سوق أم دفسو “بتاع أمبدة” جامعيون بدرداقات وطبيب خضرجي

الخرطوم – مصعب محمد الهادي
تبدو حركة الأسماء وتنقلها من مكان لآخر أكثر سرعة من تنقل البشر أنفسهم، فالإنسان حين يصعب عليه – على سبيل المثال – السفر إلى العاصمة السعودية الرياض، يمكنه – في لمحة بصر – أن يطلق هذا الاسم على مكان سكنه في الخرطوم، ثم يتحدث يومياً عن أنه من (ناس الرياض)، وهكذا دواليك تتحرك الأسماء من منطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد وبين بلد وآخر، فترى المنشية، الطائف، قاردن سيتي وخلافها هنا وهناك.
ولأن سوق أم دفسو الشهير في مدينة الأبيض ليس استثناءً عن هذا الحراك الرهيب فإنه تحرك بسرعة من الغرب إلى أم درمان، إذ أطلق على أقدم أسواق حي أم أمبدة، وقيل إن ذاك السوق منح هذا الاسم نسبة إلى اكتظاظه بالناس والحركة التجارية الدؤوبة، وقيل إنه تم تأسيسه في العام (1971م) وهو سوق جذب إليه الشرائح المجتمعية كافة من مثقفين وخريجي جامعات، فمنهم من يعمل (بالدرداقات) وبيع الخضروات، ولن تصدق إن قلنا لك عزيزي القارئ إن هناك طبيباً يعمل في تجارة (الهتش)، ولا يجد أي حرج في الحكي عن مهنته الجديدة التي اضطر للعمل بها بسبب الظروف الاقتصادية وعدم توفر فرص عمل، لكنه اشترط علينا عدم النشر، إلى جانب الكثير من القصص والحكايات الواقعية التي عشناها داخل السوق، فمعاً إلى هناك..
أشهر جزار :
فى البدء تحدث إلينا كبير الجزارين والأمين العام للسوق عبدالقادر خليل الملقب بـ(انجليز)، فقال: تأسس (أم دفسو) عام (1971م) في حي بسيط يمثل نموذجا مصغراً للسودان، ورغم انفصال الجنوب لا يزال الجنوبيون يعملون معنا. وأضاف: في الآونة الأخيرة، انضم الإخوة الإثيوبيون للسوق، واستطرد: سوقنا دا فيهو أي حاجة، وكان جيتو أصلك مابترجع فاضي، بعدين ناس السوق عندهم صندوق تكافلي يضع فيه كل بائع عشرة جنيهات أسبوعياً من أجل مساعدة الفقراء والمحتاجين والأيتام وأصحاب الحالات الطارئة.
أبكر سمك وعبدالله جرايد
بائع الأسماك الشهير بـ(أبكر سمك) حدثنا عن تاريخ السوق وعن طبيعة عمله، قائلاً: بدأت العمل بالسوق في العام (1988) في مهنة بيع الأسماك على يد (عمك باشا) الذي كان يضع لي الأسماك في (الطشت) ويتركني أبيعها، ولم تتجاوز سني حينها الـ(13 عاماً)، والحمد لله اليوم أصبحت أشهر بائع سمك في أم دفسو.
من جهته، حكى لنا عبدالله محمد الشهير بـ(عبدالله جرايد) قصته كأشهر بائع صحفي في السوق، بقوله: أنا أعمل فى بيع الصحف هنا منذ العام (1985) أيام الجريدة الواحدة تضاهي سمعتها (قناة الجزيرة). وأضاف: في الزمن داك كانت بقرشين تلاتة، وأنا براي كنت ببيع (850) جريدة يومياً، لكن الآن انعكس الآية تماما واتغير الحال، وهسي في أحسن الحالات ببيع زي (150) نسخة بس، وأنه رغم كثرة الصحف الصحف السياسية فإن الإقبال على الرياضية هو الأكبر، خاصة لمن تكون في مبارايات كبيرة أو قمة.
توابل وبهارات :
بائع التوابل عبدالله صالح له قصص وحكايات مشوقة، يقول: بدأت العمل في السوق العام 1992 واستطعت أن أعلم أبنائي من تجارتي بداخله، واكتسبت كذلك الكثير من العلاقات الاجتماعية، ونحن داخل السوق أسرة واحدة ويداً واحدة، لكن لفت إلى أن حركة البيع (ما زي زمان) وعزا الأمر إلى الظروف الاقتصادية البائسة.
في راكوبة حليمة.. الشاي بالدين
في (طرف السوق) تقوم راكوبة صغيرة مكتظة بالزبائن قررنا التوجه نحوها، إنها راكوبة حاجة حليمة، أشهر بائعة شاي بأم دفسوا فجلسنا إليها وسألناها عن السوق ردت بسرعة: يا ولدي زمان كنت ببيع كباية الشاي بـ3 قروش، والزمن داك القروش كانت عندها قيمة وبركة، لكن هسي الدين كتر، والله أنا ذاتي بقيت زي تاجر الدكان عندي كراس جرورة عدييييل. واستطردت: لكن نعمل شنو ما في حل، والله غالب لازم نشتغل عشان لقمة العيش، ثم داعبتنا قائلة “هوووي يا ناس (اليوم التالي) ما بتلقو لي شغل معاكم”، فضجت الراكوبة بالضحك.
ملك الكمونية
بلال الدومة الشهير بـ(ملك الكمونية) يعمل في السوق منذ أكثر من عشرين عاماً، يقول عن مهنته: زمان الكمونية كان عندها زبائن كتار لمن بيقيفوا ليها صف ويتخاطفوها خطف، لأنها كانت رخيصة وطيبة المذاق، كنا نبيع الكمونية الكوم الواحد بــ(3 جنيهات)، تاكل فيهو إنت وسبعة من جيرانك، لكن بعد دا الحمد لله على كل حال.
كسير تلج
وفي السياق ذاته، التقينا بأشهر بائعي الثلج لأم دفسو، فمازحنا (إبراهيم) قائلين (ياعم إبراهيم بتكسر تلج من بتين) فرد ضاحكا: (من 1984 تتخيل). وأضاف: (أم دفسو) سوق لا يوجد له شبيه بالعاصمة، فهو سوق به كل شيء وبداخله قيم إنسانية ومجتمعية كبيرة، وكل الناس والتجار على إخوة ومتعاونين ويتعاملون مع بعضهم البعض بكثير من المحبة والإنسانية، نحن بس دايرين من السيد المعتمد يرتبه وينظمه لنا ونتعشم فيه كثيراً، وهو رجل هميم لا يتوانى في الاستجابة لطلبات المواطنين كما عهدناه.
سوق الترزية :
إلى ذلك، يقول حافظ حسين أحد (ترزية) السوق إنه ظل يعمل هنا لأكثر من (14) عاماً. وأضاف: بقينا مع التجار إخوان عديل، وأشار إلى أن أغلب زبائنه نساء، وهو يفضل العمل معهن لأنهن يفصلن التفصيل حسب الجسم والذوق، مستطرداً: أما الرجال بقت موضتهم واحدة (كباية 15 وجلاليب وبس.
اليوم التالي
ياجماعة فكونا من الافلام الهندية دكتور شنو االبشتغل تاجر هتش في نقص حاد في الاطباء ولو فتح لي عيادة ساي في الحلة امورو بتظبط