أحمد هارون 82% من العاملين بهيئة المياه إداريون و18% فقط فنيون اللجان الشعبية تمحورت وأصبحت لجنة الشخص الواحد

تقرير: مُحمّد سلمان
تَبدو مُهمّة إحداث التغيير، وتَحقيق طُمُوحات وتَطلعات المُواطنين، مُهمّة ليسَــت باليَسيرة، لكنها بالنسبة لوالي شمال كردفان مولانا أحمد هارون مُمكنة، بالعزيمة والرؤية والتخطيط السليم وابتكار طرق وآليات جديدة لإحداث التغيير، لا ينكر اثنان أنّ والي شمال كردفان عَبَرَ بولايته إلى مَصاف الولايات من حيث النمو والتنمية، فقد انتقلت كردفان من ولاية ضئيلة الموارد تفتقر للخدمات في كل شئٍ إلى ولاية تتقدّم في مجال التنمية، لكن مع ذلك لا تزال الفجوة في مجال الخدمات كبيرة وقائمة.. لدى مُخاطبته أعمال الاجتماع المشترك للجنة العليا لإسناد نفير النهضة والمجلس الأعلى للنفير بالولاية، الذي يختتم أعماله اليوم (السبت) صَوّبَ هارون انتقادات حادة لبعض المُمارسات بالدولة والمُجتمع التي عدّها مُعيقة لعملية التغيير، وخيّر مواطنيه السير بالطريقة القديمة وتحمُّل نقص الخدمات وتأخُّر الولاية وتفشي الفقر، وتكسيح نموها، وبين التحمل والاستعداد لمقابلة استحقاقات التغيير بلا عواطف ولا مُجاملات.
حكومة إعاشة
حذّر والي شمال كردفان من مَغَبّة تحوُّل الحكومة لمشروع إعاشة، وجزم بأنّها ستصل ليوم تعجز فيه عن سداد الرواتب، حال استمرت في نهج التعيين بدون حاجة، والصرف على جيشٍ جرّارٍ من المُوظّفين الإداريين، وقال هارون: ?أنفقنا أكثر من تريليون جنيه على خدمات المياه?، وأضاف: ?بحمد الله قفزنا بالإنتاج من (20) ألف متر مكعب بنسبة فاقد (60%) بسبب الشبكة الداخلية المُتهالكة إلى (70) ألف متر مكعب في اليوم، وتم تنفيذ أكثر من (ألفي) كيلو متر للشبكة الداخلية لمدينة الأبيض بنسبة (80%)?، بيد أنّ الاستدامة والمُحافظة على النجاح واحدة من التحديات، وتابع: ?قروش الموية كلها بتمشي في الرواتب وما بتكفي?، وكشف أن (82%) من العاملين بهيئة المياه هم كوادر إدارية، بينما (18%) فقط فنيون، واستغرب حُدُوث ذلك في مؤسسة طبيعتها فنية، ووجّه هارون انتقادات حادة لسياسات التعيين، وسخر من ذلك بقوله: ?الولد قبل يصل سن البلوغ يجيبوهو ليك يقول ليك عينو لينا في وظيفة (ساعي) خلي يجرِّي دمه، وبعد يجيب شهادة سودانية يتعيّن بالدرجة الـ (14) وهكذا?، وأردف: ?واحدين زملاء الوالد لقيتهم لي هسي شغالين والواحد عامل شهادة ميلاده (50 ? 55) سنة، يعني قدري?، وزاد: ?هل مُمكن نبقى إدارة أعمال، وتصبح الحكومة مشروع إعاشة؟?، وتابع: ?قُمنا بالمسؤولية تجاههم وسدّدنا لهم التزاماتهم تجاه صناديق الضمان الاجتماعي?، وقال: ?لن نتخلى عنهم وسنقوم بمسؤولياتنا الاجتماعية، والحكومة لو استمرت بهذه السياسات ستفقد القدرة على دفع الرواتب?، منوهاً إلى أن نموذج المياه هو واحد فقط للترهل الوظيفي في الدولة، وختم حديثه في ذلك الجانب بقوله: ?ما نجدّع الناس في الشارع، لكن نعرف ونحدد نحن عايزين نعمل شنو ونعملها كيف؟ ونشوف نحن بتقدر نمشي تجاه القصة دي ولا لأ؟?.
توسيع المُشاركة الشعبية
أعلن والي شمال كردفان عن قانونٍ جديدٍ للحكم المحلي بولايته، وقال لدى مُخاطبته الجلسة الافتتاحية لاجتماع النفير أمسية أمس الأول (الخميس) بمشاركة واسعة من مُواطني ولايته: ?نحن دايرين قانونّا للحكم المحلي ما يشبه أي ولاية من ولايات السودان?، وأضاف: ?دايرين نأسّس لمُشاركة شعبية حقيقية?، ووجّه هارون انتقادات لاذعة لقانون اللجان الشعبية، وقال: ?بعض اللجان تمحورت، وتحوّلت إلى لجنة الشخص الواحد، يحمل الأختام في جيبه?، وكشف عن قانون جديد للجان الشعبية بولايته يمنع رؤساء شعب الأساس بالمؤتمر الوطني من تقلد رئاسة اللجان الشعبية، وأضاف: ?حتى لا تتحوّل اللجان الشعبية لجهات شغلٍ سياسي?، ولفت إلى أنّ القانون الجديد لا يحصر التمثيل الشعبي على مُستوى رئاسة المحليات، بل على مستوى الواحدات الإدارية، وزاد: ?حتى لا يتحوّل الضابط الإداري إلى مُتحصِّل?، وأفاد بأن حكومته أجرت تعيينات جديدة لضباط إداريين ودرّبتهم بأفضل مراكز التدريب، وتم تجهيز عربات لهم بعدد وحداتهم الإدارية الـ (42)، مشيراً إلى أن المجالس التشريعية المحلية لم تشهد تجربة مجلس محلي تم انتخابه وأكمل دورته، قائلاً: ?نادراً ما يكمل مجلس محلي مُنتخب دورته، لذلك يجب أن نتخلى عن هذه التجربة?، ودعا والي شمال كردفان مُواطنيه لتغيير السلوك الاجتماعي السالب والاهتمام بالنظافة، وصوّب انتقادات حتى لأدبيات حزبه وعلّق على مقولة: (سنعيد سيرتها الأولى) بأنّها ?تقدم للخلف?، وحث مُواطنيه بالنظر للأمام.
فلسفة النفير
قال أحمد هارون، إنّ مشروع نفير النهضة بالولاية جاء بغرض الاستجابة لتطلعات وآمال شعب الولاية في تحقيق مُستقبلٍ زاهرٍ لولايتهم، وأوضح أنّ فلسفة المشروع تقوم على أساس المُشاركة الشعبية الواسعة بهدف ضمان وانخراط كل فئات وقطاعات شَعب الولاية في تشكيل مُستقبل ولايتهم واستبدال روح اليأس بطاقة أمل جديدة، مُبيِّناً أنّ مشروع النفير هدف لتحقيق تحسن واضح وملموس في مجال الخدمات الأساسية بالصحة والمياه والتعليم، وخفض مُعدّلات الفقر، وتحسين سُبُل كسب العيش، وتوفير بنيات تَحتية، وأفصح والي شمال كردفان عن حزمة إصلاحات طَالت هيكلة وأجهزة الدولة من بينها سياسة ترشيد الإنفاق العام بالولاية، مشيراً لارتفاع مُعدّل الإنفاق على التنمية، وقال: ?الصرف على تعويضات العاملين انخفض من (42%) في العام 2013 إلى (39%) العام الماضي، بينما ارتفع الصرف على التنمية من (39%) من الميزانية إلى (52%) لنفس الفترة?.
فيما أوضحت وزيرة المالية بشمال كردفان ماريا الأمين أنّ فلسفة نفير النهضة بالولاية تقوم على الشراكة بين الجهد الشعبي والرسمي بمُعادلة تشاركية بنسبة (4) للولاية، مُقابل (1) للحكومة الاتحادية، وقالت ماريا إن ميزانية الولاية قفزت من (803) مليار جنيه في العام 2013 إلى (2.6) تريليون جنيه للعام الجاري، فيما ارتفعت الإيرادات الذاتية للولاية من (300) مليار جنيه إلى نحو (900) مليار جنيه للعام الجاري، وأشارت إلى أنّ مشروع نفير النهضة أسهم في زيادة الكتلة النقدية بالولاية وتوفير فُرص عَمل خَاصّة في مَجالات (السباكة والتشييد والفندقة والنقل والتجارة) وأضافت: ?حتى الباعة الجائلين استفادوا من حركة النهضة?، ونوّهت للعمل الجاري في إطار زيادة الإنتاج والإنتاجية بتنفيذ المشروع القومي للإنتاج البستاني وتطوير مشروع خور أبو حبل الزراعي وقطاع الصناعات والثروة الحيوانية.
شيلة ثقيلة
وحَثّ هارون، مُواطنيه وأعضاء لجنة النفير للبحث عن آليات لتوسيع حجم المُشاركة الشعبية في نفير نهضة الولاية، وقال: ?صحيح أنّ كثيراً من المُواطنين من مُختلف فئاتهم سَاهموا في النفير، لكن ذلك كان محدوداً?، وأضاف: ?النفير شايلنو العمال والعساكر، ولا بد من نشوف طريقة توسع حجم الشيلة?، وزاد: ?الشيلة لما تبقى على كتوف مُعيّنة اليد (بتخدِّر) وما بتقدر تشيل?، مُشدّداً على ضرورة توسيع دائرة المساهمة.
هذا ويختتم الاجتماع المُشترك للجنة العليا لإسناد النفير والمجلس الأعلى للنفير برئاسة المشير عبد الرحمن سوار الذهب أعماله ظهر اليوم (السبت) بالوصول لتوصيات الاجتماع، الذي شَهِدَ مُشاركة واسعة من المُواطنين والشعبيين من أبناء الولاية، وتمّت استضافة أعمال المُلتقى بمباني أمانة الحكومة بالأبيض، ويدخل نفير نهضة شمال كردفان تحدياً جديداً بدخوله للمرحلة الثانية من عُمره، فهل سَتستمر النهضة في الولاية بنفس الوتيرة؟ أم ستعصف بها سياسات وعوامل خارجية أو ذاتية؟ كل ذلك يجعل من مُهمّة حكومة الوالي أحمد هارون عسيرة، تقول حكومة هارون (المُثابرون يصلون القمة، والمُتميِّزون يحافظون عليها، أمّا المُبدعون فيصنعون قمماً جديدة)، فأيّاً من هذه ستناله ولاية شمال كردفان، التي بدأت تفوقاً في شتى المجالات؟..
التيار.