فتاوى السلطان

أحداث ومؤشرات
فتاوى السلطان
د.أنور شمبال
[email protected]
فتاوى السلطان
(بصراحة يا دكتور أفكارك ممتازة بس زي ما قلت لك في بعض المرات هناك مؤشرات في الاقتصاد يصعب قراءتها وتحليلها.. فمثلاً الخروف يشتروه من كردفان، ويسمنوه في الخرطوم ويصدروه عبر سواكن ويسموه سواكني ويصل السعودية ويذبح ويباع الكيلو بأقل من سعره في الأبيض.. فكيف تحلل هذا؟!.. إلا تبقى حاوي عشان تفسر لي الأسباب) هذه الرسالة القصيرة بعثها لي أستاذي وصديقي الهادي الضو الذي يعمل الآن بالسعودية، وهو أحد الذين دربونا على العمل الصحفي ونحن في بداية طريقنا.
إنه محق فيما يقول، بل إن غالبية الأنشطة الاقتصادية في بلادنا لا يمكن تفسيرها، وتحليلها وفق نظريات وقواعد الاقتصاد المعروفة، والتي عن طريقها تتنبأ بما يحدث في المستقبل القريب أو البعيد وفق الحيثيات الآنية ومجريات الأحداث، والذي يحدث هو مجرد تكهنات ولعب بقاعدة الاحتمالات الرياضية، وصاحب النشاط الاقتصادي نفسه يلعب بقانون الفرص الذي ينص على (إذا جاءتك فرصة أن تكون ملياديراً فارفع سعر سلعتك عندما يحتاجها الناس ثلاثة أضعاف) وبها صار سعر الخروف بألف جنيه.
اقرأ وحلل معي هذا الخبر (أصدرت حكومة ولاية القضارف قراراً أنشأت بموجبه محفظة بمبلغ (4) ملايين جنيه من (16) فرعا من فروع المصارف العاملة بالولاية لتوفير (10) آلاف رأس من الخراف للموظفين والعاملين بحكومة الولاية يتم توزيعها على المستفيدين بواسطة نقابات العمال على أقساط وذلك بعد تعهد وزارة المالية بالاستقطاع الشهري من مرتبات العاملين لمدة (9) أشهر وإضافتها الى حساب المحفظة طرف فرع بنك الادخار رائد المحفظة، واستندت حكومة الولاية في قرارها الى فتوى مجلس الافتاء بالخرطوم، ومن مجلس العلماء بالقضارف).
والأدهى والأمر أن ذلك الإجراء يأتي باسم تخفيف حدة الفقر عن المواطنين وتوفير خراف الأضاحي بأسعار معقولة… هل هذا صحيح؟ فالإجابة عندي (لا) كبيرة، وحتى الفتوى فتوى سلطانية، وتفسيري للقرار هو إدلاء أموال بعض التجار للحكام لأكل فريق من أموال الناس بالباطل، وجعل الأموال دولة بين الأغنياء، وهي والمعاني التي أوردها القرآن الكريم في مثل هذه الأمور.. فأيهما الأوجب لإنشاء محفظة الذي يريد أن يضحي أم الذي لا يملك قوت يومه وما أكثرهم بعد الغلاء الطاحن الذي ضرب كل السلع التي يحتاجها الإنسان ليعيش.
إن القرار يمثل التفافا على نجاح وفعالية المقاطعة الشعبية للّحوم التي شهدتها البلاد مؤخراً، وكان بعض رجال الأعمال أو بعض الذين يجيدون اللعب بالبيضة والحجر، يحاولون دخول حلبة الربح والكسب عبر هذه البوابة حتى لا يمنوا بالخسائر الفادحة.. فلماذا يضحي أصلاً الذي لا يملك ثمن الخروف؟.
هذه من فتاوى علماء بنى كوز السلطانية وهل تحتاج الاضاحى لفتوى ايها الفاسقين المتاجرين بالدين ؟ الا تدل مثل هذه الفتاوى الكثيرة الى مزيد من الفساد واللعب بشعائر الدين العظيمة من قبل هؤلاء الفاسقين ؟ لا تستبعد غدا يفتوا لك فى جواز سفرك وحلك وترحالك . خسئتم ايها المنافقين اذا كنتم فعلا حريصين على مساعدة المواطن فلماذا لم ترحموا اولئك المساكين الذين لا يأكلون اللحم الا فى ولائم المترفين لماذا لا ترحموا اولئك الذين لا يجدون مصروف الوجبتين فى اليوم بعد ان تركوا الوجبة الثالثة من الفاقة والفقر . الاسئلة كثيرة وكثيرة لكن ليس من مجيب وليس من يسمع . اللعنة عليكم الى يوم الدين .
الأضحية بالاستطاعة و من لا يستطيع فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ضحى عنه و لذلك على الكيزان أن لا يتحايلوا على شرع الله باصدار الفتاوى السلطانية ليتمكن تجارهم من جنى الأرباح الطائلة بعد الخسائر التى تعرضوا لها من جراء مقاطعة الشعب لللحوم و تضررت جيوبهم من تلك المقاطعة. لذلك على الناس أن لا يلتفتوا الى هذه الخدع التى يمارسها المؤتمر الوطنى و لا يكلفوا أنفسهم بشيئ لم يكلفهم الله به و عليهم أن يفوتوا الفرصة على تجار المؤتمر الوطنى و سماسرته لجنى الأرباح بدون وجه حق.