الكابوس

د. مهدي تاج الدين
نهضت عزة مذعورة وبدت تركض بشكل جنوني نحو الباب ثم تعود كأنها راقصة فوق خشبة المسرح ، تارة تقفز وتارة أخرى تسقط وهي تصرخ بشكل جنوني…. ألحقوووووني ، وكأن خشبة المسرح قد تحطمت تماماً ولا تصلح للعرض ، كانت تولول وتحرك أطراف أصابعها على الأرض كأن الزجاج يتناثر على الأرضية …. نعم إنه الزجاج القرمزي المثبت بإحكام على النوافذ قد هوت وتناثرت في كل مكان جراء دوي المدافع وأزيز الصواريخ والطائرات ، إنه كابوس لا محالة ….. لا بل حقيقة ، إنها الأسوأ إطلاقا.
إرتدت عزة ثوبا أحمراً وشيئاً أسوداً لبرهة ثم أدركت أنهما لونان مستخلصان من القسوة ، غطت سحب كثيفة من الدخان كل مكان وسال الدم نهر ، وعلى جنبات الطريق تفوح رائحة الشواء والأشلاء ، جثث تفحمت وأشلاء تتلقفها الكلاب بدت عزة كأنها تستمتع ، فقد نسيت وجود جمهور أو لجنة وساطة أو أحزاب يمين أو يسار أو عسكر ، ما عادوا يستبشرون ، بل صاروا وحوشاً ضارية وأفسدوا كل شي.
أحقاً نسيت عزة كل شي؟ . حتى وجود ذاك الفارس المغوار! .
لقد اعتزلت عزة التطبيل والرقص وأقسمت على ألا تعاوده أبداً ، أقسمت أنها لم ولن تتمايل على أطراف أصابعها مجدداً ، إنها لها مواعيد مع قادم يرتسم في خيالها لتصنع من أكاذيب كثيرة … حقيقة.
هي تريد أن تدوس الأشواك والزجاج وتستمتع بالألم ، يائسة الإيقاع تبكي وتبتسم تحيا وتحتضر ، الملاك الذي بداخلها لا تستيقظ إلا بدمعة باردة على الخد … ثم تتساءل أين أنا؟ .
أهذا هو الوطن؟ لا لا ليس هو ، فالوطن حيث تتوفر مقومات الحياة لا مسببات الموت! .
والحال كذلك ، هل ستدرك عزة مفردة الوطن أم ستعرف فقط أن حياتها وقيمتها تكمن في الفرار؟ ثم إلى أين وإلى متى؟.
يا زول اتق الله الملاىكه ليسوا اناثا