مطاحن قوز كبرو زمان والآن .. وإخواتها وملاحظات تلفت نظر المراقب من الداخل ..!

محمد عبد الله برقاوي..
في اليوم الختامي لمأتمه الكبير وأثناء تأبين عمنا الراحل المناضل القيادي المخضرم في إتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل الشيخ يوسف أحمد المصطفى الذي ودعناه في الأيام القليلة الماضية ..وهو أحد مؤسسي مطاحن غلال قوز كبرو التعاونية الماسوف على شبابها .. وقف الأستاذ حسبو إبراهيم أحد قادة تحالف المزارعين .. يحكي عن واقعة فساد قديمة في تلك المنشأة المملوكة لثمانين الف مزارع ساهموا في إنشائها بواقع جنيه واحد للسهم .. وكان محور ذلك الفساد هو والدي عليه الرحمة و شخصي الضعيف حيث كنت شاباً صغيراً أعمل مشرفاً على أجهزة الإطفاء براتب وقدرة ستة عشر جنيها .. غير أن المدير الصارم وقتها والإداري القدير الراحل السيد محمد خير عبد الله الرضي عليه الرحمة .. كان من رأيه ان تلك الوظيفة غير منتجة بصورة مباشرة فاراد ان يكلفني بما هو أكثر فعالية .. فأنتدبني لتعلم الإسعافات الأولية بمستشفى الحصاحيصا لثلاثة أشهر .. عدت بعدها للقيام بذلك العمل الذي وفر على المؤسسة مئات الجنيهات التي كانت تصرف في ترحيل العمال الى المستشفيات في المدينة القريبة أو حتى نقاط الغيار في القرى المجاورة .. ولانني اقوم بعمل مزدوح المسئؤلية فقد امر لي المدير بمبلغ سبعة جنيهات مقابل عملي الإضافي الذي يحتم تواجدي ربما لساعات طويلة داخل مباني المؤسسة .. لكن الأخوة والزملاء اليساريين في السنوات الأولى لعهد مايو في نسخته الحمراء .. إعتبروا أن في الأمر محاباة تستوجب التحقيق بإعتبار أن والدي كان عضواً بمجلس الإدارة ..وكانت نتيجة لجنة التحقيق التي كان حسبو نفسه رئيسها او عضوا بها لا أذكر قد توصلت الى أن الأمر لا يصل درجة الضرر بالصالح العام ولم يكن فيه فساد من اساسه وليس لوالدي علم به إلا بعد أن قرره المدير المسئؤل !
بعد سنوات فقط من ذلك الزمان وقد حملتني أشرعة الغربة الى الضفاف البعيدة بلغت قيمة
تلك المنشأة المليارات من منقولات و ثوابت و ماكينات وهي التي فتحت مئات البيوت في محيط المناطق المجاورة بل تجاوزتها الي ما هو أبعد .. ووفرت الدقيق ومستخلصاته الآخرى وقد كان يمون كل الجزيرة والمناقل و حتى مخابز الخرطوم الكبيرة
بعدها إمتدت لذلك الصرح اياد النهب عقب هيمنة الطفيلية الإقتصادية التي نبتت بروساً في عهد الإنقاذ فأصبحت تلك المنشاة خاوية على عروشها .. شانها شان كافة المنشات التي كانت سترا وغطىً لعورة آلالاف الأسر التي كان يعمل بنوها وبناتها سواء في مطاحن الجزيرة الآخرى أو المحالج أو مصانع النسيج بالحصاحيصا ومدني …ونزح الناس الذين كانوا يشكلون نواة ترييف التنمية الحقيقية التي تشد ظهر الوطن بعد ان إنهارت كل المؤسسات والمشاريع الحيوية ..فاتجهوا ليتكوموا في مساحة الخرطوم سكنا وتنازعا على ترابها و يتناهشون لقمة عيشها المرة كما السمك .. حيث ياكل كباره الصغار منه .. فأصبحت الكتلة السكانية في العاصمة كما الحجر الكبير في عين الخرج مقابل حفنة حصى في العين الأخرى فمال الحمل الى جانب واحد و من يركب على الدابة فوق الخرج فرحٌ بذلك الثقل المائل ظناً منه أن ذلك هو الإنجاز الذي ينبغي ان يتباهى به وهو لايدرك حتمية سقوط ذلك الميل الحتمي حينما ينثقب ذلك الخرج القديم !
نعم لا أحد يمكن أن يقر بعدم إرتكاب العهود الآخرى لأخطاء دون إنكار إنجازاتها التي كان من الممكن أن تثمر خيراً لو أتيح لها من مساحات الزمن الذي حظي به هذا العهد فاهدره في الحروب والتجريب وتمكين فئة دون الآخرين و تكريس المال لخدمة النظام و التركيز على الكم في التعليم دون النظر الى الكيف او توفير القنوات التي تصرف ذلك السيل الجارف من الخرييجين .. فانفجرت الشوارع تموج بالالاف الشباب الذين استسهلوا المهن الحقيرة التي لا تقيم الآود ولا تسهم في بناء البلد وهم الذين لم يجدوا مخرجا في خضم تزاحم الذين خرجوا من الكفاءات النادرة وما تبعها من جيوش الهاربين ولو الى الموت في جوف البحار أو التعلق بالأسلاك الشائكة عند حدود الدول وحتى العدوة منها !
حينما قرر الشيوعيون في بدايات مايو الإتجاه بالتصنيع الى الأرياف البعيدة و زراعة المواد الأولية لتلك الصناعات قريبا منها في عدد من الأقاليم .. قال الإسلاميون واحزاب الطائفية إن في ذلك من الأهداف الخبيثة التي ترمي الى تمدد الطبقة العاملة في الأرياف بالقدر الذي يغذي اليسار بالكوادر التي تمكنه من الإستحواذ السياسي الإلحادي على المجتمع !
فهل أفاد ت سياسة تفكيك النقابات و تحويلها الى أمانات في الحزب الحاكم الآن في تقوية أذرع تلك الطبقة بالقدر الذي جعلها آداة ورعة فاعلة في بناء الدولة التي تحولت الى مجتمع إستهلاكي يتشكل من طبقة مترفة تستحوذ على مطايب الموائد وتسكن عوالي وشواهق البناء و طبقة مطحونة تدوسها دولايب الكد التي لا ترحم !
نعم قد يدهشك المنظر الظاهري لحركة الحياة في الأسواق و تسحرك الأحياء الراقية التي نبتت في كل أرجاء المدن ..لكن هل هذا هو جوهر الحياة في كل البيوت والبطون و التساوي في الحقوق والواجبات والعدل الذي يغض الطرف عن شريف القوم إذا سرق و ينهال بالسياط على مهيضات الجناح إن هن وقعن ضحايا لذئاب البشر الذين يستغلون حاجة البطون لبيع الأثداء !
فالشرطي في الشارع يساوم الناس بين ما يدخل الى خزينة الدولة وبين ما يدخل جيبه فيطلق سراح من يوقفهم بعد أخذ العطايا معطلا المرور حتى في ساعات الذروة لغرض في نفسه .. وحينما يسرق أحدهم المال العام وينقلب حاله من الفقر الى الثراء فهو شاطر ومفتح في نظر الناس الذين لم يعد نهب المال العام يهز فيهم شعرة لآنه بات ثقافة هي القاعدة أما الشرف فهو الإستثناء !
هنالك من يتحدث عن تحسن احوال المعلم .. ولكنه هل يعلم أنه يلهث بين البيوت حتى الساعات المتأخرة من الليل لإعطاء الدروس الخصوصية التي تمتص عروق الأسر على جفافها .. وإن هو إقتني سيارة فلآنها تخدمه في ذلك الجري وليست للوجاهة وإن ما ينفقه من جهد يحسب على طاقاته الذهنية والجسدية لا يمكن إلا ان يكون على حساب عطائه لوظيفته في العمل الأساسي المنوط به في نهارات التعليم العام!
ما أسوأ أن تحيل سياسة التحرر البلاد الى غابة لا يحكمها قانون ولا تسودها أخلاق .. فتتنامى سطوة الإنتهازيين الذين يركبون على ظهور الضعفاء .. فضلا عن تردي صحة البيئة التي باتت ترفاً
لا ضرورة له وإنهيار الخدمات الصحية بات رهنا للعلاج باهظ الثمن في المشافي الخاصة او الموت عند ظلال مستشفيات الحكومة.. حيال خصخصة قطاع الصحة في عاصمة المشروع الحضاري والذي يتولاه في ظاهرة غريبة على مجتمعنا وزير تاجر يضع أصبع تسلطه المسنود في عين كل من يقول له إن في إبرقيه اكثر من بغلة وتمساح ..وغياب دور الدولة في هذا الصد رغم الحديث المكرر عن إتساع مظلة الضمان الصحي وقس على ذلك من تسيّد مماثل لمرافق أخرى باتت حكرا ً على شخصيات تتنقل فيها بين خطوط الفشل البائنة في شخوصهم الذاتية والإعتبارية !
ما أمضه من ألم الجراح الغائرة حينما يصبح العلماء في الوطن أداة لرغبات السلطان .. ويلف اساتذة الجامعات الأسى والغبن وهم يرون الجهلاء ممن يتحكمون فيهم بقبضة سلطتهم و يمزقون شهاداتهم بانياب قهرهم .. ولا يصبح امامهم إلا خيار الهجرة بحثاً عن الكرامة في بلاد يبيعون فيها علمهم الذي لم يعد مفيداً في بلادهم التي يحكمها التغول الطارد !
قد يقول قائل أن معاداة النظام او حركته الإسلامية الرافعة لشعارات الدين وحزبه الذي تكشفت خيبة تسلله الى مسام المجتمع .. هي الدافع لكل ما نخطه من تركيز على السلبيات دون النظر بعين الحياد الى ما يمكن أن يكون إنجازات .. فنقول له وهل ما أنجز مهما بلغ من مستوى يرقى الى ربع قرن من التخبط والتجريب المغموس في وعاء الفساد والتمكين و المحاباة و الفشل في حل المشاكل التي اثارت النعرات والحروب والشتات والنزوح واللجوء والعطالة والهجرة خارج الوطن !
فدقة ميزان السياسة لا يمكن تفعيلها بصورة جلية إلا في وجود الحكم الشفاف الذي يفصل مابين السلطات .. الدستورية والتنفيذية المنتخبة في جو يتساوى فيه المتسابقون عند خط البداية .. ولا يكون سباقا بين حصان معلوف من حقل الدولة وسلاحف تزحف بحثاً عن مصادر تمويلها في خشاش الأرض إن هي رفضت أن تكون راكبا خلف فارس ذلك الحزب المتمكن .. ومن ثم في ظل وجود سلطة تشريعية تكون رقيبة على أداء السلطة التنفيذية لا مطبلة لها في عدم وجود معارضة أو مايسمى بحكومة الظل التي تملك البرنامج البديل !
وبالتالي توفر مؤسسات عدلية مستقلة لا يعينها السلطان ولا يملك مزاجية أقالتها أو التلويح ببتر اصابعها إذا ما اشارت احكامها في الإتجاه الذي لا يرضيه .. مع إنبساط مساحات التعبير الإعلامي الذي يعمل وفق ضوابط قانونية تحكمه .. لا مقصات رقيب حكومي تحاكمه !
نعم نحن ندرك ونقر بضعف سواعد المعارضة بكل صنوفها وعدم مقدرتها على مقارعة هذا النظام في أوهن مراحله .. وندرك أن الحروب مهما طال أمدها سيكون طرفاها أحدهما مهزوم والاخر غير منتصر .. لكن يظل السؤال من المستفيد من إضعاف تلك المعارضة وتشتيتها وإغواء ضعاف النفوس منها .. ومن الذي يسعى الى تاجيج الحروب بتجييش المليشيات التي سحبت عن المؤسسة العسكرية الوطنية بساط دورها الدستوري في حماية الوطن من أعداء الخارج وليس إستعداء الداخل بإثارة النعرات القبلية وتوسيع الشقة الجهوية التي تباعد بين مكونات المجتمع الذي كان متسامحا .. فاصبح يتزاحم شذاذ افاقه مزيحين الشرفاء عن واجهة العقلانية والحكمة إكتساباً للمنافع التي يلعقونها عند تقبيل اياد الرضاء الحاكمة !
لا أنكر ان المشهد من الداخل جدُ محير ..وقراءة سطوره تتطلب وقتاً للغوص في أعماق الصورة المتداخلة الألوان بين الصمت الرافض الذي يوحي بان تحت الرماد وميض يتأجج .. وبين زعيق الخطب والشعارات الممجوجة التي تدلقها السنة التمني بغدٍ أت في خُطى الصبر على المكاره التي سيعقبها السرور قبل مغيب شمس النظام التي تميل نحو الأفول وفقاً لنظرية التقادم التي تحتم ذلك !
ونبرة النقد الرئاسي للحزب الحاكم .. و رجفة الحركة الإسلامية من عاقبة مصير الجيران هي شواهد تستقوي بها حجة الذين يراهنون على ان تغييراً قد يحدث ولكن لمصلحة من من أفيال الصراع التي يرى البعض أن خراج سحابة ذللك الصراع سيؤول الى ذات الإسلاميين الذين يخططون بدهاء المجرب في غياب الخصم الذي يخيفهم أن يكونوا هم البديل لذاتهم في ظل ذات النظام ..بحيث يصبحون إن لم يكونوا الحاكمين مجتمعين .. فنصفهم في الحكم والآخر قريباً منه في الظل !
ويظل التساؤل الآكبر عن غياب كلمة الشعب وهو أكبر افيال الحقل الذي يتنازعه جفاف الإنتاج .. وإحن الصراع ..وقتامة الغد من خلف غبار الحاضر القادم دون شك من خلفية الماضي الذي لم نحسن إدارته .. فحصدنا مازرعنا شوكاً نمشي عليه حفاة الى نهاية مجهولة .. يا هدانا الله .
هذا مقال يؤرخ بدقة العارفين لمؤسسة مطاحن قوز كبرو التى كانت ملاذا للمزارعين ومثالا كان حيا للاستثمار الصناعى فى المجال الزراعى .
بعدها بسنوات قام اتحاد المزارعين بالاستثمار فى مجال النسيج واسسو مصنع الملكيه بخمسين مليون دولار . نعم دولار شراكة مع مؤسسة الاستثمار العالميه بواشنطن وشركه سويسريه تولت شأن التركيب والتشغيل لبعض ألوقت .
كان المزارعون واعين بما يعملون بقيادة انزه الرجال ، عبدالجليل حسن ، يوسف احمد المصطفى ، عبدالله محمد الامين برقاوى الخليفه ابراهيم ، عفيغى حسن ….. وغيرهم من الجنود المجهولين .
اين ذهب هذا كله ؟؟؟ لقد تم تخريبه تماما وبيع بأبخس الاثمان ﻷحد الكيزان والذى باعه ايضا لاحد الكيزان والذى باعه ايضا وهكذا ضاعت الخمسون مليون دولار وتحولت الى عبء وكارثه وديناعلينا وعلى ابناء السودان واجب السداد ولا حول ولا قوة الا بالله .
شوف يا ودصاحب الذكرى العطرة شيخ برقاوى ::: كلامك دا مايفهمو اى زول ساى الا اصحاب الوجع الحقيقين ناس ولاية الجزيرة بصفة عامةومنطقة الحلاوين بصفة خاصة ولا يسعنا نحن اولاد المنطقة دى الا ان نقول لا فض الله فوك وقلبت علينا المواجع
تسيج المزارعين كان يديره الدكتور حسين الكباشى لاكثر من عشر سنوات وكان استاذنا بجامعة الجزيره يدرسنا الهندسة الكيكانيكيه وكان المصنع يعول ثلاثة آلاف اسره وبه كل الخدماتت من سكن مجانى وعلاج .
تلك كانت الايام قبل اﻷبتلاء بالاخوان أللصوص .
تسيج المزارعين كان يديره الدكتور حسين الكباشى لاكثر من عشر سنوات وكان استاذنا بجامعة الجزيره يدرسنا الهندسة الكيكانيكيه وكان المصنع يعول ثلاثة آلاف اسره وبه كل الخدماتت من سكن مجانى وعلاج .
تلك كانت الايام قبل اﻷبتلاء بالاخوان أللصوص .
ليس وحدكم انا من ابناء المنطقة لكن هل سألتم عن مطاحن حلفا الجديدة او كوستى
اول الغيث قطرة كل القوة الانتاجية تم تدميرها وجلس الكيزان في المصالح الحكوميه يفطرون بالساعات اثناء اوقات العمل الرسميه ويصرفون مرتبات بدون فوائد انتاجيه
استاذنا المناضل عبد الله برقاوي
مقال ملئ بالحقائق المؤلمه نقذف بها سهاما في نحور الظالمين من يدّعون الرياده والفهم
من يتحدث عن إنجازات قليلة فهي بالتاكيد مقدره ولكن.. ما بال الدمار الهائل والتدهور المستمر
حسبنا الله فيمن يخربون أوطانهم بأيديهم