قضية الطفل (علاّل)..عندما تتحول فرحة (الختان) لمأساة..

* خطأ في عملية ختان يدفع ثمنها الطفل علّال..
* تكلفة العملية حسب القمسيون الطبي (78 الف يورو).. وتعويض المتضرر من المحكمة 7 الف جنيه..
* بعد عشرة أيام على تسلم رئاسة الجمهورية أوراقي.. تمت إعادتها.. (عشان الورق دا ما يضيع خليهو معاك)..
* والد الطفل: حينما أُجريت عملية الختان لم أكن موجوداً، وتفاجأت بعد عودتي بالمصيبة..
* ذهبت لوالي ولاية الخرطوم د.عبدالرحمن الخضر بمكتبه فأعطاني مبلغ 200 جنيه سوداني..
* حماد الساير: طفلي يئن من الألم ويقضي حاجته تحت رحمة القسطرة منذ سبع سنوات..
أُجريت عملية ختان للطفل علال الساير حماد إسماعيل، ونتيجة لخطأ تم بتر الجزء الأمامي من عضوه الذكري، في ختان جماعي قامت به مؤسسة حكومية عريقة في العام (2007م) ولاية الخرطوم فرع المغتربين بغرض مساعدة اليتامى والأرامل، علال الساير حماد ابن الساير حماد الذي يسكن بقرية ودشنتور ريفي الحصاحيصا، ولحظة حدوث البتر قام المُمرض الذي أجرى العملية المرحوم أمام آدم الضو بإخطار المساعد الطبي بمنطقة الصداقة عبيد علي محمد أحمد شنتور والذي قد تم مشروع الختان الجماعي بمنزله الكائن بالصداقة الذي تعامل مع الكارثة بكل برود..
لم يترك والد علال باباً إلا طرقه ابتداءً بمركز شرطة الحصاحيصا لفتح بلاغ في مواجهة الجهة المنظمة للختان، والذي تم شطبه وتحويله من المؤسسة إلى الجهة الوسيطة التي أدت مهمة الختان بتفويض من الجهة القائمة، وواصل الى المركز الصحي بمنطقة الصداقة ثم إلى مستشفى الحصاحيصا، ومستشفى ود مدني وأم درمان إلى أن قرر له القمسيون الطبي بعلاج ابنه علال بالخارج، ولم يترك (أبوعلال) وزارة أو وزيراً.. حتى مقابلته رئيس الجمهورية، بالرغم من كل ذلك لازال الطفل (علّال) ذو العشرة أعوام يعاني مما حدث له ويقضي حاجته تحت رحمة القسطرة.. ولم يجد حماد الساير حلاً سوى أن يلجأ.. للـ(جريدة) حيث تم نشر تفاصيل القضية قبل سنوات، حيث كان والد (علّال) في مراحل بحثه الأولى عن مخرج لأزمة ابنه، ولأن هناك كثيراً من التطورات في القضية، رأينا أن ننشرها مرة أخرى بما تحمله من تفاصيل جديدة لمأساة الطفل (علّال)..
قضية تطرحها: إيمان جكسا
ختان جماعي
قال والد الطفل علال حماد السائر قبل سبع سنوات جاءتنا قافلة لإقامة مشروع ختان جماعي قامت به مؤسسة حكومية لمساعدة الأيتام والأرامل، وقد تم ختان طفلين اثنين من أبنائي في تلك القافلة ولم أكن موجوداً بالبيت وقتها، حيث كنت أباشر عملي بالزراعة وبعد أن عدت الى البيت مساءً تفقدت الأبناء وتفاجأت بأن أحدهما قد تعرض لخطأ أثناء الختان وصل لحد الشرايين التي تمت خياطتها، فأخذته وذهبت به لعيادة الجراح (المساعد الطبي) عبيد علي، والذي قال لي بعد أن فحص الجرح: الولد لم يُصب بشيء، إلا أن المرحوم آدم الضو همس لي قائلاً أنا الذي قمت بعملية الختان وثمة خطأً وقد أخبرت عبيد بذلك الخطأ لحظة حدوثه، إلا أنه طلب لعمل الخياطة واكتفى بذلك، وعبيد قرر ألا يتحدث وأن يتستر على هذه الجريمة، وكان يأتينا في البيت للغيار فقط وكأن أمراً لم يكن.
وتابع السائر حماد قائلاً: ظل ابني يئن من الألم لأسبوع كامل، وكلما ذهبتٌ به إلى الطبيب ليعطيه جرعةً من البنسلين ويكتفي بذلك لأنه لا يملك حلاً لما حدث، ولخطورة الموقف لجأت لفتح بلاغ ضد المؤسسة التي قامت بالأمر وتم فتح البلاغ بمركز شرطة الحصاحيصا في شهر (10/2007م) والذي تم شطبه وتحويل الجاني فيه بدلاً عن المؤسسة القائمة بالأمر إلى المساعد الطبي الشخص القائم بعملية الختان وهو المرحوم إمام آدم الضو، وأصبحت في متابعة للقضية الى أن تم الحكم فيها (شهر ديسمبر في العام).. بالتعويض مبلغ (7) ألف جنيه..
تحويلات وتنقلات
قرر الطبيب بمستشفى الحصاحيصا احتجازنا بالمستشفى لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك تم تحويلنا الى مستشفى مدني والمتابعة مع اختصاصي الأطفال بمستشفى ود مدني د.فيصل عبدالجليل نقد، وهناك تم تركيب قسطرة للطفل علال، مثلما حدث في مستشفى الحصاحيصا التي مكث بها قرابة الثلاثة أشهر، تم تحويلنا من مستشفى الأطفال بود مدني لمستشفى أم درمان وتحديداً لمستر أسامة مرتضى ومستر علي قرجة وبعد الكشف وعدة فحوصات صرف بنسلين للطفل علال من قبل الطبيبين ليتم تحويلنا الى مجمّع فتح الرحمن البشير، وتابع والد الطفل علال حماد الساير قائلاً: (في المجمع بعد ماشافوا الشافع قالو لينا أمشوا القمسيون الطبي) كان ذلك في العام (2011م) وهناك وجدنا تقريراً مجهزاً كأنه في انتظارنا تقرر فيه بأن إجراء عملية رقعة بفرنسا ومن هنا بدأت رحلة الجزء الثاني من رحلة المعاناة.
قرع أبواب ولاة الأمر
يقول والد الطفل علال حماد الساير بعد أن تقررت العملية من القمسيون الطبي والتي تبلغ تكلفتها (78 الف يورو)، ذهبت بالأوراق في العام 2012م الى المؤسسة التي قامت بأمر الختان الجماعي في العام واستلموها ولم تتم إعادتها وقالوا بعد الحكم في القضية ودفع الغرامة التي كانت قيمتها 7 الف جنيه لا يمكننا أن نقدم لك شيئاً وحينما طالبت بالورق رفضوا أن يردوه لي.
يتابع أبو علال في نفس العام لجأت لديوان الزكاة، وشرحت لهم حالة ابني وتكلفة العملية المقررة في فرنسا، إلا أن الديوان لم يقدم لي شيئاً.. وطفقت أطرق أبواب النافذين والمسؤولين من أولي الأمر ابتداءً من رئاسة الجمهورية الذي التقيته في العام 2011م بمسجد القوات المسلحة وسلمته الملف بما فيه جوازات السفر وتسلمها مني وكبر وهلل، ثم بعد انقضاء عشرة أيام على تسلمه الأوراق ذهبت مستبشراً بأن أجد معها جزءاً من تكاليف العملية إلا أنني تسلمت أوراقي وجوازاتي من الحرس وقال لي مردداً عبارة (عشان الورق دا ما يضيع خليهو معاك)، وفي سبيل أن اجد بصيص أمل من إعانة على استشفاء ابني لم يفوتني أن أصل علي عثمان محمد طه في العام 2012م أي في ذات العام في منزله واستلم مني الورق بحمد الله، كما ذهبت لمنظمة التضامن العالمية والتي بعد أن ختمت لي الأوراق أرشدوني بأن أرجع لنائب رئيس الجمهورية، وفي أواخر العام 2012م ذهبت لوالي ولاية الخرطوم د.عبدالرحمن الخضر بمكتبه فأعطاني مبلغ 200 جنيه سوداني، وتتواصل الهرولة بين المؤسسات الحكومية وبيوتاتها الى أن رجعت أعيد الكرة من حيث ابتدأت الهرولة وبدأت مصيبة ابني الى مكاتب المؤسسة التي قامت بمهمة الختان الجماعي، إلا أنني خرجت من عندهم صفر اليدين..
ومضى أبو علال بأسىً: بلغت بي الحيرة لحد السؤال (الشحذة) وفي أوائل العام 2013م وطرقت باب جمال الوالي آملاً أن أجد حلاً لمصابي الأكبر في ابني الذي ليس أمامه خلاص سوى إجراء عملية له في باريس، وكل ما كنت أتلقاه من معونات كان عباره عن مائة جنيه أو مائتين جنيه.
وبعد كل هذا البحث المضني لم يمل أبو علال واستمر في طرق الأبواب الى أن وصل وزير الصحة وقال حماد الساير إنه حينما دخل لوزير الصحة وجد بمعيته د.عبدالرحمن الخضر الذي في لحظته أوصى بأن يتم الاعتناء بالطفل في دار العلاج التخصصي ببحري.. قرعت باب التيجاني السيسي في العام 2013 في مكاتبهم بشارع المعرض.. ولجأت بعد كل ذلك الى وسائل الإعلام والتي لا تملك حلولاً جذرية للقضية غير أنها تعمل على طرحها عبر وسائلها ولجأت لحقوق الإنسان (مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان)..
المحررة
في عصر أصبح فيه العالم يتحرى الإنسانية حتى في تعامله مع الحيوان.. نحن لم نزل في الألفية الثانية ننشد أبسط الخدمات وأهمها لنبقى على قيد الحياة، وحينما تتلاشى الإنسانية تنعدم مقابلها الكرامة وقيمة الإنسان، ويصبح تزليل الصعاب هو المستحيل، ولا أحد يقف إلى جانب الآخر.. ولا ينتبه البعض للقيام بأدوارهم التي تم تكليفهم بها، أو الالتفات لتلافي خطأ فادحاً اُرتكب في حق طفل برئ، أخطأ في حقه البعض دون قصد.. وتجاوزته السلطة بكامل ترصدها.. وتتجه اهتمامات الدولة نحو أشياء لا ناقة للمواطن فيها ولا جمل.. تُرى من المسؤول من محنة الطفل (علّال).. الذي قام بختنه..؟ أم المدير الطبي الذي صمت والأخطاء تُرتكب أمامه؟ أم الجهات التي لم تلامس مأساته أفئدتهم؟.. تساؤلات على هامش المأساة.. في انتظار أن تتحرك إرادة ما لتنقذ (علّال)..

الجريدة