مقالات سياسية

٢٥ اكتوبر – الشارع والانقلاب

يوسف السندي
في مثل هذا اليوم ٢٥/اكتوبر قبل عام صحى الجميع على وقع الانقلاب الذي قام به المجلس العسكري على حكومة الفترة الانتقالية.
تم اعتقال قادة قوى الحرية والتغيير بطريقة مهينة وايداعهم السجون، ولم يتم اعتقال أي معارض غيرهم، مما أكد ان الانقلاب كان يستهدف هؤلاء القادة وما يمثلونه من قضية.
خرجت الجماهير رافضة للانقلاب في كل أنحاء السودان، فواجهتها آلة الانقلاب بالرصاص، فحصدت عددا من الأرواح الطاهرة البريئة، ومثل ذلك دليلا أعمق على ان الانقلاب لم يكن تصحيحا للاوضاع الثورية كما ظل يقول الانقلابيون وانما هو انقلاب و ردة عن مشروع الحريات وتكريم حياة الانسان الذي جاءت به ثورة ديسمبر، وكانت تجتهد في تطبيقه حكومة الفترة الانتقالية المدنية.
حاول الانقلاب فرض الأمر الواقع عبر الضغط على الدكتور عبدالله حمدوك، والذي اخرج رؤية للحل، تم رفض هذه الرؤية من جميع الثوار لأنها تعترف بالانقلاب وقادته وتشرعن وجودهم بنفس مسماهم القديم.
لعام كامل واصل الشباب السوداني بسالته منقطعة النظير في مواجهة الانقلاب، وواصلت الكيانات والاحزاب السياسية جهدها في فضح الانقلاب داخليا وعالميا، وفي قطع كل خطوط تواصله مع العالم الخارجي، وفي إثبات انه انقلاب على شرعية الشعب والحكم المدني، وقد نجحت في ذلك بطريقة عزلت النظام، رغم الدعم الذي وجده من الفصائل المسلحة الممثلة لاتفاق جوبا.
طيلة العام، لم يستطع الانقلاب تشكيل حكومة، كما لم يستطع ان يكسب شرعية شعبية، وباءت كل محاولاته في صنع حاضنة سياسية من الانتهازيين والفلول بالفشل.
حاول قادة الانقلاب ان يصوروا أنفسهم ممثلين للجيش وأن الانقلاب هو انقلاب الجيش، مستخدمين في ذلك الصحيفة الرسمية للقوات المسلحة ورئيس تحريرها وبعض الخبراء العسكريين، بيد أن ندوة لخبراء هيئة الاركان بالجيش اصدرت رؤية واضحة بأن المؤسسة العسكرية يجب أن تبتعد عن السياسة، ومنذ وقتها ظهر ان هذا الانقلاب يستغل اسم الجيش، والجيش منه بريء.
حينما وجد الانقلاب نفسه في درب بلا مسار للرجوع، أعلن قادته خروجهم من السياسة، ولكنهم لم يقدموا أي تبيان عملي لهذا الزعم، بل ظلوا يحكمون ويتحكمون في مصير البلاد والعباد بلا اي شرعية سوى شرعية القوة والسلاح، وفي الايام الماضيات تم امتحان هذا الزعم عبر رؤية منشورة لقوى الحرية والتغيير لانهاء الانقلاب واستعادة الحكم المدني.
رشحت اخبار بالأمس بأن العسكر يطالبون بالحصانة في مقابل الخروج من العملية السياسية عبر رؤية قوى الحرية والتغيير، وهو ما يؤكد مجددا بان الانقلاب كان انقلابا لشلة من العسكر لا علاقة لها بالجيش ولا تفكر الا في نفسها.
اذا كان من شيء حاسم ساعد الانقلابيين على الإستمرار في الحكم فهو اختلاف القوى الثورية، وعدم وحدتها، رغم اتفاقها جميعا على هدف واحد هو هزيمة الانقلاب.
تخرج اليوم جماهير الشعب السوداني مجددا رافضة لهذا الانقلاب ورافضه لأي انقلاب عسكري في السودان اليوم وفي المستقبل، وإن كان من رسالة يجب أن تقدمها الجماهير اليوم فهي ان توجه رسالة واضحة لكيانات الثوار بالوحدة، فوحدة قوى الثورة اذا اكتملت لن يقف امامها هذا الانقلاب ابدا.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..