أخبار السودان

نساء ضحايا جرائم الشرف بمباركة قانون اللامبالاة

نهى الصراف

على الرغم من مبادئ التسامح والرحمة التي تنطوي عليها الشريعة الإسلامية، مازالت المرأة المسلمة تحتفظ بنصيب الأسد في مجمل الحوادث والجرائم والانتهاكات الإنسانية التي ترتكب باسم الدين والتي أخذت تتفاقم في الآونة الأخيرة بشكل مثير للدهشة، مع انتفاء وجود سلطة القانون الذي قد يكون هو نفسه أداة مساعدة على ارتكاب الجريمة أو التشجيع على ارتكابها.

في بلد عربي مثل السودان، تبدو الصورة القاتمة أكثر وضوحا، حيث مازالت طبيبة مسلمة وأم تواجه حكم الإعدام تسبقه 100 جلدة! على خلفية زواجها من رجل مسيحي وتحولها من الإسلام إلى المسيحية وفق إدعاء السلطات المعنية، وإصرارها على عدم قبول التفريق بينها وبين زوجها ووالد أبنائها في بلد ما يزال يعاني من آثار مدمرة لحرب أهلية طاحنة.

أما زوجها عالم الكيمياء الحيوية، فكان في وقت لاحق في الخرطوم، في محاولة لترتيب معاملة لمّ الشمل تجمعه بزوجته وطفله البالغ 20 شهرا للالتحاق به في الولايات المتحدة حيث يقيم؛ إلا أن الحلم تحول لكابوس عندما اعتقلت السلطات زوجته وكانت حاملا في شهورها الأولى.

تنتمي الطبيبة المدانة إلى أم مسيحية وأب مسلم هجر أسرته الصغيرة ولم تزل الطفلة في سنوات عمرها المبكرة، فتربت تلقائيا كمسيحية، حيث لعبت والدتها المهجورة دور الأب والأم مضطرة.

مريم إبراهيم الضحية التي قضت الشهور القليلة الماضية مقيدة بسلاسل من حديد إلى أرضية غرفة قذرة في سجن النساء في أم درمان، تنتظر تنفيذ حكم الإعدام بعد مرور شهور الرضاعة الطبيعية لطفلتها بحسب قوانين الشريعة التي تحاول السلطات تطبيقها بحذافيرها، بحسب إدعائها.

المهم أن الأم عانت الأمرّين في حملها وبعد تخطيها شهور الحمل القاسية وفكرة الموت تحلق فوق رأسها، تمكنت أخيرا من الابتسام لرؤية وجه طفلتها الوليدة. وعلى الرغم من أن ولادة طفلة جديدة للأسرة المنكوبة تمثل بارقة أمل، إلا أن مريم لا يمكنها أن تنسى معاناتها أثناء عملية الولادة التي تمت وهي مقيّدة بالأغلال داخل سجنها.

ومع سيطرة الضغوط الدولية الهائلة التي طالبت بإطلاق سراح مريم وإنقاذها من المصير البربري، استسلمت السلطات السودانية وأعلنت الراية البيضاء ووعدت بإطلاق سراحها خلال أيام، إلا أن المتابعين للأحداث شككوا في نوايا السلطات، بدعوى أنها تحاول عبر بث مثل هذه التصريحات، تهدئة الرأي العام العالمي الذي آثارته وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة.

وأيا كانت النتيجة، فإن الحادثة التي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة أظهرت الوجه القبيح للتشدد، كذلك هشاشته عندما يتعلق الأمر بانكشاف المخفي؛ فالطبيبة الضحية لم تكن أسوأ حظا من ضحايا أخريات قضين في سجون التطرف والإرهاب ولم يسمع بمحنتهن أحد.

سيدات وفتيات ذهبن ضحايا جرائم ملفقة بدعوى تخطي الأعراف والتقاليد التي تتخذ صفة القبلية في أغلبها وتعاكس مبادئ التسامح الديني في الإسلام. مريم إبراهيم ستخرج من محنتها أكثر صلابة، لكنها لن تنسى مرارة الظلم ولن تنسى مخالب التطرف التي كادت تنهشها لو لا تدخل الهيئات الدولية العليا.

انتهاك حقوق المرأة على يد السلطات الظالمة حصره بل إن أقرب المقربين قد يكونون سلاحا أكثر فتكا لانتهاك هذه الحقوق والأمثلة عديدة؛ فالأب والشقيق والعم وأفراد آخرون من أقارب الدرجة الثانية، كانوا يد الجلاد الذي حكم ونفد حكم الإعدام بالسيدة الباكستانية فردانة بارفين، التي قتلت رجما بالحجارة في وضح النهار، أمام حشد من المتفرجين وأمام مبنى المحكمة العليا في لاهور بسبب اختيارها الزواج من رجل تحبه، متخطية بذلك الأعراف والتقاليد التي تعتبر علاقة الحب انتهاكا صارخا للتقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية.

وبدلا عن ذلك، تلزم الفتيات بالخنوع لإرادة الأهل في زيجات مدبرة مُسبقا لا تصب غالبا في مصلحتهن، حيث يستند مثل هذا النوع من الزيجات على أسس ظاهرية كصلة القرابة والمصالح المادية والأعراف الاجتماعية.

وكانت فردانة التي تبلغ 25 عاما حاملا في الشهر الثالث، حين قصدت المحكمة في صباح ذلك اليوم المشؤوم لتدلي بشهادتها أمام القضاء لتبرئة زوجها من تهمة خطفها، على خلفية الشكوى التي تقدم بها أفراد عائلتها. الأسلوب البربري الذي قتلت به هذه السيدة البريئة، لم يكن حادثا عارضا؛ حيث يتم قتل وتعذيب المئات من الفتيات والسيدات سنويا في حفلات قتل بربرية يطلق عليها جزافا ?جرائم شرف? يقوم بارتكابها في الغالب أهالي الضحايا، بدعوى الثأر لشرف العائلة. وبحسب لجنة حقوق الإنسان في باكستان، فإن أكثر من 1000 سيدة في العام الماضي فقط قضين في جرائم مشابهة في حين أن الأرقام الحقيقية قد تتجاوز هذا العدد بكثير؛ حيث أن البعض من هذه الجرائم يتم التعتيم عليها وبعضها الآخر لا يجد طريقه إلى المحاكم، أما الثغرات العديدة في القانون الباكستاني في هذا الخصوص، فقد تضمن للجناة الإفلات من العقاب بعد حصولهم على العفو من أقارب الضحية، خاصة إذا ما كان هؤلاء الجناة من أقارب الدرجة الثانية المدفوعين بالأساس من قبل أفراد العائلة لتنفيذ الحكم الجائر.

الحادثة التي روّعت الرأي العام أظهرت الوجه القبيح للسلطات مرة أخرى؛ حيث اقتصر دور رجال الشرطة المرابطين في مكان الحادث الذي استمر لأكثر من 15 دقيقة، على الاكتفاء بالصمت كأشخاص حياديين بدلا من أن يكونوا فاعلين لمنع وقوع الظلم، فلم يحركوا ساكنا على الرغم من استنجاد الزوج بهم. ولأن رجل الشرطة كان شيطانا أخرس، فإنه غالبا ما يتحمل وزر تلك الجريمة والجرائم التي ستتبعها حتما، حيث القانون يأتي على مقاس الجلاد لا الضحية.

العرب

تعليق واحد

  1. اوردتم امثلة عن ضحايا باسم الدين الاسلامى وتباكيتم اشد البكاء ولم تذكر حادثة الفتاة الاردنية التى تركت المسيحية واعتنقت الاسلام وعذبتها اسرتها حتى الموت هذه دعوة حق اريد بها باطل

  2. نهى الصراف صرقت الكثير من الكلمات في اشياء ليس بينها رابط هذه قضية ردة وتلك قضية شرف الاولى بحكم القانون بغض النظر عن صحته او خطأه فاجرأات التقاضي لم تنتهي بعد واهل الفتاة لجاؤوا الى القانون.والثاني قام الاهل بتنفيذ حكمهم الهمجي حسب قانونهم هم وليس المحكمةفشتان بينهم.المقال فيه الكثير من عدم الحيادية في الطرح اولا وللمرة المليون المدعوة مريم-ابرار ليست طبيبةولا حتى بيطريةوامها ليست نصرانية واذا كانت فهي لم تظهر حتى الان والشي المعروف على حسب مقالك ليس هناك اهل يبحثوا عن قضيحة(بنت هاربة-تزوجت بدون ولي امرها- وارتدت عن دينها)ويشتروها ويصروا على اظهار الفضيحةهؤلاء الاهل يختلفون تماما عن الذين ذكرتهم وهذا الحكم مرجعه شيوخ الدين وليس الصحفيات امثالك. وانت كصحفية وتريدي الحقيقة لما لم تذهبي الى اهلهاالمسلمين والنصارى واتيت لنابوجة نظرهم وادلتهم وبعد ذلك نستمع لوجةنظرك اما بمعلوماتك المنقولة من هنا وهناك حتى المحامي في مذكرته لم يقل ماقلتيه وذكرتيه رجاء عندما تكتبي عن اي موضوع ابحثى وفتشى الحقائق بنفسك بدل سماعها من الجرائد والوكالات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..