مقالات سياسية

موازنة محبطة

بالأمس كنت أتابع الأخبار عبر عدد من الفضائيات، فلفت نظري خبر يقول إنَّ حكومة الإمارات، اعتمدت الموازنة الاتحادية للعام المقبل (2018) بقيمة 51.4 مليار درهم أي ما يعادل (14 مليار دولار) دون عجز، وهي تزيد بنحو 5.6% عن موازنة العام 2017 التي بلغت ـ 48.7 مليار درهم ما يعادل (13.2 مليار دولار)، وقد تم تخصيص 43% من الميزانية للتعليم والصحة، وتنمية المجتمع منحت 22 مليار درهم. هذه ميزانية دولة حين كان السودان سلة غذاء العالم كانت لا تملك شيئاً، عدد سكانها الآن يساوي سكان الخرطوم وحدها ومساحتها أقل من مساحة السودان بعد الانفصال تقريباً، ولا تملك ما يملك السودان من موارد متنوعة، وهي مجرد مثال لدول كثيرة كانت خلفنا وسبقتنا بمسافة بعيدة.

ميزانية السودان للعام 2017 والتي أجازها البرلمان بالأغلبية إلا واحداً فقط. وبلغت إيراداتها 77.7 مليار جنيه، أي ما يعادل (11.6 مليار دولار) بينما بلغت المصروفات 96.2 مليار جنيه، نحو (14.3 مليار دولار)، وبلغت نسبة العجز في الميزانية 19.5 مليار جنيه سوداني ما يعادل (2.8 مليار دولار).

توزيع الميزانية على قطاعات الدولة كان مجحفاً ومختلاً ومتناقضاً، فقد منحت القطاعات الأقل أهمية نسبة أعلى من تلك المهمة، حيث بلغت مصروفات القطاع السيادي5 مليارات و37 مليون جنيه سوداني، مقابل 5.3 ملايين جنيه سوداني لقطاع الصحة و828 مليون جنيه سوداني لقطاع التعليم بشقيه العام والعالي، ووزارة الزراعة والغابات والبحوث الزراعية مليار و447 مليون جنيه سوداني، والنقل والطرق والجسور 1.7 مليار جنيه سوداني، و1.7 مليار جنيه سوداني لقطاع المعادن، وتم وضع مبلغ قدر بحوالى 1.9 مليار جنيه سوداني كمصروفات للقطاع الاقتصادي، و5.5 ملايين جنيه سوداني لقطاع الثقافة والإعلام، ووضع أيضاً حوالى 2 مليار جنيه سوداني كمصروفات للقطاع الإداري والاجتماعي، وخصص مبلغ قدر بـ 225 مليون جنيه سوداني لاحتياطي الطوارئ. بلغت مصروفات قطاع الدفاع والأمن والشرطة حوالى 29 مليار و 122 مليون جنيه سوداني. حينها كان قيمة الجنيه أعلى من اليوم، تخيلوا كم ستكون موازنة هذا العام 2018 وكيف ستوزع، خاصة وأن القطاع الاقتصادي لم يشهد أي تحسن؟

الحكومة تستعد لتعرض لنا موازنة العام 2018 وستدمر ما تبقى من أمل في نفس المواطن المحبط 28 سنة، كذلك لجنة شؤون المجلس الوطني تستعد هي الأخرى لمناقشة الميزانية رغم أنَّ الحكومة لن تعمل برأي البرلمان الذي مرت أمامه الكثير من الإخفاقات والفشل والفساد، كما ورد في تقرير المراجع العام والذي لا نشك فيه أنَّ البرلمان سيمرر الميزانية بالأغلبية كعادته، وستستمر معاناة المواطن بين مطرقة الحكومة وسندان البرلمان.

عموماً سيطل العام 2018 على الشعب السوداني مثلما أطلت عليه كل الأعوام السابقة، الحكومة في وادٍ والمواطنين في وادٍ آخر، هي تغني للمخصصات والشرطة والجيش والوزارات السيادية، وهو يبكي الصحة والتعليم والعمل والماء والغذاء والسكن والموارد المهدرة. هذه هي موازنة الحكومة المثقلة دائماً باليأس والإحباط فمتى يتقدم الشعب بموازنة؟.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..