جيل المهجر

وأعني به الجيل الذي ولد وتربى ونشأ خارج حدود الوطن العظيم – وبكل أسف هو جيل افتقد بوصلة الانتماء والهوية والتوجه وصار متأرجحا بين سندان الغربة ومطرقة الوطن فلاهو يعرف شيئا عن وطنه وتاريخه وحضارته وثقافته ولا هو بالمدرك لثقافة وتاريخ وحضارة المهجر واعراف وتقاليد البلد الذي يعيش فيه -للاسف الشديد هو جيل فاقد للانتماء متبلد الاحساس والمشاعر -لايعرف معنى تواصل الحضارات والاجيال ولم يكتشف ذاته ومقدراته بعد .

هو جيل يعشق التكنولوجيا والواتس والفيس وتويتر والانستغرام والاسناب- جيل يعشق فقط ماكودنالدز وهارديز والبوفيهات-لايحب طبخ الامهات والاخوات -يغني مع نانسي عجرم ووائل كافوري وراشد الماجد وماجد المهندس ولايعرف خلف الله حمد وميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة ولا العطبراوي أو محمد وردي.

إنه جيل غريب عجيب ذو ثقافة أغرب لاسيما عندما يتطرق الحديث للحلاقة وقصات الشعر الغريبة والخزعات وضرورة أن يكون طابعها الوقار والاحترام -وعن اللبس فحدث ولاحرج وأهمية أن يكون لائقا ومناسبا-يرد عليك هذا الجيل بثقة متناهية إن هذا هو عصرنا وجيلنا وهذه ثقافتنا وحضارتنا وان جيلكم مختلف تماما عنا ولايشبه جيلنا وكذلك ثقافتكم وفكركم مختلف تماما عنا وان كل دور في الحياة له وقت محدد والزمن لايرجع للوراء مثله مثل عقارب الساعة وان التواصل بيننا وبينكم محكوم باطر محددة اهمها احترامكم لخصوصيتنا وحريتنا.

إنه جيل بكل اسف متمرد على ذاته ونفسه يفتقد ابسط قيم ومعايير الاسرة ويفقد بوصلة الهوية والانتماء للجذور بصفة تامة -يعيش فراغ روحي كبير بعد ان غاب الوالد في صراعه الشرس مع الحياة لتوفير لقمة العيش وانشغلت الوالدة بتدبير شؤون المنزل وتربية الصغار -جيل يفتقد بحق ثقافة الاحترام المطلوب وغابت عنه قيم الوطن واعرافه وتقاليده فصار مسخا مشوها ولم يعد في قاموسه شي اسمه الاسرة ولا الوطن والمجتمع.

جزء كبير من هذا الجيل التهمته وابتلعته المهاجر القصيّة بالكامل ولم تترك له بارقة أمل للعودة للجذور وانغمس في مجتمعاتها حتى اخمص قدميه باندفاع ورعونة تحت شعارات الحرية الزائفة والBoy Friend وGirl Friend التي تتشدق بها تلك المجتمعات وهي حرية مدمرة تقضي على الاخضر واليابس لانها تقصي الدين والشريعة من حساباتها بالكامل وهناك مهاجر لاتعرف الحلال والحرام واعمدتها الوحيدة قوانين بشرية مرنة فضفاضة والحرية بمفهومهم ان تفعل ماتشاء كان تخرج عاريا مثلا

جيل المهجر يعيش في اتون مجتمعات يمكن ان تلتهم اي مبادئ او قيم وهناك مجتمعات منها لاتهتم بالانسان وقيمه وروحه بل تتشدق بالديمقراطية والحرية الزائفة
وفئة أخرى من جيل المهجر وبعض من بالداخل وجدوا في أوكارالجريمة المنظمة -وتعاطي وحيازة المخدرات والمسكر ضآلتهم بالاضافة الى الانغماس الكامل في مراتع اللهو الحرام والرذيلة وفقدانهم الثقة وبوصلة التوجه مع والديهم واخوانهم واخواتهم وخروج الاسرة بالكامل من دائرة اهتمامهم – وفئة أخرى يممت شطر الارهاب وداعش والفكر الضال المنحرف وقتل الوالدين واقرب الاقربين والعقوق والعصيان وشق عصا الطاعة والعياذ بالله.

بعض ابنائنا لم يعد في ثقافتهم الضحلة وفكرهم الخرب سوى الخروج فقط من المنزل والتدخين والسهر لساعات طويلة من الليل والعودة على اعتاب الفجر -بعضهم لايشاهد والديه طوال ايام الاسبوع فهو اما نائم او خارج المنزل او مغلق لغرفته او مع الموبايل والواتس واللاب توب -جيل صار همه الاول الموضة وركوب السيارات ومعاكسة الفتيات وعدم وضع اعتبار لأي قيمة مجتمعية أو فكرية أو ثقافية هادفة.

عندما تحاورهم وتناقشهم حول ابسط الامور يتبين لك مدى ضحالتهم الفكرية وفقرهم الثقافي والادبي انهم لايعرفون شيئا عن الخلق والقيم الرفيعة والمبادئ السامية -لايفهمون معاني التضحية والاثرة ونكران الذات -لايعرفون قيمة ومعنى الاسرة والوالدين وتعبهم وشقائهم من اجلهم -لم يسمعوا بالكنداكة ومهيرة وعزة – ولايعرفون الزعيم الازهري ولاعثمان دقنة او عبدالقادر ود حبوبةولا مدن الوطن المختلفة.

اعتقد إنه قد آن الاوان لدق ناقوس الخطر بقوة لاستدراك مايحدث قبل فوات الاوان وهذا او الطوفان فقد طفح الكيل وماعاد من متسع من الوقت واصبح السكوت على مايتعرض له جيلنا جريمة لاتغتفر في حقنا ومامن خير فينا ان لم نجاهر باهمية وسرعة استدراك معالجة الوضع المتأزم وايجاد وسائل الحماية والمعالجة اللازمة والمطلوبة فضياع هذاالجيل والاجيال التي تليه هو ضياع وطن وأمة باكملها وفقدان للهوية وبوصلة الانتماء العتيق وعلينا أن نشمر عن سواعد الجد على اعلى المستويات الرسمية والشعبية وبتضافر كل الجهود المخلصة الصادقة لصياغة وتحديد برنامج وطني متكامل يعمل على توطيد معايير الثقة والانتماء والهوية ورتق نسيج الثقة الغائب اصلا بيننا وبين اجيال المهجر وبالداخل

لابد من برنامج عمل وطني هادف وجاد وفعال لإعادة شباب وطننا الى سربه وحظيرته والعمل الجاد على ارجاع من ابتلعتهم والتهمتهم المهاجر وعلى الدولة ممثلة في اعلى مستوياتها (رئاسة الجمهورية) تبني برنامج عمل وطني تشرك فيه كل الوزارات والادارات الحكومية المختصة وبمشاركة فاعلة من الجهد الشعبي ممثلا في الجاليات السودانية بالخارج والسفارات وجهاز المغتربين ووزارات التربيةوالتعليم والشباب والرياضة والرعاية الاجتماعية والشئون الدينية الخ يكون هدفه الرئيس تحديد معايير الهوية وتعميق قيم الانتماء للوطن والاسرة والمجتمع وبلورة الهوية الوطنية واقامة ورش وبرامج العمل والندوات المتخصصة والبرامج ذات الصلة والمشاريع ذات الصلةالرائدة وان تكون برامج وطنية تصادف هوى وقبولا لدى اجيالنا القادمة

وفي السياق نفسه ندق ناقوس الخطر وسط كل الاسر السودانية بالمهجر والداخل لاهمية الانتباه لابنائهم واعطائهم القدر الكافي من الاهتمام والحرية المسئولة المتزنة المنضبطة – والرقابة والاشراف والمحاسبة والمساءلة في حالة ملاحظة اي جنوح وانحراف – مع مراقبة سلوكهم وتصرفاتهم واين يذهب الابناء ؟ ومع من من الاصدقاء ؟ ومراقبة الموبايلات والاجهزة الاليكترونية -ووضع قواعد صارمة داخل المنزل – وللدخول والخروج – وترك الدلع الزائد عن الحد- واتخاذ مايلزم لمعالجة وتصحيح اي انحراف سالب وفي وقته قبل وقوع االكارثة .

كما اتمنى ان تنفرد الجاليات السودانية بالمهجر بالتعاون مع السفارات والملحقيات وجهاز المغتربين بوضع هذا الامر موضوع الاهتمام المباشر والفعلي والعمل بجد وبقوة عبر برامج عمل هادفة على تعميق الهوية ومعايير الانتماء وبناء الشخصية المميزة وتقويم السلوك المعوج والمنحرف وربط الابناء بالاسرة والمجتمع والوطن والاستفادة من ايجابيات المهجر واقامة علاقة شراكة استراتيجية فاعلة بين الجميع وخلق تواصل حضاري رفيع المستوى بين الاجيال والحضارات والثقافات المختلفة .

إن لم نفعل ذلك الان وبالسرعة اللازمة المطلوبة فالكارثة قادمة لامحالة ولاسيما إن مرحلة الخطر في أوجها وقد تجاوزت المؤشر الاحمر بكثير .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هى البلد بكبرها يا طارق ضايعة المغترب المسكين دا ما يضيع ؟ هسا عليك الله كان رجع المغترب السودان ياكل شنو فى ظل ارتفاع الاسعار دى وانتشار الأمراض ، والحمير السارحة والمارحة اللى اكثر من الشعب زاتو والحروب المشعللة فى كل مكان ،،،

    بعدين فى بلد المهجر انت قلت ياكلوا شنو ؟ ماكدولز ، وبرغر كنج ، وكنتاكى

    هسا عليك الله زول ياكل الاشياء الطيبة يرجع ياكل كمونية وكسرى وام فتة

    انت شكلك زول منغمس فى ملذات الحياة واديت ابو السودان الطناش وداير الناس ترجع عشان تتعذب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..