محنة اقتصادنا المنحور وأشياء اخرى (٢)

خطرفات ذاتية
سايمون دينق
التجار الوطنيون
إن كان تغيير المكروه في مقدورك فالصبر عليه بلاده, والرضا به حمق.
“محمد الغزالي”
ما يطلق عليهم برجال الاعمال أو (التجار الوطنيون) في هذه البلاد هم في الحقيقة اكبر اكذوبة انطلت على الشعب الجنوبي، هؤلاء مساهمتهم في تدمير الاقتصاد لا تقل نذالة عن الدور الاجنبي الذي يحتل الاسواق، وحتى تكون الامور واضحة، علينا ان نتساءل بخصوص التجار الوطنيين المزعومين: ما نوع التجارة التي يمارسونها .. واي وطن يمثلونه؟، بمعني آخر، ما هو حجم وجودهم في ساحة الاقتصاد الوطني مقارنة بالراسمال الاجنبي الذي يحكم بقبضته كل شيء؟.
ان بعض هؤلاء الذين يطلق عليهم زورا وبهتانا برجال الاعمال الوطنيين (غير الشهرة)، لا يعرف لهم على وجه التحديد منشط تجاري او استثماري صريح يديرونه على ارض الواقع.. اغلبهم مجرد شخصيات انتهازية خدمتهم ظروف معينة ساهمت في أن فتحت لهم أفاق لم يحلموا بها بالمرة ووجدوا انفسهم فجأةً امام المال العام (وجها لوجه) وولغوا فيه، وفعلوا به ما لم يفعله النجار في الخشب، ولا اذيع سرا ان قلت لكم ان شريحة كبيرة من الكادحين البسطاء لا يعتقدون من الاساس بوجود بيلوجي لما يسمى بالرجال الاعمال المزعومين، فالاسماء اللامعة التي يسمعون ضجيجها ولا يرون لها طحينا، مثل رجل اعمال الفلاني او سيدة الأعمال العلانية.. كلها عندهم مجرد اساطير الأولين.
صحيح هنالك ثمة اعتقاد راسخ وسط اغلب الجنوبيون بان الدولة في زمن (الغتغتة والدسديس) فتحت خزينة المال العام لهؤلاء التجار لياخذوا منها بلا حساب ما لا يستحقون ، اذ اصبحوا بين عشية وضحاها اثرى اثرياء البلاد وشخصيات يشار اليها بالبنان.. وأوضح مثال يدعم هذا الاعتقاد السائد هو حكاية (قروض الذرة) المسكوت عنها والتي كلفت خزينة الدولة ملايين الدولارات… نعم، ملايين الدولارات خرجت من المال العام ولم تعد حتى الان..! وقد تعاملت الحكومة معها بفقه (خلوها مستورة).
قبل ايام اوردت صحيفة الموقف مع بدايات الموجة الاخيرة من الازمة الاقتصادية التي نعيشها حاليا، اوردت خبرا على لسان احد رجال الاعمال الذي ذكر بانهم بصدد اخذ (قروض دولارية) من الحكومة لاستخدامها في جلب البضائع والمواد الغذائية من الاسواق العالمية لمواجهة الغلاء في البلاد.. او شيء من هذا القبيل، لا يهم، المهم ان عطاء من لا يملك لمن لا يستحق لازال متواصلا وليته يتوقف اليوم قبل الغد، فلا يمكن للدولة ان تستمر بدعم جهات لا اثر لها في الواقع المعاش وتنهك بذلك الخزينة العامة بلا سبب.
الحقيقة التي يعلمها الجميع (ما عدا الحكومة) هي ان مثل هذه المبالغ لا تذهب مطلقا الي اهدافها المعلنة.. بل تنتهي بها المطاف في تغذية السوق السوداء، لان ما يسمى بالتجار الوطنيين المدعومين حكوميا، هم خبراء المضاربة بالعملات الصعبة في سوق النخاسة عبر وكلاءهم المخفيين..
نواصل