حكم حل «حزب الإخوان» يضع الأحزاب الإسلامية المصرية في وجه عواصف السياسة

القاهرة: محمد حسن شعبان
راقب حزب النور السلفي، الذراع السياسية للدعوة السلفية، عن كثب مسار الدعاوى المقامة ضد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والذي قضت المحكمة الإدارية العليا بحله قبل يومين، خشية مواجهة المصير نفسه، لكن مع صدور حيثيات الحكم يشعر قادة الحزب السلفي الآن بالثقة، فيما أبدت أحزب إسلامية أخرى متحالفة مع حزب الإخوان تحديا لحكم حل الحزب معلنة تمسكها بما قالت إنه «وحدة الموقف والمصير»، مما يعكس توقعها بتحريك طعون ضدها.
وعقب النطق بحكم حل حزب الجماعة، قال محامي الإخوان لـ«الشرق الأوسط» غاضبا «على أحزاب أخرى أن تستعد للمصير نفسه في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل»، في إشارة إلى حزب النور الذي ينتظر أن تواصل المحكمة نفسها الفصل في دعاوى تطالب بحله يوم 18 أكتوبر من العام الحالي. لكن طلعت مرزوق، المستشار القانوني للحزب السلفي، علق قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن مصير الدعاوى المرفوعة على الحزب هو الرفض.
وأضاف مرزوق أن حزب النور يواجه خمسة طعون أقامها محامون. ورفضت محكمة القضاء الإداري عشرة طعون ضد حزب الحرية والعدالة حركها محامون أيضا، لرفعها من غير ذي صفة، ولم تلتفت في حكمها إلا للطعن الذي تقدمت به لجنة شؤون الأحزاب، وهي لجنة رسمية ومخولة قانونا بتحريك الطعون ضد الأحزاب التي تخالف القانون، بعد إجراء تحقيقات تتولاها النيابة العامة في البلاد.
وخففت السلطات المصرية قيود إنشاء الأحزاب في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 التي أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وتشكلت معظم الأحزاب الإسلامية الحالية، بموجب قانون الأحزاب الذي تم تعديله منتصف عام 2011. وقال مصدر مطلع داخل حزب النور إن لجنة شؤون الأحزاب أبلغت قادة الحزب بأنها لن تحرك طعنا ضده، وهو أمر أكده مرزوق قائلا «هذا ليس سرا؛ فقد صرح به مسؤول في لجنة شؤون الأحزاب في يناير من العام الحالي». ويشير مرزوق إلى تصريح أدلى به المستشار محمد عيد محجوب، أمين عام لجنة شؤون الأحزاب، بشأن مراجعة اللجنة المواقف القانونية للأحزاب في أعقاب إقرار دستور البلاد الجديد. وحركت لجنة شؤون الأحزاب الطعن ضد حزب الإخوان في يونيو (حزيران) الماضي فقط.
ورغم التصريحات الواثقة التي أطلقها قادة حزب النور بشأن اختلاف موقفهم القانوني عن موقف حزب الإخوان، قال المستشار القانوني للحزب السلفي إن «مندوبا عن الحزب سيكون موجودا في جميع مراحل الدعاوى المقامة ضد حزب الحرية والعدالة، ولدينا ملف كامل عن مسار القضية. لقد درسنا التفاصيل جيدا».
وبات حزب النور السلفي أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد بعد حل حزب الحرية والعدالة، ويأمل الحزب في حصد مقاعد في البرلمان المقبل ترسخ وجوده في السنوات المقبلة. وكان الحزب قد حل ثانيا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أواخر عام 2011. وشارك حزب النور في صياغة خارطة المستقبل التي توافق عليها الجيش وقوى سياسية عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في يوليو (تموز) 2013، كما دعم الحزب الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية التي جرت منتصف العام الحالي.
واستندت محكمة القضاء الإداري في حكمها بحل حزب الإخوان إلى علاقته بالتنظيم العالمي للجماعة، وهو أمر يحظره قانون الأحزاب المصري، لكن الطعون المقدمة ضد حزب النور تستند إلى خلفيته الإسلامية التي عدها مقدمو تلك الطعون بمثابة تمييز بين المصريين على أساسي ديني، وهو أمر يحظره القانون أيضا. وينفي قادة الحزب تلك الاتهامات، ويؤكدون أن موقف حزبهم يتوافق مع القانون والدستور.
وحفظت النيابة العامة في أبريل (نيسان) الماضي تحقيقا ضد حزب النور، لكن المحكمة الإدارية العليا تواصل نظر دعاوى أخرى مقامة ضد الحزب، وسترفضها على الأرجح لرفعها من غير ذي صفة، بحسب مصادر قانونية ومحامي حزب النور.
على الجانب الآخر، تبدو الأحزاب الإسلامية المتحالفة مع جماعة الإخوان عرضة لصدور حكم مماثل لحكم حل «الحرية والعدالة» إذا ما حركت لجنة شؤون الأحزاب طعونا ضدها، وهو أمر يرى مراقبون أنه يضع مزيدا من الضغوط على موقف أحزاب التحالف الوطني لدعم الشرعية، قد ينتهي بانشقاقات داخله.
وسعت الأحزاب المنضوية تحت مظلة تحالف الإخوان إلى تبديد التكهنات حول مصير التحالف قائلة في بيان لها أمس إن موقفها مبني على «وحدة موقف ومصير». واستنكر التحالف في بيان شديد اللهجة حكم حل حزب الإخوان. وجاء في حيثيات الحكم بحل حزب الإخوان أنه «أتى بما من شأنه النيل من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي، وما هدد الأمن القومي المصري، انطلاقا من اعتبار ما حدث يوم 30 يونيو 2013 ما هو إلا مظاهرات من عشرات الآلاف وليس ثورة شعب، وأن ما حدث يوم 3 يوليو من العام نفسه، انقلاب عسكري». وتتأسس رؤية تحالف دعم الشرعية على الخلفية نفسها.
والأحزاب المنضوية تحت التحالف هي: حزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية)، وحزب الإصلاح، وحزب الوطن، وحزب الفضيلة، وحزب الراية (سلفي)، والحزب الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الجهاد)، وحزب الاستقلال، وحزب التوحيد العربي، وحزب الوسط، وحزب العمل الجديد.
وقال التحالف في البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنه يدرس «كل البدائل والخيارات السياسية المتاحة في ضوء ذلك القرار الباطل»، مشيرا إلى أنه سيعلن موقفه منها في أقرب وقت، مؤكدا على استمرار الثورة ضد ما يصفه بـ«عسكرة الدولة». وألقت السلطات الأمنية في البلاد خلال الشهر الماضي القبض على قادة بالتحالف، ووجهت لهم اتهامات بالانتماء إلى جماعة محظورة قانونا (جماعة الإخوان)، بالإضافة إلى اتهامات تتعلق بالدعوة إلى التظاهر وتهديد السلام الاجتماعي.
الشرق الاوسط