صناعة الجِدل.. جماليات الفلكلور بأياد سودانية.. تطويع النحاس

الخرطوم – نمارق ضو البيت
هناك أسماء مستحدثة لإكسسوارات الجنيه على شاكلة احفظ مالك والقوات المسلحة وغيرها، لكن تظل الجِدل هي الأكثر طلبا في التشكيل بالجنيه، ورغم أن كثيرا من المنتجات المحلية تم تقليدها وتصنيعا في الصين، إلا ان الجِدلة مازالت محافظة على هويتها السودانية.
والجِدلة تمثل الكثير في الفلكلور السوداني، فما أن يُذكر التراث المحلي حتى تتصدر قائمته، كما أنها من أهم طقوس الزواج داخل وخارج البلاد، لمن يهتمون بالجرتق في زيجاتهم، وبالرغم من جودة حرفيتها وصناعتها باحتراف يضاهي الإكسسوارات العالمية، إلا أن من يتقنونها لم يُفكروا في توسيع تجارتهم، وسمحوا للأعمال الصينية بغزو السوق المحلي، مع أنهم يستطيعون صناعة ذات البضاعة وبجودة عالية.
مراحل التصنيع
تبدأ مرحلة صناعة جِدلة الجنيه بإدخاله إلى مكبس لتشكيله وطباعة الجنيه عليه، ومن ثم مرحلة قطعه، وبعدها يتم الانتقال إلى مرحلة تركيب القطع إلى جانب بعضها البعض بأسلاك النحاس، وآخر مرحلة هي طلي الجِدلة، ومعظم هذه الجدل تُصنع بواسطة حرفيين متخصصين بجانب ابتكار أشكال حديثة منها، ويتم التصنيع داخل المحلات المخصصة لإيجارها أو بيعها، وأُضيفت حُلي جمالية مختلفة لشكل الجدلة القديمة واتجه الحرفيون إلى تطعيمها بالكريستال الملون عوضا عن الجنيه في بعض الأحيان، أو إضافة التاج، كما أفادنا أحمد عمر – عامل بمحلات أبو مرين لإيجار ملحقات الجرتق بسوق أمدرمان- و تتراوح مبالغ إيجار الجدلة ما بين (600 إلى 700) جنيه.
حرفة محلية
إبراهيم آدم الإمام الذي وجدناه داخل غرفة صناعة الجِدل، كان منهمكا في تركيب جنيهات كبيرة إلى جانب بعضها البعض بأسلاك صغيرة، حيث قال لـ (اليوم التالي) : الصناعة تحتاج إلى تركيز وحرفية وأضاف: أنا في الأصل صائغ ذهب، في السابق كنت أعمل في مجال تصنيع المجوهرات، بعدها انتقلت إلى مهنة صناعة الجِدل، التي مازلت أعمل فيها، وطوال هذه السنوات لم أشعر بتغيّر جذري على شكل الجِدل، فما زالت القطع الأساسية بها من حزام، حجول، وغطاء الرأس وباقي ملحقاتها من إكسسوارت ما زالت كما هي، مع إضافات بسيطة أضفت عليها لمسة جمالية، إلى جانب بعض الابتكارات المقتبسة من ثقافات أخرى، فالتاج على سبيل المثال فكرة مصرية، وفي الغالب يُستورد من الخارج، رغم أننا نستطيع صناعته بجودة عالية.
صناعة حسب الطلب
يستغرق تصنيع الجِدلة من يوم إلى أسبوع بحسب دقة الأشكال أو تعقيدها، والأكثر طلبا في السودان هو الجنيه، باعتباره الشكل الرمزي للجِدلة ويدخل في الكثير من طقوسنا المجتمعية، ويضيف إبراهيم: تُصنع بحسب الطلب، وغالبا ما يأتي الزبون بصورة لجِدلة ما ويطلب تصميم ذات الشكل، وبحكم طول ممارستنا لهذه المهنة أصبحنا محترفين في تطويع النحاس في أي شكل يُطلب منا، ولو رغب الزبون في تصميم أي شكل من أشكال الإكسسوارات، فإننا ننجز ذلك بذات الجودة، ومع ذلك لم نفكر في صناعة إكسسوارات كالصينية أو المصرية التي تملأ الأسواق، وهذا يعود إلى أن تصنيع كم هائل يحتاج إلى مصانع أو مشاغل مجهزة، ومشاريع كهذه تحتاج لرؤوس أموال ضخمة، وإذا ما نجحت مشاريع مماثلة يمكنها أن تُدر على البلاد عائدا ماديا، وتوفر المبالغ الطائلة التي نستورد بها هذه البضائع من الخارج

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..