أخبار السودان

?البقرة الحلوب? تلاحق حكومة القضارف ومؤسساتها المالية المزارعين والتجار بالضريبة تلو الأخرى وتشحذ همتهم لمواجهة لن تكون نتائجها مرضية من جانب الإنتاج ولجهة السياسة أيضاً

القضارف ? حسن محمد علي
بشيء من الحيرة ينظر المنتجون والتجار للهجمة الشرسة الموجهة للإنتاج هذه الأيام في ولاية القضارف، فمنذ أيام بدأ تضييق واسع على الأنشطة التجارية والإنتاجية بفرض رسوم وضرائب عالية، لا تتسق مع السياسات العليا للدولة فقط، بل تتعداها إلى سياسات قسرية ومجحفة برأيهم ومذلة للمنتجين، ونتائجها كارثية على الإنتاج والاقتصاد، وتقفز فوق معطيات متدنية أصلاً في هذه الممارسة من النشاط، التي بالكاد تسد رمق ممتهنيها.
(1)
يتهم المنتجون والتجار وهم وجهان لعملة واحدة، يتهمون وزير المالية بولاية القضارف عمر محمد نور، ويرونه الأكثر عداءً من ناحية اجتراح السياسات المؤدية للخسائر والتضييق، ويرون أن ما يصدره من قرارات وتوجيهات لجهات ذات صلة بسلطته المالية والإدارية عبارة عن سلسلة مدروسة بدأت منذ العام الماضي الذي شهد زيادة قياسية على تجديد رسوم المشروع الزراعي بواقع (6) جنيهات للفدان، حيث لم يكن يتجاوز الرسم جنيهاً واحداً في أقصاه، وحيث لا يكلف عمر نور وزير المالية الذي اشتهر ? بخلاف الحقب السابقة ? بضخ الأموال لصالح بناء صروح تنموية للحكومة أبرزها المجلس التشريعي وقصر الضيافة بنسبة تقارب ربع ميزانية، لا يكلف نفسه عناء إصدار وخلق سياسات داعمة للاقتصاد ومحفزة له، بل يلجأ كوسيلة عاجز لمصفوفة الجباية، التي يراها الاقتصاديون حيلة غير مجدية وذات أمد قصير، ويستخدمها من لا يرون في اقتصاد زراعي في القضارف انتكاسة لعملية إنتاجية يدعمها الجميع، في وقت بإمكان وزارة المالية ? حسب رأي مراقبين واقتصاديين ? أن تستفيد من الموارد الضخمة مثل المعادن خاصة الذهب الذي يتم التنقيب عنه في البطانة، وموارد سياحية تتمتع بها الولاية
(2)
وقال تجار في أسواق محاصيل القضارف إنهم قد يتركون السوق والتجارة بسبب الزيادات الجديدة في ضريبة أرباح الأعمال التي تم فرضها حديثاً على المحاصيل ولوحوا بأنهم سوف يمارسون تجارتهم من ود الحليو والقربة وحلفا والدمازين وسنجة وربك وسنار، والمتضرر أخيراً هو مزارع القضارف، جاء ذلك بعد القرار الجديد الصادر من مكتب ضرائب تجار جنوب القضارف بفرض ضريبة أرباح أعمال جديدة على المحاصيل الزراعية، مما يعني زيادة كبيرة في التكاليف، مما يؤثر بشكل مباشر على منافسة السلع المحلية عالمياً في ظل انفتاح الدولة مع العالم الخارجي بعد قرار رفع العقوبات الاقتصادية على السودان، وأوضح أسعد الضو الأمين العام لشعبة تجار محاصيل القضارف أن أرباح الأعمال لا تفرض على السلع والمنتجات الزراعية، وإنما هي رسوم تفرض على الأفراد الذين لديهم أعمال تجارية وتقدر في نهايه العام، ووصفوا القرار الأخير بزيادة الضريبة بأنه قاس وطارد للتجار، وسيتسبب في كساد المحاصيل التي بدأت في النزول إلى الأسواق مع الموسم الجديد. وعدوا القرار مخالفاً لقانون الضرائب الذي يقر بفرض ضريبة على التاجر كل عام وليس في كل جوال محصول وبنسبة عالية بنيت على تقدير خاطئ للأرباح. وأشار الضو إلى أن الضريبة ليس لها علاقة بالواقع وأن إدارة الضرائب والأجهزة المختصة كلها بالولاية تعلم ذلك جيداً، وتعفي الدولة كافة المنتجات الزراعية التي تباع بحالتها الطبيعية.
(3)
يمكن قراءة الكثير من الأخطاء للتوجه المالي والإيرادي في ولاية القضارف بأكثر من حادثة، فرض رسوم وضرائب باهظة ومفاجئة يراه البعض بالقرار غير المقبول، ويجب إلغاؤه فورا. وأشاروا إلى أنه عندما يدفع التاجر 8 جنيهات لكل جوال سمسم، فمن المفترض أن يكون ربحه 68 جنيهاً على الجوال، وهذا ربح غير منطقي وغير موجود في الواقع، ولا يمكن أن يكون حقيقياً، وذهب التجار إلى أنه يجب إلغاء ضريبة أرباح الأعمال السابقة لعدم ازدواجية الضرائب، ودفعها في الملف الضريبي، لكن ورغم أن ديوان الضرائب بالقضارف قد قام بفرض الضريبة العالية لضريبة الأرباح وعممها على مكاتبهن خاصة مكتب (جنوب) الذي يقع ضمن أعمال أسواق محاصيل القضارف تراجع الديوان من تسمية الضرائب للتداول الداخلي. وقال إن المقصود النقاط الخارجية، حيث يرى ديوان الضرائب أن هناك عمليات تهريب للمحصول لنقاط خارج مظلته، خاصة وأن ولاية القضارف تفرض ضريبة (1%) على أي سلعة بخلاف الولايات الأخرى.
(4)
ولم تتوقف الضريبة عند النقاط الخارجية، إذ أن الولاية قامت بإصدار رسم جديد تحت مسمى (دمغة صادر) على أي حامل لمعاملة صادر من الشركات والتجار ووكلائهم مع اقتراب افتتاح التداول في أسواق محاصيل القضارف، وهي الضريبة التي استغرب منها التجار بحكم أن البعض يقوم بعمليات الشراء داخليا ولا يقومون بعمليات صادر لأي دولة أو ولاية، وتبلغ إجمالي ضريبة الصادر (50) ألف جنيه على جهة تستخرج رخصة لمزاولة العمل التجاري داخل مزاد أسواق محاصيل القضارف. وبرأي المزارع المعروف بالقضارف حيدر عبد اللطيف البدوي فإن الحكومة المركزية لا تفرض رسوم على الإنتاج بحكم الإعفاء السابق للضرائب على الزراعة، لكنه يشير إلى أن حكومات القضارف المتعاقبة ليس لها مصدر مصدر للمال غير المنتج، وهو يرى أيضاً أن القضارف بها منتجون حقيقيون، ويستدل بأن حكومة الإنتاج من تحقق النسبة الأعلى في جباية الزكاة، وينوه إلى أن الحكومة تنظر للمنتج بنظرة صاحب البقرة الحلوب، لكنها لا (تعلِفها)، حسب حديثه.
(5)
لا يقف الصدام بين مؤسسات الدولة والمنتجين والتجار في الفترة الأخيرة على فرض الرسوم فقط، فقد امتد ليصل ردهات المحاكم بعد البلاغ الذي دونته شعبة تجار محاصيل القضارف في مدير إدارة جباية الزروع بديوان الزكاة بولاية القضارف الذي اتهم فيه التجار بأنهم (حرامية)، وتسعى شعبة التجار لتحريك البلاغ الذي فشل وساطات في احتوائه بالجودية، ومن جهة أخرى فإن لحكومة القضارف اعتقادا جازما بأن العملية التجارية والإنتاجية تحتاج لترتيب، لكن وزارة المالية بالولاية المعنية بالأمر لا تملك المفاتيح المناسبة لإيجاد معادلة مرضية لجميع الأطراف، وهي تسعى دائما لوضع المنتج والتاجر في حيز عدم الثقة، مما يؤدي لإثارتهم ضدها، ويأخذ الأمر منحاه السياسي، حيث أن غالبية السكان في ولاية القضارف الذين يشتغلون في الشأن العام من المزارعين وتجار المحاصيل، وهو ما سيؤدي لتفاقم الأمر مع حكومة الولاية بما لا يمكن أن تتوقعه من سيناريوهات على الأقل في شكل الاحتجاج الذي قالت به شعبة التجار بنقل أعمالها إلى أسواق أخرى.
اليوم التالي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..