إبراهيم مالك.. وضع مختل

تحقيق: أسماء ميكائيل اسطنبول
امرأة تجاوز عمرها الأربعين عاماً، كانت تقف أمام مبنى بوابته من القزاز المظلل وبجوارها شاب وبعض المواطنين ومن الحين والآخر تطرق الباب المظلل وعندما نظرت إليه وجدت يافتة معلقة كتب عليها المعمل المركزي، تحركت نحوها وباغتها سائلة دون أن ألقي التحية: لماذا الباب مغلق ألا يوجد أحد؟ ردت: (قاعدين وكتار جوه) وبعد برهة من الزمن خرجت إحدى الشابات وكانت ترتدي زياً أبيض (اللابكوت) حاولت المرأة إعطائها ورقة وقبل أن تأخذها جيداً هزت رأسها نافية وكانت تقول: (لا لا دا ما عندنا أمشي بره)، ثم أغلقت البوابة مرة أخرى، وعندما سمعت هذه الإجابة تضجرت قائلة: حتى لو عندكم بتقولوا مافي، ودائماً نحن على هذه الحالة، فهذا جزء مما شاهدته ووجدته في مستشفى إبراهيم مالك بمنطقة الصحافة شرق بمدينة الخرطوم التي تحملت فوق طاقتها من المرضى والمرافقين نتيجة لسياسية تجفيف المستشفيات وعلى وجه الخصوص مستشفى الخرطوم ودمج جزء من أقسامها، فصار جزء منها في مستشفى الأكاديمي والجزء الآخر كان من نصيب مستشفى إبراهيم مالك، مما نتج من ذلك سلبيات أثرت على المواطنين والمستشفيات ذاتها.
بوابة للنظاميين وقطن متسخ
فعندما ذهبت إليها كان زمن الزيارة لم يحن بعد، ورغم ذلك وجدت تجمعاً رهيباً من المواطنين حتى ظننت بأنه شجار وبعد عناء تخللت تجمع المواطنين حتى وصلت البوابة ثم استخرجت البطاقة أخذها الحرس ولم ينظر إليها جيداً ثم استردها مرة أخرى، قائلاً: البطاقات بالبوابة الشمالية، أما البوابة الشرقية هذه يدخل بها النظاميين فقط والزوار، قلت له: لقد أتيت من أجل عمل، قال: إذن انتظري وقت الزيارة أو فلتذهبي بالبوابة الشمالية، وبالفعل اتجهت نحو البوابة الشمالية وفي أثناء سيري نحوها وعلى طول امتدادها الشرقي كانت تنبعث روائح نتنة ورغم ذلك تجلس بجواره شابة مفترشة الأرض على غطاء للبرد (بطانية) وتضع رأسها على أرجلها، وكان جزء من سياج المستشفى مكسور ووضع عليه طبلة، فشاهدت المساحة ما بين السياج وحرم المستشفى من الداخل منظر لا يسر الناظرين (كمية من الأوساخ) وعند منعطف الاتجاه الشمالي استقبلتني أيضاً ذات الروائح النتنة، ولاحظت لوجود لفات من القطن المتسخ موضوع على نوافذ صغيرة صغيرة في مبنى عالٍ (مراحيض)، وعندما وصلت البوابة كررت ذات الفعل استخرجت البطاقة رد النظامي قائلاً: دخول البطاقات بالبوابة الشرقية فأصبحت أتجول مابين البوابة الشرقية والشمالية ومجمع الأطفال وفي نهاية الأمر اتصلت هاتفياً بأحد معارفي (بواسطة) ثم استطعت الدخول بالبوابة الشمالية.
لا وقت صلاة ولا وقت وجبة
أول شيء لفت انتباهي عندما دلفت إلى مستشفى إبراهيم مالك، العدد الكبير من المواطنين ووقت الزيارة لم يحن (كما أسلفت)، وكانت هنالك مجموعة من باغات المياه الموضوعة هنا وهنالك، سألت رفيقتي عن هذه الباغات، قالت: للنظافة ثم سجلت أول زيارة كانت لعنبر الأطفال أول ما دخلت نحو عنبر الأطفال وجدت مبنى مغلق قالت انظري هذه مجموعة من الحمامات أصبحت مخزناً لعمال النظافة ولا يوجد مكان لغسل الأيدي في هذا العنبر، وعندما توغلت قليلاً وجدت مجموعة من الرجال والنساء جلوساً والبعض وقوفاً وكل واحد يحمل طفل وممسك بورقة في يده، قالت رفيقتي: هؤلاء في انتظار مجئ أحد كوادر المعمل (الفحيصين)، وأين ذهبوا؟ هذا لا وقت صلاة ولا وقت وجبة، ردت: نحن نعاني من نقص فى كوادر المعمل.
لا يوجد فاصل مابين سرير مريض والآخر
أما الزيارة الثانية كانت إلى عنبر الولادات (القاينة) أشارت بيدها نحو الحمامات، قالت: انظري كانت كمية من الأوساخ المحملة في أكياس البلاستيك وبعض جرادل البلاستيك أيضاً ووجدت بعض الحنفيات تسيل منها المياه (محلوجة) وتتدفق وبعض أبوابها مخلوعة ثم اصطحبتني خلف العنبر، قالت هل تصدقي عندما هطلت الأمطار تدافرت المياه من مخزن الأكسجين هذا إلى أن وصلت غرفة العمليات وحتى الآن لم يصان المكان الذي أتت منه المياه ثم تجوَّلت في عنبر العظام رجال فأول مادلفت لاحظت لنظافة العنبر، ولكن اشتممت رائحة مختلطة لم أحددها، هل هي رائحة جميلة أم نتنة، وكان العنبر ملئ بالذباب، فسألت رفيقتي عن كمية هذا الذباب؟ ضحكت ثم قالت: مشكلة الذباب ساهلة ممكن تتحل، ولكن هل تعلمين قبل فترة كانت العنابر واحدة، بمعنى لا توجد فواصل مابين سرير مريض ومريض آخر كيف ذلك؟ مثل غرفة المنزل لا توجد خصوصية للمريض، فعندما يأتي الطبيب من أجل الكشف عليه تجد كل من في العنبر سواءً أكان مرافقاً أو زائراً، امرأة أو رجلاً، يشاهد ما يحدث للمريض من إعطائه حقنة أو غيار جرح، وهذا غير الآلات الطبية المستخدمة فيها نقص والموجودة قديمة، أما الآن أصبحت تواجهنا مشكلة تعقيم الآلات، فالطريقة الوحيد لتعقيمها نقوم بحرقها ثم استأذنت لمواصلة عملها.
روائح نتنة جداً
وتحركت نحو عنبر آخر وجدته نظيفة لدرجة فائقة، ولكن لا تستطيع الدخول فيه من شدة الروائح النتنة شيء مبالغ فيه فاضطررت لوضع طرف الطرحة على أنفي، وللتو جال بخاطري عنبر الباطنية رجال بمستشفى أم درمان (عندما أجريت فيها تحقيق مقبرة للأحياء)، فعندما تجولت في هذا العنبر وجدت هنالك جانب للمرضى الإناث وكذلك الذكور، فسألت نفسي هل هذا العنبر مختلط ؟ وهو عنبر لأي أمراض؟ فلم ألاحظ لوجود يافتة فسألت أحد المرافقين من النساء عن اسم العنبر، قالت هذا عنبر الباطنية نساء، قاطعتها سائلة: ولكن في الجانب الآخر حالات من الرجال؟ صمتت ولم تعقب ثم سألتها مرة أخرى: كيف الوضع في المستشفى من ناحية العلاج والمتابعة؟ ردت قائلة: كل مريض لديه طبيبب (ولم تكثر في الحديث).
مياه حمامات وجقور
ثم تحركت نحو الطابق الأول، كانت هنالك مياه متدفقة فكشفت عن ساقي برفع ما أرتديه (اسكيرت) حتى لا يبتل بالمياه ثم قفزت بطريقة سريعة نظرت لأحد الكوادر الطبية وضحكت لما فعلته، فقلت لها: إنها مياه ربما تدفقت من أحد المرافقين، ردت وهي باسمة: هذه مياه الحمامات، اندهشت لهذا القول!! ومن أين جاءت لم أشاهد حماماً في هذا المكان؟ قالت: جاءت من الطابق الأعلى (من عنبر المخ والأعصاب) تتدفق وتسيل بهذه الطريقة إلى أن تصل الطابق الأول، قلت لها: وما هو السبب؟ قالت: طفح الحمامات، قلت: هذا أمر سيء جداً!! ردت: والأسواء من ذلك وجود الجرذان ذات الأحجام الكبيرة (جقور)، قلت: وماذا فاعلون في عنبر الباطنية؟ قالت: يتجولون في العنبر، ثم أضافت رفيقتها: هذا المستشفى مليئة بالمشاكل خاصة بعد دمج بعض عنابر مستشفى الخرطوم إلى إبراهيم مالك، فهنالك تكدس في العنابر، لأن هنالك الكثير من المرضى أتوا من الولايات، حيث تجد المريض والمرافقين وأمتعتهم وحقائبهم داخل العنبر لعدم وجود مكان يذهبوا له.
الإسعاف سعره على حسب المظهر
ثم تحركت نحو أحد المرافقات سألتها عن الوضع في المستشفى كيف؟ ردت وكانت منفعلة وبصوت مرتفع قليل مما جعلت من حولها ينتبه لحديثنا، قالت: هنالك بعض الصور التي يطلبها الأطباء ويضطر الطبيب بعد ذلك إلى تحويلنا لعدم الإمكانيات داخل المستشفى ويكون التحويل إلى مستشفى الخرطوم أو ابن سينا، ومن أجل ترحيل المريض وإجراء الصور له لابد من ترحيل بإسعاف و تكلفة الإسعاف عالية تصل مابين الـ(200) جنيه، والـ(250) جنيه، وفي كثير من الأحيان يكون سعر الإسعاف على حسب مظهر الشخص وقطعت حديثنا آخر قائلة: وهنالك صعوبة جداً في عمل الفحوصات داخل معمل المستشفى يكون مكتظاً بالفحوصات مما يتخوَّف الشخص ويتشكك في نتيجة الفحص ويظل يقول: ربما اختلطت الفحوصات مع الفحوصات الأخرى وهذه غير الأدوية التي سعرها يكون مضاعف جداً غير أن المستشفى ليست بها ظل يقي المرافقين من أشعة الشمس كل الموجود نجيلة وهي صغيرة فتجد الناس من ضل حيطة إلى ضل حيطة، ثم قالت: (بدون مؤاخذة مثل الغنم)، خاصة عند انتظار نتيجة الفحص فنحن أصبحنا نقول عليها، إبراهيم هالك، بدلاً عن إبراهيم مالك.
كمية من النفايات والأوراق
وعندما خرجت متجهة نحو الباب شاهدت امرأة تحمل كرستالات خالية ومتجهة نحو المسجد، سألتها: هل هنالك حمامات؟ قالت: لا ولكن توجد مغسلة تحركت معها فشاهدت مجموعة مأهولة من النفايات متوارية خلف مبنى كتب عليه الجناح الخاص وبجوارها كنتينات مغلقة وأخرى فاتحة وبها مجموعة من الأوراق المتسخة وعندما دلفت نحو المغسلة وجدت جوانبها مليئة بالأوساخ والأكياس ومياه راكدة وكانت تجلس امرأة شبه عارية ووضعت على حجرها إطار من البلاستيك اتخذته إناء لغسل ملابسها، ألقيت عليها التحية ثم سألتها هل هذه المياه صالحة للشرب؟ قالت: نحن بنشرب منها، لأننا مضطرين؟ ومن أين تأتي؟ قالوا: من الصهريج.
التيار
مقال متواضع جدا .. هل تعلم عزيزي كاتب المقال ان المريض الذي اشتد المه لا ينظر للنظافة او الذباب بل يتألم لعدم وجود معدات وادوية تنقذ حياته ! لا يوجد ميزان ضغط ولا مقياس حرارة او سكر او تشبع الاوكسجين .. لا يوجد جهاز فتح مجرى التنفس وكل بيب يحضر سماعته الخاصة ، لا يوجد جهاز شفط سوائل ولا جهاز تفريغ دم الرئة .. غرفة الربو او الازمة تستوعب مريضين فقط وفي الانتظار اكثر ٣٠ مريض .. اختصاصيي جراحة الاعصاب نادرا ما يزورون مرضاهم بالعناية المكثفة بعد اجراء عمليات جراحية معقدة يموتون بعدها بسبب الاهمال وعدم المتابعة .. للحديث بقية …
شكرا يا الإتقاذ لولاكم لماتت الجقور جوعا و مرضا لكنها بسبب الكيزان تتمتع بإمكانيات “تضاهي مشافي أوروبا” كما قال المأفون حميدة !
هذه سياسات مامون حميدة زول بقول ليه عينك في راسك مافي غلطة كبيرة ازالة مستشفي الخرطوم وترحيل بعض العنابر والاقسام الي ابراهيم مالك ولاتمشي بعيد تعالي بشارع السيد عبد الرحمن واقيفي قبالة مستشفي الزيتونة حيث تنبعث روايح كريهة ولوالمستشفي حقت زول تاني كان قفلوها ليه لكن ماتبع سيادتو وزير الصحة الذي نال ثقة الوالي مجددا وبقي في منصبه بلاحسيب ولارقيب
لا حول ولا قوة الا بالله
التحية للصحفية الشجاعة التي تحملت عناء اعداد هذا التقرير .. وماذا نحن الشعب الجبان فاعلون..
مقال متواضع جدا .. هل تعلم عزيزي كاتب المقال ان المريض الذي اشتد المه لا ينظر للنظافة او الذباب بل يتألم لعدم وجود معدات وادوية تنقذ حياته ! لا يوجد ميزان ضغط ولا مقياس حرارة او سكر او تشبع الاوكسجين .. لا يوجد جهاز فتح مجرى التنفس وكل بيب يحضر سماعته الخاصة ، لا يوجد جهاز شفط سوائل ولا جهاز تفريغ دم الرئة .. غرفة الربو او الازمة تستوعب مريضين فقط وفي الانتظار اكثر ٣٠ مريض .. اختصاصيي جراحة الاعصاب نادرا ما يزورون مرضاهم بالعناية المكثفة بعد اجراء عمليات جراحية معقدة يموتون بعدها بسبب الاهمال وعدم المتابعة .. للحديث بقية …
شكرا يا الإتقاذ لولاكم لماتت الجقور جوعا و مرضا لكنها بسبب الكيزان تتمتع بإمكانيات “تضاهي مشافي أوروبا” كما قال المأفون حميدة !
هذه سياسات مامون حميدة زول بقول ليه عينك في راسك مافي غلطة كبيرة ازالة مستشفي الخرطوم وترحيل بعض العنابر والاقسام الي ابراهيم مالك ولاتمشي بعيد تعالي بشارع السيد عبد الرحمن واقيفي قبالة مستشفي الزيتونة حيث تنبعث روايح كريهة ولوالمستشفي حقت زول تاني كان قفلوها ليه لكن ماتبع سيادتو وزير الصحة الذي نال ثقة الوالي مجددا وبقي في منصبه بلاحسيب ولارقيب
لا حول ولا قوة الا بالله
التحية للصحفية الشجاعة التي تحملت عناء اعداد هذا التقرير .. وماذا نحن الشعب الجبان فاعلون..