مقالات وآراء

النصر قادم والردة مستحيلة !!

د. احمد عثمان عمر
في الفارغة وملانا
يسفك في دمانا
دانة و راها دانة
في الحرب العبيطة
و الأوطان امانة
مواكب السابع عشر من مارس ٢٠٢٢م ، واصلت التاسيس للنصر القادم ، وطفقت تبني فوق الأساس العميق الذي وضعته الحركة الجماهيرية ، المستمرة في التحدي طوال هذه الفترة لتسجل سابقة تاريخية في الصراع المعلن ضد الانقلابات العسكرية . تأكد التنوع في مليونية الخروج ضد غلاء المعيشة، و ازدياد الحساسية التنظيمية والوعي بضرورة التنوع في اطار الوحدة ، وعدم اهمال القضايا النوعية في اطار الهم العام. لذلك بدأنا نرى مواكب داخل المواكب ، او مواكبة لها. فالخروج ضد غلاء المعيشة ، لا يمنع موكب رد الاعتبار المتجه للداخلية ، ولا موكب المعلمين في القضارف ، والخروج المتحدي والمنتصر على العصابة الحاكمة في شارع القصر ، لا يخفي تميز مواكب نيالا وعطبرة. وكل الحراك في الشارع والمواكب المتعددة والمركبة التي فضحت عجز سلطة الانقلاب ، اصبحت معززة بالاضرابات التي بدأت في التدحرج ، ومثالها الأهم اضراب المعلمين الناجح جداً بنسبة لا تقل عن ٩٥٪ ، والذي فشلت جميع محاولات كسره . جهات متعددة اخرى تحضر للاضراب ، وسوف تدفعها العصابة الحاكمة دفعا لذلك، لان مشروعها الاقتصادي المعادي للشعب لن يولد غير المزيد من الافقار والمعاناة ، ولان قمعها المفرط وتحولها لسلطة نهب علني يسرق عسكرييها الناس في الشوارع ، يدفع الحراك لمزيد من التنظيم واستخدام جميع الادوات اللازمة لهزيمة الانقلاب الحتمية والقادمة بدون شك . والتبشير بها ليس تفاؤلا غير مؤسس او دعاية سياسية كما يرى بعض المتخوفين من الحريصين على انتصار الثورة ، الذين يرون ان عدم هزيمة الانقلاب حتى الان فشلا وهو بكل تأكيد غير ذلك ، بل قراءة للواقع السياسي تعتمد على ما يلي :
اسقاط الانقلاب عملية تراكمية تعتمد على التنظيم وتنوع التكتيكات ، وهي في تطور مستمر لكنها لم تكتمل .
عدم اسقاط الانقلاب فورا ليس هزيمة ، لأن منعه من تثبيت اقدامه ومواصلة تحديه في تراكم صاعد لمدة خمسة أشهر في ظل قمع استثنائي ، هو انتصار للحراك الجماهيري.
فالحركة الجماهيرية حتى الان تمكنت من الحفاظ على حراكها برغم وحشية السلطة ، جودت تنظيمها وتسيدت قواها الجذرية الشارع وانتزعت قيادة الجماهير من القوى التسووية التي مازالت تعمل على استعادة هذه القيادة لتنفيذ مشروعها التسووي ، وتمكنت من إعادة تفعيل معادلة المركز والاقاليم في الفعاليات الثورية ، واضافت وسائل جديدة للمواكب بالفعاليات المختلفة وصولا لبدء حركة الاضرابات ، وبدأت في اعلان مواثيقها في اتجاه تبني ميثاق موحد ، وضغطت على قوات الانقلاب النظامية وارهقتها وهزمتها مرارا وتكرارا ووصلت القصر ، ومنعت العصابة الحاكمة من تطبيع وضعها كسلطة أمر واقع اجتماعيا وحرمتها من توسيع قاعدتها الاجتماعية، وافشلت محاولات الانقلاب في تكوين حكومة ، كما افشلت محاولات المجتمع الدولي المتعددة لتعويم الانقلاب . أيضاً ارتقت في محاولة تنظيم نفسها وخلق مركز تنسيقي موحد تكوينه ليس عملية حسابية ، بل صراع سياسي واجتماعي معقد ، سيصل الى غاياته لاسباب موضوعية وذاتية لا بد ان تتكامل وهي في طريقها إلى ذلك .
أما السلطة في الطرف الآخر ، فهي عاجزة عن فرض نفسها كسلطة ، وخالية الوفاض من اي مشروع يعالج ايا من مشاكل الواقع السوداني المعقدة ، حيث تعاني من عزلة افشلت محاولاتها لتكوين الحكومة ، وازمة اقتصادية طاحنة مرشحة للاستمرار حتى وان تم ضخ أموال من كفلاء الانقلاب الاقليميين ، كذلك تعاني من تحولها وبشكل مضطرد الى عدو مفضوح للجماهير عبر القمع والفشل في توفير الحد الأدنى من الأمن ، بل وتحولها لأكبر خطر على امن المواطن والوطن ، عبر إطلاق ايادي منسوبيها النظاميين ليتحولوا الى مجرمين صرحاء ، ويحولوها لقيادة عصابة للجريمة المنظمة ، عبر القيام بنهب المواطنين وسرقة اموالهم وموبايلاتهم وممتلكاتهم وارتكاب جرائم الاغتصاب، في دلالة ضمن دلالات أخرى تؤكد تفسخ السلطة واتجاهها نحو الانهيار الحتمي ، مما يحتم وضع تصور استراتيجي لاعادة بناء الدولة حتى لا تنهار بإنهيار سلطة الانقلاب.
كل ما تقدم يؤكد ان الحركة الجماهيرية تحصد تقدما وانتصارا وتسير بخطى واثقة نحو النصر ، وأن الانقلاب يحصد يومياً مزيدا من الهزائم في طريقه المؤكد نحو السقوط . لذلك الحراك الجماهيري لم يفشل في اسقاط الانقلاب ، لأن اسقاطه لا يتم بلحظة واحدة بل عبر تراكم تحكمه شروط الصراع الذاتية والموضوعية، ولأنه لا يوجد قيد زمني أصلاً لاسقاط الانقلاب حتى نحكم بالفشل في اسقاطه، ولأن الانتصارات المتراكمة هي الاجزاء التي تصنع الكل الارقى وتكرس الانتصار . فالاتجاه العام وفقا لذلك هو حتمية انتصار الثورة على الانقلاب ، دون ان يعني ذلك انها تسير في خط مستقيم ليس به عقبات نحو النصر ، فالصراع السياسي التطور فيه لولبي الطابع يرتقي نحو الاعلى في سياق اجتماعي اقتصادي معين ، ولا يعتمد على تصورات هندسية قائمة على حساب الجمع والطرح البسيط .
لذلك يبقى يقيننا بانتصار الثورة راسخ لا يتزعزع ، حتى وان واجهتها عقبات او تأخرت بعض الانتصارات.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله !! .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..