المبدعون.. اعتراضات قاطعة على التكريم بعد الرحيل.. ورق وخشب ووشاحات

الخرطوم – سارة المنا
يعج المجتمعات بالكثير من المبدعين في ضروب الإبداع كافة، من بينها مجتمعنا السوداني، الذي يحتشد بالمبدعين في ألوان وأنماط الفنون كافة.. ما يجعلنا نختلف عن هؤلاء أن القليلين فقط من مبدعينا يجدون تكريماً لائقاً بعطائهم وهم أحياء يرزقون، بينما الغالبية لا تُكرَّم إلا بعد الرحيل، فإلى ماذا يعود هذا الأمر؟
يقول البعض إن كثرة المبدعين تتسبب في كسل عام من الإسراع في تكريمهم قبل رحيلهم، فتنتابك الحيرة في من تكرم وتنتقي من بين مئات المطربين والتشكيليين والمسرحيين وأصحاب النكتة، بينما يعزي بعض آخر هذا التقاعس إلى نوع من عدم تقدير هؤلاء جميعاً، وهم في قمة عطائهم الإبداعي، ما جعلنا ننتظر إلى أن تقبض أرواحهم، ويصعد بهم إلى الرفيق الأعلى، ثم نتدافع في إحصاء مآثرهم وتكريمهم والإشادة بأدوارهم الرائدة.
خطب مصطنعة
نتوسل في تلك (التكريمات) الآجلة بثناء عظيم نرص من أجله خطباً وكلمات لم يسمعوا بها في حياتهم، وفي كثير من الأحيان يظل المبدع مجهولاً ومغموراً بالنسبة للعامة، ومعروفا للخاصة والصفوة، وبمجرد موته يصبح علماً على رأسه نار، شهيراً يعرفه كل الناس، الأمر الذي يجعل كثيرين يتساءلون عن المرحوم العظيم، من أين أتى بغتة؟ ولماذا آثر هذا المبدع الفذ العيش في الظل دون الضوء؟
على أي حال طرقت (اليوم التالي) أبواب العديد من المبدعين، وطرحت عليهم بعض الأسئلة المتصلة بالموضوع، فكانت إفاداتهم على نحو من:
يوم شكرك في حياتك
ابتدر الحديث الشاعر عبدالوهاب هلاوي، وقال: للأسف الشديد الشكل الذي يتم به تكريم المبدعين لا علاقة له بالتكريم المتعارف عليه في كل العالم. وأضاف: لم أسمع في حياتي مبدعاً في العالم يعاني مما يعانيه المبدع السوداني من إهمال وفقر، رغم أنه يقدم إبداعه في ظروف حياتية معقدة وصعبة، ورغم ذلك لا يجد دعماً من أي جهة الدعم الذي يعينه من أجل إبداعه، حتى التكريم الذي يتم في حياته لا يعدو كونه مجرد وشاحات وشهادات ورقية وقماشية ودروع خشبية، لا تعني شيئاً، هي في نظري أشياء مظهرية ليست عميقة. واستطرد: لكن حب الناس هو التكريم الحقيقي للمبدع، وهو الذي يظل يحييه بين الناس بعد رحيله. ومضى قائلاً: على الجهات المسؤولة أن تبحث عن أشكال يكرَّم بها المبدعون في حياتهم، ربما هم يمتثلون لمقتضى المثل السوداني (يوم شكرك ما يجي)، لكنني شخصياً أهفو وأتمنى أن يكون يوم شكري في حياتي.
دافع وحافز
من جهته، يرى الفنان محجوب كبوشية أنه من الواجب أن يُكرَّم المبدع خلال رحلة عطائه لا بعد انقطاعها بالموت والمرض أو العجز، حتى يكون ذلك التكريم دافعاً وحافزاً قوياً له من أجل مزيد من العطاء وإعطاء أعظم النتائج. وأضاف: تكريم المبدع أثناء قمة عطائه أفضل بالطبع من فعل ذلك بعد موته، فالإنسان يجب أن يرى مدى حب الناس له، خاصة وأنهم ينتفعون بأثره الإبداعي حتى بعد موته.
وفي السياق، أشار الفنان أحمد بركات إلى أنه من الطبيعي أن يتوقع ما يليق به من تكريم في حياته، لأن في ذلك دافعاً معنوياً كبيراً، ومضى قائلاً: منذ بداية المشوار وخلال الرحلة، يحتاح المبدع لمن يعيرونه اهتماماً وتقديراً، الأمر الذي يطور أدوات إبداعه ويدفعه إلى الأمام

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..