ارفع كراعك.. من رجلي.!ا

حديث المدينة

(ارفع كراعك.. من رجلي) !!

عثمان ميرغني

بعض الصحف المحسوبة على الحكومة.. وعلى رأسها صحيفة الانتباهة تستخدم مصطلح (الثوار) في الإشارة للمجموعات المسلحة التي تحارب حكومة جنوب السودان.. وأمس أوردت صحيفة آخر لحظة في عناونينها الرئيسية (الثوار الجنوبيون : اقتربنا من السيطرة الكاملة على مواقع النفط وشرق الاستوائية). بالله عليكم.. ما الذي يجعل المتمردين في الجنوب (ثواراً) بينما مجموعة الحلو وعقار في الشمال (متمردين!).. لماذا هم هناك ثوار .. وعندنا متمردون؟ أخشى أننا لا ندير علاقتنا مع دولة الجنوب الوليدة بإحساس أننا الدولة الأم .. الأخ الأكبر.. الذي يفترض فيه ليس مجرد تصحيح أخطاء أخيه الأصغر فحسب.. بل رعاية مصالحه حتى تلك التي لا يدركها.. بيننا ودولة الجنوب ألف مصلحة في مقابل مشكلة واحدة.. لكن الطريقة التي ندير بها يومياتنا معهم تركز على المشكلة الواحدة وتغض البصر عن الـ(ألف مصلحة) .. والصورة التي تنشر بها صحف الخرطوم المقربة من الحكومة أخبار المتمردين على حكومة الجنوب تجعلنا نظهر أمام العالم وكأننا نستثمر بل ونفرح بأي دفقة دم تسيل في الجنوب.. وكل رصاصة أو قنبلة تنفجر في ترابه.. الذين يحملون السلاح ضد حكومة جنوب السودان هم (متمردون) وخوارج.. خارجون على القانون.. حتى ولو كانوا يبتسمون في وجوهنا ويجاملوننا ببعض التحيات.. وكذلك الذين يحملون السلاح ضد الحكومة في دولة السودان.. في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وأي شبر في السودان هم متمردون وخوارج.. إلا إذا أردنا أن نطفف الميكال ونصبح (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون.. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون). في تقديري . ومع بداية حكومة جديدة و(جمهورية ثانية!).. الأفضل أن تضع الحكومة برنامجاً زمنياً محسوباً بكل دقة يحدد لنا متى نرتاح من الحروب.. بدلاً من الشرر المتطاير الآن على حدودنا مع دولة جنوب السودان.. نريد استراتيجية واضحة ترسم ملامح الاستقرار في السودان. لأنه بدون ذلك سنظل ندفع كل مواردنا الفقيرة قوتاً لنيران الحريق الكبير.. وحاجتنا لهذه الاستراتيجية أن معظم المعروض أمامنا الآن لا يبدو أكثر من (يوميات).. لا أحد يبدو مشغولاً بالمستقبل القريب فضلاً عن البعيد. لماذا لا تعلن الحكومة الجديدة برنامج الـ(100) يوم الأولى.. مائة يوم تبدأ من اليوم الأحد 11 ديسمبر 2011.. اليوم الأول للحكومة الجديدة حتى يوم 20 مارس 2012 .. ما الذي سيتحقق فيها.. تماماً كما يفعل الرئيس الأمريكي المنتخب حديثاً في بداية ولايته.. حيث يطرح برنامج المائة يوم الأولى.. والمائة يوم لا يقصد أن تتحقق فيها إنجازات ملموسة .. لأنها عمر قصير (جداً) أقصر من خصر مرية صلاح أحمد إبراهيم التي قال عنها: (وحزاماً في مضيق كلما قلت قصير هو.. كان الخصر أصغر).. لكنها بذرة المستقبل .. أو ما يسميها العامة (رواب).. تبنى عليه الخطة الأشمل.. والذي نريده من الحكومة في (مائة) يومها الأولى.. أن تقول لشعب السودان .. متى ترتاح منه البندقية؟؟ أما زملاؤنا في صحف الخرطوم.. نصيحة لوجه الله .. كونوا (محضر سلام).. ولا تنفخوا في النيران.. وسموا الأمور بمسمياتها.. الذين يحاربون حكومة جنوب السودان هم خوارج ومتمردون.. تماماً مثل الذين يحاربون حكومة السودان..

التيار