مقالات وآراء سياسية

قراءة أولية في بيان الخارجية الامريكية بشان فرض عقوبات على السودان لاستخدامه الأسلحة الكيمائية

السر العجمى

 

الخميس الثانى والعشرون من مايو 2025م أعلنت وزارة الخارجية الامريكية أن الولايات المتحدة الامريكية ستفرض عقوبات على السودان بعد ثبوت استخدام حكومته أسلحة كيمائية عام 2024م خلال الصراع الدائر بين الجيش والدعم السريع، وذكرت المتحدثة باسم الوزراة تامى بروتس في البيان ان العقوبات ستدخل حيز التنفيذ في السادس من يونيو تقريبا بعد اخطار الكونغرس، كما اضافت ان الولايات المتحدة الامريكية تدعو حكومة السودان الى وقف استخدام الأسلحة الكيمائية، والوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة الأسلحة الكيمائية التي تحظر مثل استخدام هذالأسلحة.(موقع وزارة الخارجية الامريكية)، وهنا لابد من الإشارة الى ان السودان منضم لمعاهدة منع استخدام الأسلحة الكيمائية. حيث كان انضمامه في العام 1999م الا ان السودان رفض هذه الخطوة ووصف الاتهامات بانها باطاة وابتزاز سياسي لا يستند الى دليل وذلك وفقا لتصريح الناطق الرسمي (وزير الاعلام) .

وهذه ليست العقوبة الأولى التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية منذ بدء الحرب في السودان فقد سبق وان أصدرت في يناير 2025م، عقوبات على قادة الصراع البرهان وحميدتى متهمة اياهما بالسعى لانهاء الصراع عن طريق الحسم العسكري وليس المفاوضات. كما فرضت عقوبات على قائد الدعم السريع حميدتى واتهمته بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.

ولابد من الإشارة ان سلوك الإدارة الامريكية وخاصة في ظل وجود الحزب الجمهوري على السلطة .لاتحبذ العمل الجماعي المؤسس سواء السياسي او الامنى او العسكري، وتعمل خارج نطاق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، ويؤكد ذلك ان كل التدخلات العسكرية التي تمت خارج نطاق الأمم المتحدة كانت ابان سيطرة الجمهوريين على السلطة، والان قرار الولايات المتحدة بفرض العقوبات دون اخطار وإبلاغ الجهة المعنية بمراقبة الأسلحة الكيمائية والتي بدورها تقوم بابتعاث فريق للتفتيش والتاكد من صحة الادعاء، أيضا يؤكد ما ذهبنا اليه بان الجمهوريين لا يحبذون العمل الجماعي المؤسس، كما ان سياسات الرئيس ترامب حول شعارة أمريكا أولا تكاد تكون متسقة مع اطروحات الجمهوريين الذين يمثلون اليمين الامريكى ويحبذون العمل الفردى. كما انها متسقة مع شخصيته وتركيبته كرجل اعمال يؤمن بمبدأ الصفقة فاما ان يكون خاسرا واما ان يكون فائزا وهذه المعادلة الصفرية لها مخاطرها في عالم اليوم.

ولاشك ان القرارات التي تتخذها واشنطن تتاثر بها جميع عواصم العالم، عليه لابد من تناول القراءة الأولية لقرار العقوبات هذا حتي يسثنى لنا ابعاد هذا القرار على الصعيد الدولى والاقليمى والداخلي.

فعلى الصعيد الدولى ربما تكون هذه العقوبات هي رسالة الى المجتمع الدولي والمنظمة الدولية التي عجزت عن حسم الحرب في السودان التي وصلت الى حالة اللاحسم سواء عبر الخيارات العسكرية او الدبلوماسية. وذلك بسبب التدخل الاقليمى والدولي في حرب السودان ويعتبر هذا التدخل هو السبب المباشر لاطالة امد الحرب نظرا لتعارض وتشابك مصالح تلك الدول. لذلك ربما قرار العقوبات هذه يكشف عن نية الولايات المتحدة بالتدخل العسكري خارج نطاق مجلس الامن الدولي كما سبق ان تدخلت في العراق وكوسوفو. وربما يكون هذا التدخل العسكري من اجل مصالح أمريكا في البحر الأحمر وتحجيم سباق القواعد العسكرية على البحر الأحمر الذي اضحي محطة انظار القوى الإقليمية والدولية الراغبة في السيطرة علي المنافسة في البحر الأحمر. كما يمكن ان يكون الغرض من هذا القرار هو تسليط الضوء بشأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والابادة الجماعية التي ارتكبها اطراف الحرب في السودان ولفت انتباه المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بتحريك الدعوي الجنائية بشأن تلك الجرائم. وبما ان هذا القرار يعرقل ويعطل جهود أي تسوية سلمية للحرب. لذلك ربما يكون التدخل العسكري في السودان من قبل الولايات المتحدة الامريكة هو الأرجح.

اما علي الصعيد الاقليمى نجد ان هذا القرار تزامن بعد الزيارة السرية التي قام بها البرهان الى ايران، وتزامن أيضا مع قرار العقوبات على ايران والتي فرضتها وازرة الخارجية الامريكية في يوم الأربعاء 21/5/2025. حيث كانت هذه العقوبات تستهدف قطاع البناء في النظام الإيراني ، والمواد التي تستخدم في المشاريع العسكرية والنووية، وهذا يشير الى ان الأسلحة الكيمائية التي اتهم السودان باستخدامها هي أسلحة إيرانية. فضلا عن ذلك ربما تكون أيضا تحجيم الدول التي تسعي الي إيجاد قاعدة عسكرية علي البحر الأحمر خاصة ايران التي تبحث منذ زمن موطئ قدم في البحر الأحمر بعد ان رفضت جيبوتي منحها قاعدة عسكرية علي البحر الأحمر.

فعلى الصعيد الداخلي جاء هذا القرار متزامنا مع تعيين الدكتور كامل ادريس رئيسا للوزراء مما يعني عدم ترحيب الولايات المتحدة الامريكية بهذا التعيين وعدم القبول بشخصية دكتور كامل ادريس، وربما تكون رسالة لكامل ادريس بقبول لجنة التفتيش اذا تم اثارة هذا الموضوع امام الأمم المتحدة والسماح لدخول فريق التفتيش . فضلا عن ذلك ان هذا القرار فيه إشارة واضحة لحكومة بورتسودان بالتدخل العسكري في حالة عدم امتناعها عن استخدام هذه الأسلحة الكيمائية في الحرب خاصة ان البيان أشار ودعا حكومة السودان الى وقف استخدام هذه الأسلحة والوفاء بالتزاماتها .

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. نجر شديد يا السر العجمي.
    كنت نجار ولا شنو؟

    صحيح ما قلته عن أن العمل الفردي والتدخلات العسكرية خارج نطاق الشرعية الدولية هي سمة ملازمة للحزب الجمهوري.
    ولكن هذه العقوبات الكيماوية ليس القصد منها التدخل، القصد منها إستجابة لطلب الدولة الداعمة للحرب على السودان.
    هذه الدولة بقيادة هذا الحاكم والتي لم ولن وسوف لن تورع عن فعل أي شيئ مهما كان بعيدا عن الشهامة العربية والمرؤة والأخلاق، يكاد أي مشاهد ومستمع لمسرحية الكيماوي هذه وإخراجها من الممثل الأمريكي بهذه الكيفية الخنفشارية بدون بيان نوعه الكيماوي ولا مكان ولا زمان إستخدامه غير القول بأنه تم إستخدامه في مكان نائي، هذا يؤكد أن هذه الدولة الداعمة للحرب على السودان والحاضنة للجنجويد والقحاتة قد إستخدمت كيماوي محدود على مجموعة من أسرى الجيش لدى مليشيا الجنجويد أو المواطنين المخطوفين من قبلها، بعد إلباسهم ملابس المليشيا، وصورتهم باعتبارهم جنجويد تعرضوا لكيماوي الجيش السوداني، وزودت بها الأمريكي لييستخدمه ذريعة لهذه العقوبات.
    والدليل على هذا هو الإحجام الأمريكي عن ذكر أدلتها وشهودها على هذه المزاعم، فهي لن تفصح عن أن حليفتها هي مصدر هذه المعلومات:
    إما لأن هذه الدولة المجرمة والأمريكي (دافنينو سوا) ومتفقتان على هذه الفبركة لأن هذه العقوبات تخدمهما معا.
    وإما لأن الشيطان قد أوصل هذه الصور ومعلومات الكيماوي عن طريق طرف ثالث أوصلها باعتبار أنه تحصل علي من الميدان من شخص لا يريد الكشف عنه وطلب من الأمريكي التعامل معه ومع مصدره وفقا (لنظام الأدلة السرية) التي تعطي الامريكي حق الإتهام والإدانة والعقاب دون أن تضطر الى الكشف عن الأدلة والشهود التي تثبت صحة التهمة أو ثبوت وقوع الجريمة، وهذا نظام قراقوشي ينطبق عليه قول الشاعر (يا أعدل الناس إلا في معاملتي…فيك الخصام وأنت الخصم والحكم).

    العقوبات الكيميائية أتت بعد الزيارة الصامطة غير المعلنة التي قام بها رئيس الصندوق السيادي لدولة العدوان، أكبر صندوق الثروة السيادي من حيث الرصيد المالي في العالم، الى الولايات المتحدة واجتماعه السري مع ترامب، وعقب زيارة ترامب لدول العدوان واجتماعه السري المطول مع رئيسها، والأهم، عقب ضرب طائرة دولة العدوان بمطار نيالا ومقتل عدد من مواطنيه وتدمير أنظمة حربية متقدمة تحملها الطائرة، وعقب الإنتصارات الأخيرة الكبرى للجيش السوداني بتطهير العاصمة المثلثة والكثير من مدن كردفان، وبعد عدم إذعان السودان بقبول مفاوضات الإذعان التي ظن الكفيل أنه يقبل بها لا محالة بعد ضربه لمدينة بورتسودان بمسيراته الإستراتيجية والتي كتب بعدها بعض كتبنجية القحاتة يقول: (لا مفر أمام البرهان إلا الذهاب للمفاوضات)..
    ذلك أن المفاوضات قبل فقدان الجنجوبد لمناطق سيطرتهم هي الأمل الوحيد الباقي للقحاتة للعودة الى ساحة السياسة والسلطة السودانية ببندقية الجنجوبد، أما أن فقدت مليشيا الجنجويد مناطق سيطرتها قبل عودة قحت بالمفاضات فذلك يعني أن قحت لن تعود أبدا بدون بندقية الجنجويد وبدون مناطق سيطرتها.

    العقوبات الكيميائية الأمريكية خدمة للزمار الذي دفع القيمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..