ولا السجن ولا السجان باقٍ..!!

تراسيم

عبد الباقى الظافر

ولا السجن ولا السجان باقٍ..!!

الثورة تدخل يومها الثالث.. الشعب سد الطرقات على العسكر.. الفنان محمد وردي شعر أن ليل الشمولية في طريقه للانجلاء.. مضى وردي إلى الشاعر الكبير الفيتوري يبحث عن نص ضائع يقابل به فجر الثورة.. الفيتوري الذي عاش في مصر وجرب عسف الدكتاتوريات تردد قليلاً قبل أن يكتب نشيد أكتوبر (أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باقٍ).. الفيتوري يروي بصدقه الصوفي أنه اتفق مع وردي على إطلاق النص بعد مغادرته الخرطوم.. ولكن وردي لم يصبر.. الفيتوري في صالة المغادرة ومن الراديو الداخلي سمع قصيدته الثائرة وأيقن أن الله كتب النصر للشعب الصابر.

أمس نشرت الزميلة الرأي العام أن رئيس الجمهورية أنعم على الشاعر الفيتوري بجواز سفر سوداني.. محمد الفيتوري الذي ولد في الجنينة وتربى في كنف أسرة صوفية وعمل بوزارة الإعلام السودانية.. تتصدق عليه الحكومة بجواز سوداني.. الفيتوري أعظم الشعراء يعامل مثل كلتشي واتوبونق وديمبا ويتم تجنيسه بمنحة رئاسية.. لاعبو الهلال والمريخ والأمل عطبرة يتم إكرامهم بالجنسية السودانية من صالة كبار الزوار.

ومن قبل أيام ظلم الإعلام الشاعر الكبير حينما أعلن وفاته في خواتيم الشهر الماضي.. أسرته ظنت أن الأمر ليس إلا كذبة أبريل وصبرت على الابتلاء.. ولكن ذات الأسرة ثارت وغضبت حينما رأت البعض يشكك في سودانية الفيتوري.. زوجته آسيا عبدالماجد خصت آخر لحظة بوثائق تؤكد أن محمد الفيتوري (منا آل السودان).. صحيح أن أصول والده تعود إلى ليبيا.. ومؤكد أن الفيتوري نشأ وترعرع في أزقة الإسكندرية وتشرب من علوم الأزهر وخدم في السلك الدبلوماسي الليبي سنوات طويلة.

عن حكايته مع الهوية السودانية يقول الشاعر (نميري أراد إسقاط جنسيتي.. لم يكن ذلك ممكناً لأنني ولدت في السودان.. أنا سوداني بالميلاد لا أحد يمكنه إسقاط جنسيتي).. الفيتوري في رواية صديقه طلحة جبريل تجنس بالجنسية الليبية بعد أن ضاقت به عصبة مايو الغاشمة.

الآن ومنذ سنوات يرقد شاعرنا الفيتوري في شقة صغيرة بضاحية سيدي عابد بالعاصمة المغربية الرباط.. نصفه الأيمن مشلول وتوقف لسانه من ترديد الشعر.. تعتني به زوجته المغربية وتتقاسم معه الألم ابنته الصغيرة (أشرقت).. ثوار ليبيا سحبوا منه الجواز الدبلوماسي الذي كان يتحرك به ومنعوا منه حتى معاشه.. السفارة السودانية لم تتذكره إلا حينما أشيعت وفاته في الأسافير.

الآن اتضح أن ابناً من أبناء السودان يعيش في محنة بعيداً عن الوطن.. نرفع صوتنا عالياً ونطالب رئاسة الجمهورية بأن تمنح شاعرنا الكبير جوازاً دبلوماسياً وتخصص له معاشاً يعينه على نوائب الدهر.

ومطلوب منا جماهير الشعب السوداني التي تغنى لها الشاعر الفيتوري في حلوها ومرها.. أن نعلن يوماً خاصاً نكرم فيه الشاعر النبيل.. احتفالاً شعبياً نرد فيه كرامة الفيتوري ونكتب عريضة تدعوه للعودة إلى الوطن العريض لينشد لنا أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باقٍ.

صدق الفيتوري حين قال (الشعراء لا يموتون).

آخر لحظة

تعليق واحد

  1. فكرة كبيرة و رائعة المناداة برعاية الفيتوري. فلو ضنت الجهة التي ناشدها الكاتب فلتسع جهات شعبية لنجدة الفيتوري. أين اتحاد الكتاب و أين أنتم يا أيها السودانيون من أصول فزانية: يا أبناء أبو صفيطة بالجنينة و الفاشر يا أيناء النفار بالجنينة بل يا أبناء دار اندوكة جميعا لتبني الفكرة و القيام بمعروف للفيتوري.
    من يفعل الخير لا يعدم جوازيه * لا يذهب العرف بين الله و الناس

  2. والله انت طيب جدايا عبد الباقي ديل حيحتفلوا بيه بعد ان يتوفاه الله زي ما عملو مع الطيب صالح

  3. هو نحن القابضين على الجمر لاقيين معاش؟
    انتو مالكم كلكم انانيين وبتحبوا روحكم
    بدل الفيتورى العاش برة
    مفروض يدوا الفقراء الماقادرين يطلعوا برة
    حسبى الله منك يالخاسر وما ظافر

  4. كلامك عاطفي ولا قيمة له .. لأن معلوماتك منقوصة عن القضية التي تعالجها .. لذا أعذرني أن أعلق عليك قبل أن أكمل عمودك ..

    ثم لماذا يكرم الفيتوري ؟
    هل لأن البلد بحاجة إلى شعراء .. أخي أعتقد أننا في حاجة إلى ميكانيكية وسباكين وكهربجية وحرفيين على مستوى عال .. أكثر من حاجتنا إلى شعراء وصحافيين .. وأي زول لميض بتكلم ساكت.. لسبب واحد بس .. هو عشان نمشي لقدام يعني .. بالعمل لا بالكلام.. كفاية!

  5. لماذا دائماً تذكرون أنصاف الحقائق فقط. هل لجهل منكم أم محاولة لاخفاء الحقيقة؟ الفيتوري أسقط عنه نميري جنسيته السودانية فقط لأنه أصدر ديوان (أقوال شاهد إثبات) في أوائل السبعينات وكتب في الإهداء (الى الشهيد عبد الخالق ورفاقه) وهام الفيتوري على وجهه لا يعرف أين يذهب حتى استدعاه القذافي ومنحه جواز سفر ليبي وعينه دوبلماسياً بالخارجية الليبية.
    الفيتوري طول عمره يفتخر بكونه سوداني ويعلن ان هذا هو انتماءه الأول رغم ظروفه الخاصة التي جعلته مقسم الأصول بين السودان وليبيا وقضى طفولته بمصر وجزء كبير من حياته في العراق, وكان يمكنه أن يتشبث بجنسيته الليبية ويعيش هناك عيشة الملوك ففي مناهج التربية الليبية تدرس قصائده على اساس انه شاعر ليبي.
    ولكن ماذا نفعل مع الطغاة الذين يقيسون المواطنة بمقاييس هواههم ونزواتهم.

  6. هل المقصود هو اعلامنا عن مكرمة الحكومة ام ماذا ؟؟؟؟؟؟؟
    كثيرا من شعراء بلادي ومبدعيها لا يجدون ما يذهب احزانهم وهم في امس الحاجة لرعاية الدوله فماذا فعلت معهم …..
    ومنذ مجيئها لماذا لم ترد له اي اعتبار ام ان لسانه ما عاد ينطق بالحرف؟؟؟؟؟؟؟؟
    نحن نحلم بان يدخل كل مبدعينا قانون المعاشات ويتعالجون بالمجان ويدرس ابنائهم بالمجان دعونا نحلم…..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..