الحبوب؟!!

رجاء نمر
الصورة تكاد تكون شديدة السواد نتاج الارتفاع الجنوني المستمر لأسعار الدواء في ظل سياسة التحرير التي أثقلت كاهل المُواطنين ودَفع مَسؤولين حكوميين لتوجيه أصابع الاتهام إلى عدة جهات قالوا إنها المسؤولة عن الارتفاع غير المبرر للأسعار، وأرجعوه إلى ?جشع بعض مُستوردي الأدوية وضعف الناتج المحلي منها ووجود مُضاربين في الدواء?، من جَديد بَرَزَت إلى السطح قضية فساد شركات الأدوية التي استولت على مبلغ (30) مليون دولار كانت مُخصّصة للاستيراد، وهنا تكمن التناقضات ويكمن الغُموض، الشركات قامت بمخالفات بحصولها على مبلغ (104) ملايين درهم إماراتي، ولم تفِ بالتزاماتها باستيراد الدواء كما أن البعض قَامَ بتسجيل شَركات وأسماء أعمال (وهمية)، وزوّروا خطابات للمجلس الأعلى للسموم، للسماح لهم بالاستيراد، ودون شك فإن غش الأدوية يؤدي إلى الهلاك ثم الموت ونجد أن كثيرين لجأوا إلى الطب البديل الذي راجت تجارته مؤخراً وجعلوا لكل عشبة أسماً وتعالج (اسراب من الامراض) الفتاكة وغيرها وحذر مختصون من تناول الأدوية المغشوشة حيث أن مكونات الدواء المغشوش تحتوي عادة على نسب قليلة من المادة الفاعلة في الدواء الأصلي، أي أقل من الجرعة القانونية، مما يشكل خطراً على حياة المريض بما يسببه من مضاعفات وصعوبة علاج? أن الأخطر في الموضوع هو احتواء بعض الأدوية المغشوشة على مركبات كيميائية سامة ومكونات مجهولة قد تؤدي مباشرة إلى الوفاة والمشكلة الآن التي نعاني منها أن الدواء المغشوش نفسه غير متاح وإن وجد فأن أسعاره ليست في متناول اليد ..وفي تقديري أن انفلات السوق شمل معه سوق الأدوية وهنا تكمن الخطورة أن يتم التعامل مع الأدوية كسلعة تجارية.
توجد حوالى( 12) ألف شركة دواء حول العالم( 25) منها فقط تحتكر نصف صناعة الدواء العالمية حيث أن جميع الشركات المسيطرة على تلك التجارة شركات أوروبية أو أمريكية.
وفي المقابل وبرغم أن بلدان العالم النامي تعد المستهلك الأول للعقاقير الأساسية إلا إنها الأقل تقدماً في هذه الصناعة وتشكل وارداتها من الأدوية نزيفاً هائلاً لعملاتها الصعبة الأمر الذي يؤدي إلى إنهاك الاقتصاد.
حديث أخير
حتى الآن لم يظهر مفعول العمليات (الجراحية) التي تجريها الحكومة في تخفيف حمى سوق الدواء الذي أصاب المجتمع بصداع دائم ليصبح البندول الأكثر استهلاكاً مؤخراً نتيجة انعدام كثير من الأدوية إلى متى هذا الحال؟.
التيار