جدل الفقه والمواطنة: رغم فتاوى التحريم الدينية.. يصر الغالبية على الاحتفال بالكريسماس إثباتاً للتدين الصوفي المتسامح

الخرطوم ? محمد الخاتم
في أحد الأحياء كان الشاب العشريني أحمد عبد الله يكتب باهتمام بالغ على أحد الجدران “الاحتفال بأعياد الكفار تشبه بهم” في مشهد عادة ما تستبق به الجماعات السلفية احتفالات أعياد الكريسماس الذي يحتفل به المسلمون الذين يمثلون أغلبية ساحقة في هذا البلد، بذات قدر احتفالهم بأعيادهم الدينية.
فمع حلول ديسمبر من كل عام تبدأ جماعات سلفية، في صدارتها جماعة أنصار السنة المحمدية للتصدي لهذا الفعل “المخالف لتعاليم الإسلام” كما يقول الشاب العشريني أحمد عبد الله المنتمي للجماعة عبر ملصقات وحلقات وعظ.
وفي كل عام يتصدر الساحة جدل فقهي حول مشاركة المسلمين في أعياد المسيحيين الذين تبلغ نسبتهم حاليا نحو 3% من عدد السكان الذي يزيد عن 32 مليون نسمة، لكن الملاحظ أن حملات الجماعات السلفية لا تحظى باستجابة تذكر، وهو ما يرده (بابكر فيصل) الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية إلى طبيعة “التدين الصوفي المتسامح” في السودان.
لكن الشاب أحمد عبد الله يقول بلهجة لا تخلو من حدة إن ذلك “تساهلا في أحكام الدين أكثر من كونه تسامحا” قبل أن يتساءل: “إن لم نحتفل بالكريسماس، فهل في هذا تجن منا كمسلمين على المسيحيين؟”.
بينما يرى فيصل أن “رفض الجماعات السلفية يعود إلى فكرة الولاء والبراء لابن تيمية، والتي تتحدث عن الولاء للمسلمين، والبراء من غير المسلمين، لكن دون تدبر في الفارق الزمني”.
ويشرح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية رؤيته قائلا: “هذا الأساس الفقهي يتقاطع مع فكرة أساسية لم يحضرها ابن تيمية، وهي المواطنة المتساوية في بلد واحد، ولا تقوم فيه الرابطة على أساس الدين”.
ورغم أن حملات الجماعات السلفية تأخذ طابعا سلميا بنشر الملصقات وحلقات الوعظ التي يعرضون من خلالها وجهة نظرهم، إلا أن فيصل يحذر من أن “يأخذ الاعتراض طابعا عنيفا مع انتشار معدلات العنف الديني إقليميا ودوليا”.
وثمة عوامل ترجح حدوث مواجهات كما يشير صالح وهي أن: “غالبية المستهدفين من هذه الحملات هم من شريحة الشاب المتحمسين بطبعهم، ولا يتقبلون مثل هذه الفتاوى”.
لكن أحمد عبد الله يستبعد لجوءهم إلى العنف قائلا: “نحن لم ولن نعتدي على أحد، وندعو بالتي هي أحسن” بينما يستبعد صالح عدم حدوث مواجهات بالنظر إلى “عدم الاستجابة لدعوات مقاطعة أعياد الكريسماس التي يحتفل بها المسلمون، ليس من منطلقات دينية، بل بطريقة أقرب إلى كونها مناسبة وطنية”.
ويستشهد صالح بالمواجهات التي تكررت مؤخرا بين الطرق الصوفية وجماعة أنصار السنة المحدية بسبب موقف الأخيرة “الرافض للاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يحتفل به المتصوفة”.
وبعيدا عن هذا الخلاف فإن الخريج الجامعي (أحمد الماحي) يلفت النظر إلى زاوية أخرى هي أن “الغالبية من الناس يحتفلون بالكريسماس من واقع كونه فرصة للترويح بعيدا عن أي اعتبارات أخرى”.
ومع ذلك، فإن الماحي أيضا لا يؤيد دعوات المقاطعة التي تستند فيها الجماعات الإسلامية على الحديث النبوي القائل: “من تشبه بقوم فهو منهم” حيث يتعجب من الدعوة إلى ذلك عبر “رسالة من تطبيق واتساب بمحمول مصنع في الغرب”. وتابع الماحي: “إذا كان هذا تشبها بالكفار فماذا بشأن بقية المعاملات التي ينجزها المسلمون بتقنيات وأدوات يصنعها غير المسلمين؟”.
وبالطبع هذا الخلاف المتمدد على المستوى الشعبي لا أثر له على المستوى الرسمي إذ تمنح مؤسسات الدولة كل منسوبيها إجازة رسمية بمناسبة الكريسماس ويحرص الرئيس عمر البشير بشكل شخصي على مشاركة المسيحيين احتفالاتهم.
اليوم التالي
بما ان الاسلام يبيح زواج المسلم بالمرأة المسيحية فهل يجوز منع الابناء من مثل هذه الزيجات من مشاركة أهله المسيحين فرحتهم؟ ماهي حكمة تحريم المشاركة في الاحتفال وماهو سندهم من القرآن والسنة؟؟ أفتونا ياأهل العلم أثابكم الله.