إغتالوا بدم بارد ناقلنا الوطني ويتشدقون اليوم بالتحليق في سماء إسطنبول

بسم الله الرحمن الرحيم
ثلاثة عقود مرت على جرح الوطن النازف حيث نشهد مع شروق شمس كل صباح خروج أسباب الحياة من عضو فيه ولكل وجيعه وألمه ونحيبه ولكن لناقلنا الوطني سودانير وجع خاص عندي وجع مصحوب بحزن العاجز الذي يشهد خروج الروح من جسد عزيز دونما قدرة على مد طوق النجاة له.. وإني على يقين بأن ذلك إحساس كل من تبقى في عروقه نقطة دم سوداني وعشرات الطائرات تحمل أسماء شركات خاصة تقبع على أرض مطار الخرطوم .. هابطة أو مغادرة وسودانير غياب تام إلا من بقايا لوحات بين الأزرق والأصفر على إستحياء تذكر المستعمرين الجدد بأن هذي أرضي وسأعود يوما أشق عباب سماء هثرو فان سرقتم خطي سأوجد خطوطا..
سودانير التي طالما حملتنا من الأبيض الخرطوم الأبيض كأسرة لم يعجز وقتها راتب والدي رحمه الله عن تغطية أسعار تذاكرها واليوم الرحلة الداخلية لأسرة موظف عبر شركات الطيران الخاصة سيقابلها رب الأسرة مرددا النجم يا بني كان أقرب ..
حينما كانت النيل الأزرق والنيل الأبيض طائرات ناقلنا الوطني تنتقل بين الخرطوم ومدن السودان كانت هذي الشركات الخاصة قد بدأت في نخر جسد سودانير ببطء عبر خردة التصنيع الروسي منتهية الصلاحية ولن يمحو الزمن مأساة الأسر التي فقدت بعض أفرادها بسبب سقوط طائراتها محترقة وتمر الأيام ويستشري المرض في جسد ناقلنا الوطني وتدب العافية في أجساد الآخرين فتتحول الخردة إلى أسطول من الطائرات الحديثة ويتحول البعض من نقل العفش إلى نقل الركاب.
وعندما لا تخشى أو تستحي فأفعل ما تشاء وهذا ما أبتلينا به في بلد يصعد فيه القطاع الخاص على أنقاض العام والعناوين العريضة للصحف الرسمية تنعى ناقلنا الوطني وعلى لسان المسؤولين يوما بعد يوم حتى إعلان إفلاسها.. لنطالع بذات الصحف هذا الصباح مبشرين بناقل آخر ( اليوم إسطنبول وغدا لندن والفضاء يتسع للتحليق في سماء العالم ).. لك الله يا وطن لا بواكي عليك.
د. هند عبدالرحمن صالح الطاهر
الأبيض بتأريخ 6.8.2018
[email][email protected][/email]