائم الإفطار على حساب دافع الضرائب ويرجو الثواب ودخول الجنة من وراء ذلك. إذاً المسالة، لا تكمن في أن يكون المسئول من هذه المنطقة أو تلك، بل تكمن في وطنية ورؤية هذا المسئول المستقبلية الثاقبة وطهارة يده ولسانه وقبله، وحدبه على مصلحة رعيته والصالح العام للسودان ككل.الجزيرة مجتمع متعلم يتقبل الأخر، مجتمع تلاشت في عقليته عصبيات القبلية والجهوية، وارتفع معيار و (فاثوم) المواطنة والوطن على كل اعتبار. أما لو شغل كادر من الجزيرة منصب الوالي في أي ولاية أخرى بغرب وشرق وربما شمال السودان لقوبل بالرفض والاستهجان. مشكلة السودان هي العلم والديموقراطية. فالاولى تفضي إلى الثانية، والثانية تؤدي إلى الأولى. غير ذلك سوف نظل نرواح مكاننا.

  8. المشهد السياسي السوداني، بتعقيداته الهائلة،

    المشهد السياسي السوداني ابسط ما يكون …. عصابة مجرمة تتحكم في مصائر البسطاء من هذا الشعب… و هناك ممن يدعون المعارضة يتفاضون في القسمة و المناصب … يذهب البقية في ستين داهية.. احزاب المعارضة الحقيقة لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة … و الباقي كل في قمامة الموتمر الوطنى و لا عزاء لمستشار او مساعد للمجرم البشير.

    الموضوع كان بسيط و مازال ابسط… لكن لا ادرى كيف اصبح معقدا بالنسبة إليك…. و ختاما خالد عويس ……أركز

  9. قال منو البشير وبكرى
    العبوا غيرها
    منو الجاب البشير وبكرى
    القضية التى تأبى ان تختفى هى
    لن يتداول العسكر والطائفية السلطة ابدا ..يعنى اخر انقلاب
    والان لا يوجد عسكر ..توجد دودة شريطية اسمها المليشيات
    والقتال بالمال مرتزقة من جميع الجهات وغدا من جميع العالم
    فلا العسكر ولا الميرغنى ولا الصادق العايز الانقلاب لصالح ابنه
    والان يريد الامين العام ايضا عسكرى انه مغرم بالعسكر والانقلابات
    ليحمى نفسه واطفاله ويعيش على عرق الغلابة كما تربى

  10. تحليل فطير وركيك …. يتجاوز الواقع الذى يفترض فيك معارضا” جيدا” ويتماهى مع الحلول الميتة التى درج منسوبى حزبكم طرحها والتعامل معها ………

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..