مقالات سياسية

من يبتدر التدابير أيها الوزير بدرالدين ؟

سعيد أبو كمبال

جاء الكلام الآتي في جريدة السوداني عدد الخميس الثامن من شهر مايو 2014م: ( أقر وزير المالية رئيس قطاع التنمية الإقتصادية بدرالدين محمود بأن تداخل الإختصاصات بين مستويات الحكم الثلاثة ، وتعدد مراكز إتخاذ القرار ، يهزم تنفيذ السياسات الكلية .ودعا لإتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة مشكلة تعدد سعر صرف العملة الوطنية وتقليل الفرق بين السعرين الرسمي والموازي والحد من ضغوط التضخم وإتخاذ التدابير التى تعين علي بناء إحتياطي مركزي من النقد الأجنبي ) .

و المتحدث كما ذكرت أعلاه هو بدرالدين محمود عباس وزير المالية والإقتصاد الوطني الحالي وليس مواطن عادي لاحول (قوة) له ولا قول (رأى مسموع) .

وزير المالية والإقتصاد الوطني يقول أن تداخل الإختصاصات وتعدد مراكز إتخاذ القرار يهزم تنفيذ السياسات الكلية.وأيضاً وزير المالية والإقتصاد الوطني يدعو ( لاحظ يدعو) لإتخاذ التدابير اللازمة:

1- لمعالجة مشكلة تعدد سعر صرف العملة الوطنية .
2- تقليل الفرق بين السعرين الرسمي والموازي.
3- الحد من ضغوط التضخم .
4- بناء إحتياطي مركزي من النقد الأجنبي .

شر البلية ما يضحك:

يقول المنجد فى اللغة العربية المعاصرة أن هذا المثل يضرب للبلية ( المصيبة ) التى تأتي فى غير وقتها وعلي غير وجهها فتثير التعجب والضحك لدي المبلو بها .وهذه حالنا نحن مع حديث بدرالدين محمود عباس وزير المالية والإقتصاد الوطني الذي يشكو من تداخل الإختصاصات وتعدد القرارات ويدعو لإتخاذ التدابير مثلما يفعل المواطن العادي .وصحيح أن السياسات المتعلقة بسعر صرف العملة والتحكم في التضخم ( الإرتفاع المتواصل لأسعار السلع و الخدمات) من إختصاصات بنك السودان المركزي الذي تخلى للأسف الشديد عن القيام بدوره وصار تابعاً لوزارة المالية والإقتصاد الوطني بإعتراف الوزير بدرالدين محمود نفسه الذي تحدث بوضوح وصراحة عن الهيمنة المالية (fiscal dominance ) في ورقة سياسات القطاع النقدي التى قدمها في الملتقى الإقتصادى الثاني الذي عقد بقاعة الصداقة بالخرطوم يومي 23 و24 نوفمبر 2013م. و تعني الهيمنة المالية ان حاجة الحكومة المركزية لتمويل العجز في الموازنة العامة قد طغت علي كل الإعتبارات الأخرى مثل محاربة الغلاء الأمر الذي أدي إلي أن يتحول بنك السودان المركزي إلى شبه حنفية تصب النقود في شرايين الإقتصاد السوداني مما أدي إلي إرتفاع الأسعار بنسبة 46% في العام 2012م و 42% في العام 2013م وإنهيار القيمة الشرائية للجنية السوداني وإنهيار سعر صرفه.و ما زالت الأسعار تواصل الإرتفاع وسعر الصرف يواصل الإنهيار .

والتصرف المتوقع والمطلوب من الوزير بدرالدين ليس الإعتراف بوجود تداخل الإختصاصات وتعدد القرارات ولكن تحديد تلك الإختصاصات المتداخلة والطلب من رئيسه المباشر وهو رئيس الجمهورية إصدار التشريعات والقرارات الضرورية لإزالة ذلك التداخل .والتصرف الآخر المتوقع و المطلوب منه، بدل الدعوة لإتخاذ التدابير التى أشرت إليها أعلاه ،هو أن يقوم بصفته وزيراً للمالية والإقتصاد بتحديد التدابير المطلوبة لإزالة العجز في الموازنة العامة بزيادة الإيرادات وتخفيض المصروفات والطلب من رئيسه المباشر إعتماد تلك التدابير مباشرة أو عبر إجازتها من الجهاز التشريعي .ولا أعتقد أن الوزير بدرالدين محمود عباس يجهل تلك المسائل البدهية. فلماذا لايتصرف كما يتطلب موقعه كوزير للمالية والإقتصاد الوطني وهوالذي يقول في التوصية الرئيسية في ورقته التى أشرت إليها أعلاه: ( لابد من تطبيق برنامج إقتصادي يتميز بالشمول والجراءة ويعكس الوضع الحالي والتحديات والإختلالات الماثلة في فجوة ميزان المدفوعات وفجوة الموازنة العامة ووضع إقتصادي غير مواتى

علي أن تكون إجراءات المعالجة شاملة في شكل حزمة متكاملة وفي الإطار الإقتصادي الكلي في المدي القصير والمتوسط والبعيد .)

وأرجو أن يلاحظ القارئ الكريم أن السيد بدرالدين نفسه يقول أنه لابد ( لاحظ لابد ) من تطبيق برنامج إقتصادي يتميز بالشمول والجراءة .( لاحظ كلمة الجراءة) .فما الذي يمنعه من إبتدار ذلك البرنامج وتسويقه لزملائه في المؤتمر الوطني وللشعب السوداني؟
السيد بدرالدين عباس محمود وحده يعرف الأسباب التى تمنعه من إبتدار وتسويق البرنامج الإقتصادي الذي يتميز بالشمول والجراءة ولكن أخشى أن يكون خوفه من إعتراض زملائه محاسيب ومناسيب المؤتمر الوطني علي البرنامج الشامل والجرئ هو السبب الرئيس. فهم أكثر الناس الذين سوف يضارون من زيادة الإيرادات عن طريق الحزم والعدل في تطبيق قوانين الضرائب والرسوم وأكثر من يضار من تخفيض المصروفات الحكومية ويخشون من ردة فعل الشارع العفوية والعشوائية كما يخشون ردة فعل الناخبين في أكتوبر 2015م .وربما يخشى السيد بدرالدين من صراخ ومزايده أحزاب المعارضة التى لم يقدم أي منها وحتى اليوم خطة لمواجهة التحديات الإقتصادية التى تواجه السودان ولكن يتجرأ بعض رؤوساء الأحزاب من مدمني الفشل بالتحذير من فرض ضرائب إفاضية. (الإختشوا ماتوا ).

غياب المشروع الوطني :

قلت سابقاً وأقول اليوم وربما أقول غدا إذا ما أمد الله في أعمارنا أن رموز الأحزاب السياسية في الحكومة والمعارضة مشغولون بأمر واحد فقط هو الإمساك بالكراسي أو محاولة إنتزاعها . ولايوجد حزب أو زعيم سياسي لديه رؤية أو مشروع للنهوض بالسودان وإخراجه من مستنقع الفقر والضعف والهوان والإحباط الذي جعل الرغبة في الهروب من السودان هي الخيار الأوحد لأغلبية الشباب. ولا أعتقد أن الحكومة القومية الحزبية(تشكل من كل أو اغلبية الأحزاب) التى تنادي بها بعض الأحزاب ستكون حلاً مناسباً سواء تم تشكيلها قبل الحوار أو بعده وسواء كانت إنتقالية أو غير إنتقالية لأن الحكومة القومية الحزبية مجرد جمع أصفار ستكون نتيجته صفر كبير جداً. وربما دون الصفر. لأن الحكومة القومية الحزبية ستكون حكومة تشاكس ومكايد ومزايدات .

حكومات تنوقراط غير حزبية :

الميزة الأساسية لنظام الحكم الرئاسي مثل ماعندنا في السودان وفي أمريكا وبلاد أخرى هي أنه يعطي رئيس الدولة الفرصة لتشكيل الوزارة من العناصر التى تمتاز بالنزاهة والجدارة المهنية العالية بدون التقيد بالإنتماء الحزبي.خاصة في الظروف التى تتطلب إتخاذ قرارات صعبة وغير سريعة العائد لأن مثل تلك القرارات عسيرة الهضم بالنسبة للأحزاب لأنها تركز علي إسترضاء الناخين بالقرارات السهلة وسريعة العائد وإن لم تكن أفضل الخيارات علي المدي المتوسط والبعيد. ولهذا أعتقد أن أفضل ما يمكن أن يفعله الرئيس عمر البشير اليوم هو حل الحكومة المركزية وكل حكومات الولايات وتكوين حكومات تنوقراط صغيرة الحجم في المركز والولايات لتقوم بالخطوات الأولي في طريق إنتشال السودان من مستنقع الفقر و الضعف و الهوان الذي يرزح فيه.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اول ما بدأ به الكيزان المفسدون السطو على بنك السودان جهارا نهارا والتاريخ لن ينسى كان الجماعة عصابة عمر بابا والاربعين كوز نسيت فالحريق المفتعل واختفاء احتياطى البنك المركزى من الذهب وظهوره فى جده والآن السيد الوزير المفلس فى كل شىء يكرر فى اسطوانة مشروخة وسبق وقلنا له احسن تستقيل ولو مبيت النية تكون عضو فاعل فى العصابة ما عليك خليك فى منصب النصب وورينا شطارتك الكوزية وأكذب علينا نحن الغلابة واياك واياك أن تكذب على الله كما فعل اساتذتك من الكيزان فهؤلاء مصيرهم لا يعلمه الا الله بعد ما بذوا ابليس فسقا وفجورا اعوذ بالله منهم وان لا يحشرنا معهم قول آمين يا الولد الوزير .

  2. يا ابو كمبال المسألة ومافيها ليس هنالك حزب شريف وكريم مستعد ان يضع يده فى ايدي الحكومة المتمكنة وهب انه اراد لن يستطيع لان هولاء لا يتزحزحون ثم هب ان هنالك حزب امين ومتقدم برامجيا من يسمح له بتنفيذ برامجه وان كانت على المستوى الاقتصادى فقط وفى النهاية ابقى فسرت الماء بعد الجهد بالماء يعنى مقالك يشبه بيان بدر الدين…

  3. بدر الدين رجل تعود على الوظيفة فهو دائماً يقترح ولا يستطيع أن يبادر هو

    عالم وهم ما عارف جابوهم من ياتو داهية..من مدير مكتب مدير عام أحدى البنوك لوزير مالية..شوف المصيبة

  4. ” أفضل ما يمكن أن يفعله الرئيس عمر البشير اليوم هو حل الحكومة ……”. ربما أن بدر الدين والبشير مقيدان بنفس الحبل ومن نفس الناس. وما ينطبق على ابو سنينة ينطبق على ابو سنينتين. حكومة التكنوقراط دي جربها عمنا المرحوم النميري في 1972 وهي التي دشنت التردي الذي نشهد مآلاته الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..