رحمة بالموتى وأهلهم يا قنواتنا الفضائية

تأملات

رحمة بالموتى وأهلهم يا قنواتنا الفضائية

كمال الهدي
[email][email protected][/email]

? حزنت أيما حزن على وفاة نادر خضر، فهذا الشباب الذي لم تربطني به علاقة شخصية، كان يبدو لي بشوشاً ومحباً للحياة و راغباً في وضع بصمة فيها.
? لكن لم يعجبني تخصيص قناة النيل الأزرق لتلك الحلقة- كعادة قنواتنا الفضائية- بمجرد سماع نبا وفاته.
? فقد تعودنا على بث مثل هذه الحلقات على قنواتنا الفضائية التي تعطيك الانطباع دائماً بأن هؤلاء القوم يريدون أن يستثمروا في كل شيء حتى الموت.
? فكلما مات مطرب أو فنان خصصوا له الحلقات متيحين المجال لكل من يعرفونه للحديث عن مآثره، والمؤسف أن البعض يروون أموراً لا يجب أن تروى خاصة بعد وفاة من يتحدثون عنه.
? صحيح أن ديننا الحنيف قد علمنا أن نذكر محاسن موتانا ونترحم عليهم ونسأل لهم المولى عز وجل أن ينزلهم منزلة الصديقين والشهداء.
? والوفاء للمبدعين أمر جميل ومطلوب، لكن ليس على طريقة قنواتنا الفضائية الحالية.
? استهجنت كثيراً إطلالة تلك الفتاة التي ترتدي ثوباً أسود اللون ( لزوم التعبير عن حالة الحزن)، لكنها في الكثير من الأوقات أثناء الحلقة كانت توزع ابتسامة بدت شاذة لكونها تأتي في غير محلها تماماً.
? تابعت تلك المذيعة جيداً ولاحظت أنها تنسى نفسها وتبدأ في الابتسام كلما اتصلت بشخص ليتحدث عن نادر الإنسان، ثم تتذكر سريعاً أن المقام لا يقبل تلك الابتسامة فتعود عنها، وهذا يجعلنا نشكك فيما إذا كان الحزن يمثل حالة أصيلة لدى هؤلاء المذيعات أم أنهن يرددن عبارات من شاكلة ” لقد أحزننا جميعاً النبأ الفاجعة ” من باب مجاملة محبي الفقيد ومعجبي فنه لا أكثر.
? وبمجرد انتهاء مراسم الدفن تبدأ هذه القنوات في بث أغنيات المطرب المتوفي على مدى أيام، وهنا لابد للمرء أن يتساءل: أليس هناك وسيلة لتعبير القائمين على هذه القنوات عن حزنهم تجاه وفاة أي من مطربينا سوى هذا الأسلوب الفج؟!
? لماذا تبدو قنواتنا الفضائية كمن وجد فرصته في وفاة عزيز ناسين أن لهذا العزيز أهل وعشيرة وأصدقاء سيزيد من ألمهمهم سماع صوته ورؤية صورته في وقت لم يندمل فيه جرحهم بعد.
? أعجبني جداً طلباً تقدمت به الكاتبة سارة عيسى قالت فيه ” أرجو وأتمنى أن تحجب قناة النيل الأزرق هذا العام برنامج أغاني أغاني” كشكل من أشكال التعبير عن الحزن لفقد نادر خضر رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.
? لكن رغم إعجابي بذلك الطلب، تساءلت في داخلي ” سارة عيسى دي بتحلم ولا شنو؟” وذلك لمعرفتنا بأن هذه القنوات تمارس التجارة وتريد أن تكسب في أي وقت ولا تهمها كثيراً المشاعر الإنسانية الصادقة وإلا لكفتنا شر الكثير مما تبثه.
? وما أكد لي فكرة استحالة أن تفكر قناة النيل الأزرق بهذه الطريقة هو الحديث الذي قاله الأستاذ السر قدور عندما اتصلت به القناة للحديث عن مآثر الفقيد نادر خضر.
? فقد تحدث الأستاذ السر قدور عن نادر (رحمه الله) حديثاً طيباً، لكنه أقحم عبارة لم أتوقعها منه اطلاقاً، وقد عكست لي تلك العبارة طريقة التفكير التجارية لقنواتنا وبعض مبدعينا للأسف الشديد..
? قال السر قدور أن نادراً ( عليه الرحمة) كان باراً بوالديه، وإلى هنا يبدو الحديث طيباً وجميلاً، لكنه أضاف في محاولته لتأكيد هذه الحالة أن الفقيد ( نسأل الله له الغفران) من شدة بره بوالدته حدث أن ضحى بحلقات برنامج أغاني أغاني وكل الشهرة ليسافر معها للعلاج خارج السودان!
? طبعاً عبارة عجيبة وتفكير أعجب.
? فأن يبر أي كائن بوالدته أمر مطلوب، بل واجب لا مناص منه، أما أن يظن السر قدور أن برنامج أغاني أغاني وشهرته يمكن أن تكون أهم عند أي من المطربين المشاركين في هذا البرنامج من والدته أو والده فهو ما جعلني أقول لنفسي أن سارة عيسى كانت تحلم حينما طالبت بحجب حلقات البرنامج هذا العام، وكل العشم ألا يكون السر قدور قد عنى ما قاله أو أن يكون التعبير قد خانه في تلك اللحظة.
? لكن يبقى بصيص من الأمل في حجب البرنامج إن شعر زملاء الفقيد بصعوبة مهمة الغناء للناس في وقت فقدوا فيه صديقاً وزميلاً رائعاً مثل نادر.
? على المستوى الشخصي لا احترم زميلاً للفقيد يغني ويطرب و( يرقص) الناس في مثل هذا الظرف، وأتوقع أن هناك البعض ممن يفكرون على طريقتي، لهذا فحتى إن فكر زملاؤه بطريقة تجارية، فلابد أن يضعوا في الاعتبار أن بعض جماهيرهم لن ترضى منهم قلة الوفاء.
? وعموماً الحزن حالة يفترض أن يعبر عنها صاحبها بعيداً عن الفلاشات وبريق الكاميرات.
? وكما قال الأخ العزيز صلاح شكوكو في مقاله الأخير أن المطرب أحوج ما يكون في هذا الوقت لمن يترحمون عليه، فأفسحوا المجال للناس لكي يعبروا عن حزنهم ويترحموا على أمواتهم من المبدعين يا أهل قنواتنا الفضائية يرحمكم الله.

تعليق واحد

  1. حقيقة استاذ كمال نعاني من تلك التصرفات الغريبة التي تعكس الحزن الصناعي .. واكيد وهذا يوم شكر الميت!!! ولكن التفكير التجاري هو الذي يهيمن على كل السلوك الانساني السوداني .. فلماذا تترك كل او بعض هذه القنوات برامجها (ان كانت اصلا لها برامج) وتتوشح بثوب الحزن المصطنع من باب التكسب .. نعم كان حزننا عميقاعلى كل مبدعيناو يجب ان لا يكون حزناً تجارياً بحتاً.. قد اكون حقيقة لم استمع كثيراً لاغاني نادر ولكن سمعت له بعض اللقاءات التي عكست حقيقة مدى تفكير وثقافة هذا الفنان والتي قل ان تجدها.. وحزنت عليه لانه سوداني ..

    لا اعتقد ان هذا البرنامج سيتوقف اللهم الا ان زملاء واصدقاء الفنان نادر يرون ذلك او عدم مقدرتهم على الاداء وهم يتذكرونه اما من ناحية القناة فلا اعتقد انها تفكر مجرد تفكير ..

    الواجب يحتم علينا كمسلمين ان نترحم وندعو للموتى بدلاً من ذرف الدموع التي لا تفيد ..

    نسأل الله العلي القدير ان يرحم مبدعينا وموتنانا رحمة واسعة وان يغفر الذنوب انه غفور رحيم.

  2. للأسف البعض تغيب عنهم حقيقة الموت .. وتغيب عنهم أن الموتى أحوج ما يكونون فيه إلى الدعاء لهم والترحم عليهم .. ولا أدري كيف يطيب لمن يسمون أنفسهم (معجبي نادر خضر) أن يواصلوا نشر مقاطعه في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي والفقيد لم يمر عليه في قبره يوم وليلة ؟؟

    هناك علماء ومشايخ أجلاء رحلوا عن دنيانا وتركوا الكثير من المحاضرات الدينية على اليوتيوب ، ولا شك أنها من العلم النافع والحسنة الجارية التي يعود ثوابها إليهم كلما استمع الناس إليها .. إذن فمن الوفاء للفنانين الذين رحلوا عن الدنيا إن لم نستطع أن نوقف لهم حسنة جارية ألا نجعل لهم سيئة جارية ..

  3. لافضّ فوك الاستاذ كمال صرااحة قنواتنا تثير التقيوء والله تخلف وسطحية وعدم تأهيل فى كل شى والسبب نحن المشاهدون الذين رضينا هذه الاقزام , قنواتنا فجة وباهتة فى كل شى وكذوبة ومنافقة فى الجانب السياسى , يجب محاربتها بكل السبل فهى الداء لهذا الشعب المغلوب على أمره

  4. هذا هو التقليد الأعمى ،، للإعلام الغربى ، اذا ما مات مطرب ، فان أغانيه تبث بكثافة فى كل القنوات حتى الإخبارية منها ، وليس فى ذلك غرابة هناك ، لان الغناء والرقص هو شعيرة دينية ، تمارس فى دور العبادة
    وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمۡ عِندَ الۡبَيۡتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصۡدِيَةً فَذُوقُوا۟ الۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ
    المكاء والتصدية ، هو التصفيق والغناء ، كما قال بذلك كثير من المفسرين
    يجب الترحم على الميت ،، وان لا يحرمنا الله من اجره ولا يفتنا من بعده ، وللفقيد الرحمة ، ولأهله الصبر والسلوان

  5. الله يرحم نادر خضر برحمته الواسعة ..قبل نادر, لما اتوفي زيدان ابراهيم وبعده محمد وردي الحاجة المؤسفة المحزنة انهم قبلما يقبروا تنافست القنوات في بث تسجيلاتهم وانا استغربت من حسين خوجلي هذا الرجل الذي اختلف معه واحترمه ..كيف سمح لقناة امدرمان ببث حلقات زيدان قبل ان يصل جثمانه من القاهرة وكذلك وردي عندما توفي وبدأت السمسرة بوفاته والاتصالات بالشعراء والفنانين والكلام عن الحانه واغانيه بصراحة عبدالباسط سبدرات يومها كبر في نظري عندماقال للمذيعة بما معناه ان الايام قادمة للحديث عن فنه والحانه دعونا اليوم ندعوا له وبصراحة صدق الرجل ..بس تلفزيونات السودان بتعكس الواقع المعاش اليوم في السودان بعد كامل ان استشعار هيبة الموت ومرارة الفقد كحال بيوت البكا في السودان اكل وشراب وونسه وعرض ازياء..فعلا السودانيين اتغيروا شديد ونسوا ابسط قواعد الادب والتهذيب والشاهد يري هذا من المطار واسلوب المعاملة الجافة وشحدت الحمالين وطمع التاكسي ان احتجت له واختلاف ناس حلتكم الودعتهم قبل سنوات وتغيير طباعهم وكعوبية اهلكم والعدوانية الطرأت عليهم وحاجات كتيرة بحس بيها المغترب اكتر من المقيم داخل الوطن.
    كسرة: انا عن نفسي ما حا احضر اغاني واغاني السنة بصراحة ما عندي نفس ليه..وفعلا الموت قرررريب ..الله يدينا حسن الخاتمه بس.

  6. ذكر محاسن الفقيد لا باس ولا عيب فى ذلك ولكن المشكلة تكمن فى الاعلانات كما ذكر احد الاخوة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..