مقالات وآراء

الجنينة تصارع جنون القبيلة

إسماعيل عبد الله

إستقبلت حاضرة ولاية غرب دارفور العام الجديد (عشرين عشرين) بالمآسي والأحزان و الدماء و الدموع, لاندلاع الفتنة القبلية الكبرى بين سكان نفس المدينة, لا لشيء سوى سطوة الولاء الأعمى للقبيلة واستدعاء نزعات الماضي المثخنة بالجراح, لقد دفعت شعوب وقبائل دارفور ثمناً باهظاً نتاج استيطان داء الكراهية القبلية والبغضاء الاثنية, ومهما قدمنا نحن ابناؤها في الماضي القريب قبل زوال امبراطورية الجبهة الاسلامية, من تبريرات مقنعة بأن الموت المجاني الذي نوزعه فيما بيننا ما هو إلا مجرد تدبير من الأنظمة السياسية التي تعاقبت على حكم السودان, إلا أنه سوف تظل المعضلة الرئيسية التي جعلت إقليم دارفور يطفو على بركة من الدماء, هي استشراء عصبية القبيلة و تفشي الهوس الحواكيري على عقولنا وامزجتنا.

نعيب الآخرين و العيب فينا و ما للآخرين عيب سوانا, علينا الخروج من مخبأ تعليق الفشل وأسباب مشاكلنا في شماعة الآخر, لقد آن الأوان لكي ننفض غبار الماضي البغيض الذي مكنت له مؤسسات النظام البائد, فاليوم نائب رئيس المجلس السيادي قادم من العمق الاجتماعي و الجغرافي الدارفوري, وهذا دليل عافية كبيرة لم تشهدها ساحة الاقليم السياسية منذ اكثر من ستة عقود من الزمان, لقد ولى عهد التباكي على اللبن المسكوب و جاء العهد الذي انبسطت فيه مساحات شاسعة للقيام بالأعمال الخاصة و ممارسة الأنشطة العامة.

ما حدث في الجنينة يوم أمس يجب أن لا يخرج تعريفه وتوصيفه من إطار الجريمة الفردية (ولا تذر وازرة وزر أخرى), تلك الجريمة التي يجب أن يتحملها هذا الفرد لوحده و لا دخل لأي جهةٍ كانت بما ارتكبه من جرم, لا قبيلته ولا اسرته الصغيرة ولا حتى حزبه السياسي, فالمشاجرات بين الافراد لن تتوقف حتى ولو توصلنا إلى تحقيق السلام الاجتماعي المثالي, ذلك السلام الذي تتمتع به بعض دول ما يسمى بالعالم الأول, لأن طبيعة النفس البشرية و حقيقة مآلات الصراع الأذلي بين هابيل و قابيل هي ما يحكم ويتحكم في تصرفات الأفراد.

ألذي أدى لتفاقم الأوضاع في الجنينة أمران, الأول انتشار السلاح بأيدي الجميع, و الثاني غياب العدالة الشبيهة و المطابقة لتلك التي نطقت بالحكم باعدام اكثر من ثلاثين فرداً ينتمون إلى جهاز أمن النظام البائد, فهب أن المحاكم و دور القضاء بالجنينة شهدت صدور مثل هذا الحكم المنصف و المثلج للصدور, بحق هؤلاء الذين ارتكبوا عدد مهول من جرائم القتل العمد في أحداث الأمس, بلا شك ومن المؤكد جداً أن ردة فعل الرأي العام في الجنينة ستكون مختلفة تمام الاختلاف عما تناقلته وسائط الإعلام الرسمي و الاجتماعي من روايات وفبركات متنوعة ساعدت على تفاقم الأزمة, ما يجب ان تقوم به حكومة الانتقال هو تجريد الناس من السلاح وإحقاق العدل بالقسطاس المبين.

أحزان الجنينة لن توقف مشروع السلام, ولن تعرقل جهود الحكومة الانتقالية الرامية إلى تعيين الولاة المدنيين المعتدلين, فعلى مواطني ولاية غرب دارفور أن يعلموا علم اليقين بأن مخرجهم الوحيد من هذه الكارثة هو أن يتقبلوا بعضهم بعضاً, ولا شيء غير هذا, برغم الحملات الاعلامية المنحازة التي يقوم بها المتنافسون المدنيون لشغل منصب والي الولاية, وليعلموا أيضاً أن رجل السياسة أينما وجد لا أخلاق تلجمه عن سعيه المحموم للوصول إلى الكرسي وبأي ثمن.

هنالك بصيص للأمل كبير لكل أهل السودان لأن ينالوا مطالبهم في هذه المرحلة الانتقالية, وهذا الأمل يتمثل في الحرية النسبية التي توفرت للناس لأن يقولوا رأيهم و يتخذوا طريق العدالة عبر النيابات العامة والمحامين المسجلين رسمياً  و رجال القانون, فعلى ذوي الضحايا من كل الأطراف في الجنينة أن يستعينوا بقوة القانون التي برزت أنيابها في محاكمة المتورطين في ارتكاب جريمة تعذيب و إهانة و قتل الأستاذ الشهيد أحمد الخير.

لقد ولى زمان الحصول على الحقوق (بالضراع) و بالسكين (المقنطرة) يا أهلي بالجنينة (دار اندوكا), كونوا كتلك البقعة الجغرافية النائية من إقليمكم, والتي لا يجد القضاة المعينون فيها مركزياً ملفاً واحداً من ملفات القضايا الكبيرة و الصغيرة عالقاً بانتظار اصدار الحكم اللائق, وذلك بفضل الارث القضائي الشعبي المشهور لتلك البقعة التي لم يعرف أهلها العنف اللفظي ولا الاعتداء البدني على الاطلاق, وظلوا على مدار الأزمان مضرباً للأمثال في سعيهم المحموم للتقاضي الأهلي والمدني مع خصومهم أمام دور القضاء, وحبهم وعشقهم لارتياد دهاليز المحاكم و والتواجد في قاعاتها.

 

إسماعيل عبد الله

[email protected]

 

‫2 تعليقات

  1. لماذا تترك الفعل وتتشبث برد الفعل؟
    اصلا سبب الاحداث دي شنو؟
    مشاجرة في نادي مشاهدة ويتحمل وزرها من افتعلها طيب الافتعل المشاجرة ده شايل سكين في نادي مشاهدة ليه ؟ مش عشان يطعن بيها ولا جاي يقطّع بيها بصل؟
    بعدين تفتكر لو كانت مشاجرة بالايدي والناس حجزوهم هل كان حصل الحصل ؟
    دي مش مشاجرة دي جريمة قتل أتى مفتعلها وهو شايل سكين معاهو وقام بالقتل كده ماحنقدر نقول دي مشاجرة دي جريمة قتل وده فعل هو السبب رد الفعل الجابت القتل للمئات من المساليت ماتترك الفعل وتتعلق فيد الفعل وتقعد تولول وتتبكى نفس الشي ده حصل في مشكلة دارفور كلها البدأتها الحركات المسلحة لانها هاجمت قرى العرب وقتلت ابرياء لا ذنب لهم واغتصبت نساءهم بلا جريرة سوى انهم عرب فقامت القبائل العربية اتسلحت من نظام استخدم غبنهم وقلة حيلتهم ورغبتهم في الانتقام فاطلق يدهم في زرقة دارفور يبقى من المنطق انك تعترف بانه الفعل هو ما جر كل هذه الويلات وقتل الابرياء واغتصاب النساء اهل دارفور لوعايزين سلام لابد من احضار الفاعل وقتله أو دفع الدية كما طالب أهله وده أمر مثبت فلو كان اندفعت الدية ما كان حصل الحصل شوف الغلطان وين وصاحل الفعل منو ثم بعدها أقعد ولول وعوعي ماتولول بعدما ماتجي في اللحم الحي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..