نزيف الكلمات

زمان مثل هذا

نزيف الكلمات

الصادق الشريف

? بدءاً لا يسعني سوى الأسف والحزن للمساجلات الصحفية التي جرت رحاها بين زميلي مهنة وصديقين عزيزين الأستاذ الهندي عزّ الدين عمر رئيس تحرير صحيفة الأهرام اليوم.. والأستاذ ضياء الدين بلال عبد المحمود رئيس تحرير صحيفة السوداني.. فهما زملاء مكتبٍ واحدٍ.. وبداية واحدة في صحيفة الوفاق الغراء.. بعدها مضيتُ زماناً في عالم الهندسة ومضيا في عالم الصحافة.. ولكن تلك قصةٌ أخرى. ? كان الأستاذ محمد طه محمد أحمد عليه رحمة الله يقول لي بإيمان وقدرية يُحسد عليهما (والله يا الصادق.. أنا حاسي بأني ما اخترت أي زول من الشباب القاعدين في المكتب داك).. ويشير إلى مكتب التحرير حيث يجلس ثمانيةً صحفيين (ضياء الدين بلال/ الهندي عزّ الدين/ رحاب طه/ جمال على حسن/ جعفر باعو/ محيي الدين شجر/ خالد الملك/ وشخصي الفقير).. ويضيف (أنا حاسي إنو الأقدار اختارتهم لشيء يعلمه الله.. احتمال يكون عندهم دور في المستقبل.. الله اعلم).. رحمه الله رحمةً واسعةً ودائمة.. كان يستفتي قلبه وإن أفتاهُ الناسُ. ? أقول: لم يكن من داعٍ لتلك المساجلات أبداً أبداً.. على (أقل) تقدير صوناً لعشرة السنين و(صحن الفول والملح والملاح).. وعلى (أوسط) تقدير تصديقاً لقول الأستاذ الراحل عنهما/ عنّا وعن دورٍ يتوقعه لهما/ لنا جميعاً في المستقبل (والذي هو الآن وقادم الأيام).. وعلى (أعظم) تقدير لأنّهما الآن في وضعٍ تحريري متقدّم.. يترأسان صحفاً تعتبر منابر للوعي.. ويمسكان بأقلامٍ ينتظرُ منها هذا الوطن الكثير.. أرجو ألا يطول انتظاره. ? لكنّ التخريمة التي أريد أن أعرج عليها في هذا المقال.. هو أنّ الحشائش تضررت كثيراً.. وهي دائماً ما تتضرر عند صراع الأفيال. ? خذ نادي الزوارق مثلاً.. لم يكن كثيرون يعلمون أنّ هنالك ضبطية تمّت في النادي في قمة جسد السنة/ رأسها.. وأنّ تلك الضبطية حصدت فتيات وفتيان وويسكي وحشيش!!!.. من كانوا يعلمون ذلك يُعدّون على أصابع اليد. ? لكنّ بعضاً من إداريي نادي الزوارق أرادوا الاصطياد في المياه العكرة.. فأصدروا بياناً ينكرون فيه الحادثة.. التي وردت في صحيفة السوداني.. ولأنّ المعركة بين السوداني والأهرام اليوم.. فقد ذهب أهل الزوارق مُبتلين ببيانهم إلى صحيفة الأهرام. ? النتيجة أنّ السوداني جاءت بمستنداتها على الحادثة.. ولكنّ النتيجة الأكبر.. هي أنّ الدائرة التي علمت بالخبر.. توسّعت.. وتوسّعت.. وتوسّعت.. لم يكن في مصلحة القضيّة أن تتوسع إلى هذا الحد.. في مجتمع لا يحتاج إلا لرأس الخيط في قضايا مثل هذه ليأتي ببقية الخيط.. وبقية السيناريو وبطل الفيلم والخائن.. والمخرج.. والمشروب وحامله والمحمول إليه. ? ليته يكون النزيف الأخير للأقلام التي يعشق القراء أن يروها تكتب عن همومهم وأحزانهم.. ليت. ? أعتقد أنّ مثل هذا النوع من المساجلات يخصم من رصيد الزميلين.. كلّ كلمة تسحب جهود شهر من العمل التحريري.. وتهرق كرامتهما في أرضٍ فلاة. ? لا بدّ أن يتوقف نزيف الكلمات حتى لو أنّ هنالك بعضاً من المشجعين/ الحاقدين الذي يجلسون في المساطب الخلفية (دائماً).. ويصفقون حتى تدمي أيديهم حينما يخرج أحد اللاعبين الكبار.. ويجلس بجانبهم.

التيار

تعليق واحد

  1. والله الاتنين حشرات وشماشه فجاتن زى ما بقول الا ستاز جبره لقو نفسهم روؤسأ تحرير وما صدقو

  2. عزيزى الصادق الشريف / ان شاء الله شيل اسمك

    حقيقة الذى يحدث و يكنب فى الصحافة السودانية فى السنوات الاخيرة يدعو للشفقةو الرثاء. و الانحدار الاخلاقى الذى يهوى بها .. مما يؤكد ان اقلام الصحفيين عندنا افتقدت الامانة و الضمير السودانى الحى و المسئول و اغلبها باع نفسه للشيطان و صار صرير القلم يؤجج نار الفتنة و الضغينة و الكراهية .
    رغم كثرة اصداراتنا من الصحف بأنواعها و كثرة محرريها الشىء الذى كان من النفترض خلق دائرة تنافس شريف فى مناخ من التنوع الثقافى و العرقى الذى يتميز به السودان و لكننا اضعنا هذا التنوع و نخشى من وراء ذلك العبث الصحفى ان نفقد السودان من بين اصابعنا .

    رحمة الله على اجيال مضت /حسن نجيلة /عبدالرحمن مختار/محمداحمد محجوب /صلاح احمد ابراهيم و غيرهم كثير .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..