مقالات سياسية

ضحايا التنميط – الزغاوة و الشوايقة يحتسبون ..!!

د. حامد برقو عبدالرحمن

(١)

كنت بالفصل الدراسي الثاني من المرحلة الابتدائية عندما كلفني أحد إخوتي بمراقبة محله التجاري الصغير في نهار رمضان قائظ. كنت مستمتعاً بالبيع حين طلب مني أحد الزبائن إسترداد قيمة صنف زعم بشرائه من المحل؛ بعد المعاينة قلت له يا عمي نحن لا نبيع هذا الصنف ،لذا لم نكن نحن من باعه لك. فما كان من الرجل الا أن باغتني بجملة ظلت بذاكرتي تقاوم النسيان . قال الرجل: كيف لا تنكر بيعكم لي و قد هربتم بإبريق النبي من قبل؟

( صلى الله عليه وسلم).

أسرته في نفسي لكن بإستفهام أكبر من تهمة سرقة إبريق خاتم المرسلين . و هو هل أتى أهلي من الجزيرة العربية و بذلك نحن عرب ؟ . لكن عندما كبرت علمت أن شعب الزغاوة و على نقيض المجموعات الأفريقية الأخرى ترى في الإنتساب الي العرق العربي مسبة و مهانة لهم برغم أن جميعهم مسلمين و بدينهم يعتزون . ذلك بصرف النظر عن صحة موقفهم من العروبة من عدمها.

(٢)

بحكم النشأة خالطت الكثير من السودانيين و خاصة في الوسط ، إلا أنني لم أحتك عن قرب بأهلنا الشوايقة الا في المرحلة الثانوية و ما بعدها.

ثم قدر لي أن أعيش بالجوار منهم في إحدي ضواحي شرقي مطار الخرطوم . لم يكونوا مجرد أناس عاديين ، بل كانوا ينابيع من الصفاء و الإخاء.

مازلت أذكر حجم التعاطف الذي أظهره جيراني عندما علموا بتعرضي لصعقة كهربائية، الي حد عجزت والدتهم عن الوقوف على رجليها حتى ساعدها الآخرون للمجيء إلي للتأكد بنفسها بأن إبنها على قيد الحياة.

كان صهرهم صلاح و شخصي البسيط نسبح عكس تقاليد الخرطوم ؛ ربما الوحيدان اللذان يخرجان للإفطار ال رمضاني في شوارع الضاحية. ليس لأننا كرماء أو أغنياء ؛ فقط أننا سودانيين أو على الأقل على دين اهل الجزيرة الخضراء و الذين يرابطون في المساء على طريق مدني الخرطوم (ليس لنهب المارة و قتلهم كما فعل الجنجويد الاوباش المتوحشون القادمون من كوكب غير كوكبنا) إنما لإطعام المسافرين .

لحظة كتابة هذه السطور؛ فإن إبني يقضي إجازته السنوية في المهجر ببيت أحد أعمامه و خالاته من أهلنا الشوايقة.

ليت ربعاً مني يكون من الشوايقة و الربع الثاني من البجا. و لن أفصح عن مصير الربعين الاخيرين .

(٣)

(رغم مرارات الماضي و قتامة الحاضر الا انني متفائل بغد افضل – و التفاؤل اكسير الحياة. كل ما يحتاجه السودانيون هو التحول الي دولة ديمقراطية يحكمها القانون و يتساوى فيها الجميع – فيها يكون الناس الاحزاب و التنظيمات الحرة – و بتلك التنظيمات يمكننا حل معضلتنا التاريخية . لكن ان اردنا اصلاح الحاضر املا في غد اجمل للاجيال القادمة فلابد من مراجعة التاريخ و محاسبته- دولة جنوب افريقيا و التي تخلصت من النظام الفصل العنصري في التسعينيات استطاعت ان تحجز موقعها بين الامم المتقدمة اليوم و ذلك لا لشئ سواء ان شعبها اصحاب عزيمة قابلوا ظلامات تاريخهم بشجاعة و اخلاص. علم من ارتكب منهم الذنب من قبل ان لا احد سيحاسبه ان بات حاكما او محكوما فتخلى عن السلطة لصناديق الاقتراع طواعية و لم يتشبث بالحكم بدافع التسلط او منع الاخر من الاضرار به انتقاما للايام المظلمة. اذا على الناس ان يتخلصوا من فهم (ان لم اظلمك ستظلمني انت) .يمكننا ان نعمل سويا لمحاربة الظلم و تبديد الوهم ليوم افضل)).

ذلك ما قلته في أكتوبر ٢٠٠٩ عن سؤال صحفي حول تعافي المجتمع السوداني.

(٤)

التشكيل الوزاري الجديد و الذي بظننا يعد لوحة رسمت بإتقان مذهل فيها أستخدمت أجمل ألوان الجغرافيا والتاريخ ، فهي تستحق وضعها عند كل بيت سوداني ،لأنها تعبر عن الذي ينبغي أن يكون ،فهو السودان المتجدد ( و ليس الجديد).

الا ان البعض من الذين يفضلون العيش تحت رحمة وصايا الجوار الشمالي على العيش تحت سقف الندية و المساواة مع أبناء جلدتهم قد صعب عليهم الأمر .

فأنهالوا على حكومة أمل بكل ما هو قبيح و مقيت.

فهو أمر يجد منا التفهم ، لأن الذي أعتاد على الرضاعة من ثدي الحكم لوحده لأكثر من سبع عقود من الصعب عليه أن يتقبل مشاركة الآخرين له.

لكن الوقت كفيل بتعليمهم و لو على مضض.

دأبت على التكرار لكن ماذا بوسعى أن أفعل إزاء من تسلم الحكم من المستعمر و الجنيه السوداني كان يعادل ١٢ دولاراً لكن لسوء إدارته اوصل الدولار الي رقم يمينه عشرات الأصفار من العملة المحلية غير التكرار ؟

لهذا أكرر مناشدتي لشعبة القبائل بجهاز الأمن الوطني بإيقاف الجراد الالكتروني من النهش في جسد الوطن المثخن بالجراح أصلاً.

الحملة الممنهجة التي تديرها شعبة القبائل بجهاز الأمن (بإشراف مباشر من قبل صلاح قوش و دون علم الفريق أحمد مفضل ) ضد قبيلة الزغاوة و ضد القوات المشتركة سترتد على مطلقيها و على الوطن بأكمله قبل أي وحدة عسكرية أو جماعة إثنية.

لو أرادت حركات الكفاح المسلح نيل الحقائب الوزارية كانت لتقاسمت مناصفة مع مليشيا الدعم السريع و على إثرها تلقت أموالاً ضخمة من قبل كفلاء المليشيا الاقليميين.

لكنها راهنت على وحدة تراب السودان و كرامة أهله ،فآثرت الإنحياز للجيش و الدولة السودانيين .

و على الخيار التاريخي قدمت أرتالاً من الشهداء و مازالت تفعل .

(٥)

إفتقار كتاب تاريخ السودان للمهنية و الأخلاق و تحيزهم الأعمى لمناطقهم أورث الجهل بمعرفة الكثيرين عن تاريخ شعوب الهامش السوداني. لكن الأمل مع الحقبة الجديدة أن تعاد كتابة التاريخ ليعرف البعض أننا شركاء في الوطن مناصفة و ليس بمن البعض على البعض الآخر.

الذي يتعين على البعض فهمه أن شعب الزغاوة كيان كبير حتى على مستوى السودان و حركات الكفاح المسلح حتى إن كانت قوتها العسكرية الصلبة قوامها الزغاوة الا أنها لا تشكل غير نسبة رقم أحادي من القبيلة.

في الجانب الآخر فهي مجرد مكون من مكونات القوات الوطنية التي تقاتل تحت إمرة الجيش السوداني بجانب ( قوات العمل الخاص و البراؤون ، المستنفرين و قوات درع السودان) في تناغم و انسجام كبنيان مرصوص.

القوات المشتركة ليست كمليشيا الجنجويد الذين لا دين و خلق و لا وطن لهم .

انما هي قوات وطنية تحت قيادة القائد العام للجيش و رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.

تأتمر بأمره و تنتهي بنهيه .

الذين ينتظرون خروج القوات المشتركة عن طاعة الجيش السوداني أو التمرد على الدولة السودانية سيطول انتظارهم .

تبقى لي أن أقول : من يبحث عن الصفاء و الإخاء فليذهب للشوايقة

و من رغب في الوفاء و الفداء فليبحث عن الزغاوة. و من اراد جميعها فلينظر الي كل قبائل السودان.

الخير في جميع قبائل أمتنا .. دعوا التنميط !!

[email protected]

‫6 تعليقات

  1. (مازلت أذكر حجم التعاطف الذي أظهره جيراني عندما علموا بتعرضي لصعقة كهربائية، الي حد عجزت والدتهم عن الوقوف على رجليها حتى ساعدها الآخرون للمجيء إلي للتأكد بنفسها بأن إبنها على قيد الحياة.) ههههههههههههههههههههههههه فلنقاي حلمان وهمان قلت لي دايرة تقع تقع لهاتك الزغاوة والشوايقة يجمعهم شي واحد وهو المصلحة والانانية وحب الذات ودا من حقكم بس م يكون علي حساب الوطن والمواطن وانهيار الدولة تبا لكم وتبا للحرب ونعم لسلام والحكم المدني

    1. نعم هاتين القبيلتين هم قوام الكيزان في السودان جل الحرامية واللصوص وكبار القتلة والمجرمين من اهلنا الشوايقة وحراس السرقة عبيد الكيزان والبندقجية وكلاب الاجهزة الامنية وصغار الحرامية جلهم من الزغاوة وهم دائماً مستعدين على حراسة و مقاسمة المسروقات مع من سرق اياً كان دينه او جنسه ما يفرق معهم المهم يتقاسموا

    2. الدكتور سطحي .. الموضوع لا يدلل عليه بضرب الأمثلة الاجتماعية!! لأنني لدي من الأمثلة التي حدثت لي شخصيا تدل على عكس ما يرمي له اخينا دكتور برقو. الموضوع هو قوالب و نظم رسمت ملامح هذا البلد و جعلته كما يراه الجميع أسوأ قطر على وجه البسيطة. شغلة العواطف ولدي عند خواله البرتي و اعمامه كبابيش هذا هراء و ليس تفكير كتاب و نخب تفكر كرجال لإخراج دولة من الفساد و الانهيار المتداعي منذ فجر الاستقلال

  2. كلامك جميل جداً ولكن الشيء الذي نعيبه على قبيلة الزغاوة هو انها تريد ان تسيطر على اكثر من حقها بقوة السلاح اذ لا يتعدى تعداد قبيلة الزغاوة ٢٣٠٠٠٠ نسمة في السودان وحاكورتهم في اقصى شمال غرب دارفور تشتمل فقط على ثلاثة محليات فقيرة هي الطينة وامبرو وكرنوي بدون اي تأثير اقتصادي او سياسي او ثقافي فقط انهم يمتلكون السلاح ولا يريدون للآخرين امتلاكه كما ظهر عداءهم للشكرية عندما حملوا السلاح ووقفوا خلف كيكل فأصبح عدوهم اللدود نحن لسنا ضد الزغاوة ولكن ان يأخذوا اكبر من حجمهم في حكم السودان ودونك التشكيل الوزاري الاخير حتى من لم يكن منهم زغاوياً فهو يأتمر بأمر الزغاوة ونحن سكان الوسط والشمال والشرق وشمال كردفان لن نلدغ من الجحر مرتين ، اما ان يرجع الزغاوة الى حجمهم الحقيقي او سوف نقف ضدهم في كل شيء الى درجة ان ننادي بفصل دارفور

  3. مقال إستعطافي بفكرة طفولية وفوق لذلك يخلو تماما من الموضوعيه و وحدة الموضوع رغما حرف الدال التي تسبق اسم كاتبه! ففي شق يثنيالكاتب علي اهلنا الشايقيه ثناءا غير مستحق ويصورهم بمظهر النجاشي الذي لا يظلم عنده احد وفي شق آخر ينكأ جرح المظالم التاريخيه والتحيز الاعمي للمناطق وظلم الهامش ونحوه وهي أفعال يقوم بها ذات الشوايقه المتحكمين في البلد الذين يكيل لهم المدح وليس لي تفسير لعدم الإتساق هذا سوي ان الدكتور يريد إستجداء الشايقيه ليرموا لهم كزغاوه عظم من فتات السلطه التي يتنعمون بها وان يتقبلوا قسمتهم معه في السلطه والحكم..
    تاريخيا كما اسلف المعلقين اعلاه اكثر اذي نال السودان جاء من نخب قبيلتي الشايقيه والزغاوه وحتي حريق دارفور الذي تسبب في حريق السودان كله سببه خلاف علي عثمان الشايقي وخليل الزغاوي علي السلطة ولا يعلم الا الله الي أين يمكن يوصلنا صراع الشوايقة والزغاوة القديم المتجدد.
    الكاتب عرج علي الدعم السريع و وصفهم بالأوباش مثل ما ورد في هذا الإقتباس (ليس لنهب المارة و قتلهم كما فعل الجنجويد الاوباش المتوحشون القادمون من كوكب غير كوكبنا)! ولو فككنا ما بين الأقواس لوجدنا الوصف ينطبق بالكلية علي الزغاوة انفسهم اكثر مما ينطبق علي الجنجويد لأن قبيلة الزغاوة سابقة في النشأه للجنجويد بمئات السنين! وللتوضيح مثلا لو اخذنا (نهب الماره وقتلهم)، فنجد أنها من صميم ثقافة الزغاوة وهم لا يتحرجون اطلاقا من اعمال النهب والسرقة بل تعد محمدة ودلالة علي إكتمال الرجوله! ومن المعروف ان الزغاوة هي ربما القبيلة الوحيده التي لا تعترف للشاب ببلوغ مرحلة الحلم والرجوله مالم يذهب وينهب ويأتي بالسليب والغنائم! وعندها فقط تعترف القبيله انه وصل ميزان الرجال ويعترف به كرجل وسط الرجال! وهذا المسلك عقد علاقات جميع القبائل التي تجاور الزغاوة وتسبب في مشاكل وحالات قتل حتي داخل البيت الواحد وهو ما يفسر لماذا بدأ النهب المسلح من دارفور؟ ولماذا يمتهن غالبية الزغاوة التهريب وتجارة السلاح ولماذا قبيلة الزغاوه هي الوحيده التي لها طموح سياسي؟ فحتي الشوايقة المتحكمين في السودان لم يجرؤا علي اعلان طموحاتهم في الحكم كقبيله وإنما سعوا للحكم بواسطة ما يشبه الإئتلاق القبلي المكون من عدة قبائل تحت راية جهوية هي الشمال مع ترميز تضليلي لبقية الاقاليم وبعض القبائل.
    من يري عدم تحرج وزير المالية الزغاوي دكتور جبريل من اعفاء سيارة ابن اخيه من الجمارك وشغل اغلب المناصب القيادية في وزارة الماليه بأقاربه ومحاسيبه وتزويج بنيه وبناته في حفلات باذخة وإستئجار الطائرات وغيره من فساد،يتأكد تماما ان الزغاوة لا يتحرجون اطلاقا من اكل المال عامه وخاصه ولديهم ادبيات تبيح لهم ذلك ولا اقول دين لأن صلاتهم بالدين تكاد تكون ممارسة طقوسيه دون تطهر لا في الجسد ولا في الروح. اما الكرم فلم يعلم عنهم قط لا في تاريخهم القديم ولا الحديث وربما يكون برقو هو الإستثناء هنا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..