بعضها صدقت فيها مقولة ” تمخّض الجبل فولد فأراً” 1ـ2 العواصم الثقافية.. مشاريع بلا (أثر) .. زهير بانقا: 283 ملياراً تكلفة (سنار عاصمة الثقافة الإسلامية)

عادل سنادة: العديد من المشاريع لم تكتمل بالجنينة
القاص الهادي راضي: اقتصار على الكرنفالات والسفر
تحقيق: نجاة إدريس إسماعيل
درجت وزارة الثقافة في الآونة الأخيرة على الترويج للثقافة عبر مشاريع العواصم الثقافية والتي من المفترض أن تكون كافة الفنون من شعر وقصة ورواية ونقد وتشكيل ومسرح وغناء ومحاضرات مواد حاضرة فيها، امتدت مشاريع العواصم الثقافية لعدد من السنوات، وصلت في مشروع “الجنينة عاصمة الثقافة السودانية” – الذي اختتم أخيراً بحضور المشير عمر البشير رئيس الجمهورية، والذي سلم الراية لمدينة دنقلا- لمدة ست سنوات، حيت ابتدأ المشروع في عام 2011م وانتهى هذا العام .. أما مشروع “مشروع كادوقلي عاصمة التراث السوداني “فقد ابتدأ منذ عام 2015م ولا يزال قائماً، أما مشروع “سنار عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2017” فلا يمكن إدراجه ضمن قائمة هذه المشاريع باعتبار أنه مشروع دولي وترصد ميزانيته من منظمة الإيسسكو للتربية والعلوم والثقافة الإسلامية.
مليارات الجنيهات
(الصيحة) حقّقت في هذه المشاريع التي تُرصد لها ميزانيات مهولة تصل لمليارات الجنيهات لتنمية تلك المدن من ناحية بنى تحتية، وحقّقت في أمر العواصم الثقافية ما لها وما عليها، وهل حققت هذه المشاريع الثقافية أهدافها وأصبحت جسراً للتثاقف ما بين المركز والهامش.. وهل استفادت هذه المدن من المبالغ المهولة المرصودة للثقافة في تنمية البنى التحتية لهذه المناطق.. وهل شهدت هذه العواصم الثقافية حراكاً ثقافياً طيلة السنوات المخصصة لها أم لم يسمع أهلها بمشاريعها تلك إلا في ليلتي الافتتاح والختام، ولماذا تركزت دعوات المشاركة في هذه العواصم لمجموعة معينة من المبدعين احتكرت هذه الرحلات دون غيرهم إلى تلك العواصم الثقافية.
تكلفة محلية
لتكن بدايتنا بمشروع سنار عاصمة للثقافة الإسلامية، وكم بلغت تكلفته،هنا يشير أمين أمانة الإعلام بمشروع “سنار عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2017” الأستاذ زهير بانقا في إفادته لـ(الصيحة ) إلى أن مشروع سنار تكفلت به الدولة من الألف إلى الياء صرفاً وإشرافاً ومتابعة، فيما يلي المعاني والمباني، مضيفاً بأن منظمة الإيسيسكو اختارت سنار كواحدة من عواصم الثقافة الإسلامية لتاريخها ولرسوخها واستلامها الراية من الأندلس منذ العام ١٥.٤م، وامتدت رقعتها الجغرافية من قري جنوب النيل الأزرق إلى قري شمال الخرطوم في حلف سوداني حقق معاني الوحدة جمع ما بين الفونج والعبدلاب استمرت هذه الدولة لمدة٣١٧عاماً.
كلفة المشروع
وفيما يختص بتكلفة المشروع المالية أضاف بانقا أن كلفة المشروع “سنار عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2017” فاقت ٢٨٣ ألف جنيه سوداني من خزينة حكومة السودان اعترافًا واهتماماً منها بالثقافة والسياحة والتعريف بالتاريخ السناري كنموذج مشرق ومشرف، وها هي المشروعات تقف شاهداً ودليلاً، ومثال ذلك القرية التراثية وقصرالسلطان بادي والشاليهات والمجمع الثقافي والمتحف والمركزالإعلامي وتوسعة المسجد العتيق وغيرها من المشروعات. هذا ما يلي المباني، أما المعاني فمشروع الكتاب والمسوحات الأثرية والمنح الجامعية والمؤتمرات العلمية والورش والندوات والمهرجانات والحراك الإعلامي واستمرارية المشروع كمركز إقليمي لإدارة الحوار والتنوع دليل على دقة التخطيط وبعد النظر للقائمين على أمر من اللجنة القومية العليا برئاسة الفريق أول بكري حسن صالح ولفيف من القيادات والخبراء وإشراف وزارة الثقافة الاتحادية ومتابعة الوزير النشط الطيب حسن بدوي وأمانة عامة يقف على رأسها مورخ وعالم بقامة البروفيسور يوسف فضل ونفر كريم همهم خدمة هذا الوطن، وهذا المشروع صاحب الوجدان العالمي.
الجنينة وعلامات الاستفهام
وماذا عن مشروع الجنينة عاصمة للثقافة السودانية، وكم بلغت تكلفته، الإجابة تأتي على لسان مقرر لجنة مشروع “الجنينة عاصمة الثقافة السودانية ” عادل سنادة الذي كشف أن تكلفة المشروع كانت باهظة، حيث كلف تشييد المجمع الثقافي سبعة مليارات جنيه، وقد تم دفعها من وزارة التخطيط العمراني بالولاية للمالية مباشرة، وقد أنجزت المشروع شركة ” أبوحنيفة للمقاولات”، وتم دفع 5 مليارات أولاً. ولأن وزارة المالية تأخرت في الدفع تم عمل جزاء لها وتعويض الشركة المنفذة مبلغ 2 مليار للتأخير عن الدفع في الموعد المحدد بحجة أن المواد زادت، المشرف على المشروع هو وزارة التخطيط العمراني بالولاية، وأردف: أما مشروع المكتبة المركزية فهو بتكلفة فاقت الـ9 مليارات، وقد نفذتها شركة “وادي للإنشاءات الخرسانية”، وقد أنجز المشروع في وقته، ولكن أضيفت له أحواض بلغت تكلفتها مبلغ 2 مليار، وتم دفع المبالغ بواسطة وزارة المالية الاتحادية، كما تكفلت ذات الوزارة بدفع مبلع 2 مليار لتأسيس مكتبة، والتي أنشاتها شركة “النورس”، وكان الدفع من وزارة المالية مباشرة.
تكاليف أخرى
ويمضي عادل في حديثه، ويقول إن متحف قصر السلطان بلغت تكلفة صيانته وتأهيله المليار وخمسمائة وسبعة وعشرين ألفاً، وقد عملت بعد الأعمال الإضافية بقيمة أربعمائة ألف تقريباً، وقامت به شركة الحداثة.. وكان الدفع من وزارة المالية مباشرة ..
وهناك مسرح دار البوكا والذي أنشئ بتبرع من ولاية الخرطوم بلغ 2 مليار جنيه، المشروع الخامس مشروع منتزه السلام العائلي، وتزيد ميزانيته عن 19 ملياراً ولم يبدأ فيه العمل بعد، ولكن في زيارة الرئيس كان قد وجه بتنفيذه، ولم تدفع المالية حتى الآن من مبلغه شيئاً، هناك ميزانيات أخرى، فهناك مسرح متحرك في حدود 700 ألف جنيه، آلات موسيقية 230 ألف جنيه، 6 عربات (بكاسي) جديدة تم تسليمها للمشروع، وقاعة بلغت تكلفتها 500 مليون جنيه، ويضيف: المناشط دفعت فيها وزارة المالية ما يزيد عن 3 مليارات جنيه، ودفعت الولاية لبعض المنشآت في وزارة الثقافة بلغت قيمته ما يزيد عن600 مليون جنيه سوداني، لا يوجد صرف إداري، ولم تصدق لنا المالية بأي مبلغ للإشراف والمتابعة، وقد حولت المالية مبلغ 640 ألف جنيه، ولكن تمت إحالتها لصالح تسيير القوافل الثقافية والتي جاءت من المركز.
أعمال لم تكتمل
وأضاف سنادة: الأعمال التي لم تكتمل بعد ومنها مجمع الفيتوري الثقافي.. وعلى المالية أن تدفع أكثر من ثلاثة مليارات جنيه لم تدفعها حتى الآن من تلكفة 7 مليارات، ولكن العمل فيه وصل لـ80%.
وعدّد سنادة المنشآت الجديدة، وهي مجمع الفيتوري الثقافي والمكتبة المركزية، ومسرح ولاية الخرطوم.. أما المتحف فقد تمت صيانته وإعادة تأهيله.
وأضاف سنادة أن المشروع ابتدر منذ عام 2011 في عهد وزير الثقافة السموأل خلف الله، مضيفاً أن المشروع أتيحت له بنيات غير مسبوقة، فالمكتبة المركزية من طابقين، وهي أول مكتبة مركزية بالولاية، والمسرح كبير.
وختم سنادة حديثه، رغم تعثر المشروع، فهو يرى أن المشروعات غير مسبوقة في العمل الثقافي.
عواصم ثقافية ولكن..
تلك كانت تكلفة مشروعي سنار والجنينة، ولم نتمكن من الحصول على مهرجانات كثيرة أخرى. إذن واستناداً على هذه الأموال الضخمة التي تم صرفها، هل يوجد منتوج حقيقي على أرض الواقع.
ابتدر القاص الهادي راضي حديثه لأ(الصيحة) قائلاً: بدايةَ، لنرجع إلى منبع تجربة العواصم الثقافية، وأهدافها ـ بالتأكيد هي ليست من بنات أفكار ساستنا الأجلاء ـ ولنرى من بعد ذلك إلى أي حد استفدنا من هذه التجربة في بلد كالسودان زاخر بما يمكن أن يثري به مشهدنا الثقافي على وجه الخصوص والثقافة الإنسانية عموماَ هدفت التجربة عندما تبلورت في أوروبا، إلى الارتقاء بمنزلة الثقافة لتنال من الاهتمام ما يحظى به قطاعا السياسة والاقتصاد، جاء ذلك ضمن العقد العالمي للتنمية الثقافية، وكانت أثينا أولى العواصم الأوروبية في العام 1985. ومن ثم توسعت التجربة لتشمل المنطقة العربية، بمبادرة من المجموعة العربية في اليونسكو، وذلك اعتباراً لما للمنطقة من مخزون ثقافي له أثره الواضح في الثقافة الإنسانية. فكانت القاهرة أولى العواصم الثقافية العربية في العام 1996، واستمرت التجربة متنقلة من عاصمة عربية إلى أخرى حتى هذا العام الذي تم فيه اختيار مدينة الأقصر كعاصمة للثقافة العربية 2017. تم اختيار الخرطوم عاصمة الثقافة العربية للعام 2005، وكانت سانحة لقطر كالسودان أن يعرف العالم بثقافته الثرة، وفرصة لتأسيس بنيات تحتية للفعل الثقافي لضمان استمراريته، ولكن ذلك لم يحدث.
بالونات فارغة
وأضاف راضي: اقتصر الأمر على الكرنفالات الغنائية وبعض العروض والمعارض التشكيلية. ومن هنا يمكن استنتاج أن كل ما أتى وسيأتي باسم الثقافة هو محض بالونات فارغة لخدمة أغراض سياسية بعيدة كل البعد عن تفعيل النشاط الثقافي باعتباره هدفاً تنموياً فاعلاً ومؤثراً في المجتمع. رأى المعنيون بالعمل الثقافي في النظام السياسي الحاكم، تعميم تجربة المدن الثقافية داخل القطر، فكانت مدن الجنينة وكادوقلي، وربما مدن أخرى عواصم ثقافية وتراثية في الأعوام المنصرمة.
أسئلة مشروعة
وتساءل راضي، هل توفرت العناصر الأساسية المهمة لقيام أي نشاط ثقافي في تلك المدن؟ هل شُيدت مسارح، وأُنشئت مراكز ومعاهد تدريب للموسيقى والفنون؟ هل توفرت صالات عرض للأعمال التشكيلية؟ هل استطاع المعنيون إنزال العمل الثقافي من برج النخبوي إلى الإنسان البسيط ليلامس اهتماماته ويكون مشاركاً أصيلاً كفرد في المجتمع يساهم في إرساء دعائم الفعل الثقافي في مجتمعه؟ هل تم ذلك أم إن الأمر اقتصر على الكرنفالات والصرف على سفر الوفود الصفوية المشاركة واللجان المنظمة؟ فكرة المدن الثقافية هي سانحة لموازاة ما هو ثقافي بما هو سياسي، بل إعلاء ما هو ثقافي لتتجذر القيم الفاضلة وتنغرس بذرة التغيير والصلاح، تنمو بشكل تلقائي، عميق ومؤثر على البنية المجتمعية، لتتحقق أهداف التنمية الثقافية التي أريد لها أن تؤثر في بنية المجتمع المعني ليرتقي.
حراك مهم
من ناحيته أشار القاص والتشكيلي الفاتح ميكا في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن أي حراك ثقافي لتوسيع الرقعة الثقافية هو حراك مهم؛ وذلك لتعدد النوافذ الثقافية، مضيفاً أن ذلك الحراك من شأنه أن يوسع دائرة المعرفة في شتى بقاع السودان وولاياته.. فلكل منطقة عاداتها وتقاليدها وبصمتها الثقافية لذلك عندما يتحرك مثقفون من الخرطوم ويتجهون نحو العاصمة الثقافية سواء في الجنينة أو سنار أو غيرها، فإن هذا الحراك الثقافي من شأنه أن يوسع دائرة المعرفة، وأنا من المؤيدين لفكرة مشاريع العواصم الثقافية، وأتمنى أن تستمر مثل هذه المشاريع كما آمل أن يزيل المسؤولون كل العوائق التي من شأنها أن تقعد تلك المشاريع.. وأضاف ميكا أن الثقافة هي المرتكز الأساسي للحضارة، والمثقف هو الذي يضبط إيقاع الحياة اليومية عبر ثقافته، مشيراً إلى أن مدة العاصمة الثقافية والتي تستغرق ما بين أربع سنوات إلى ست سنوات هي مدة طويلة نسبياً؛ لأن هذه المدة يمكن أن تستثمرها أكثر من ولاية للتعريف بنفسها .
رغبة
وحث ميكا المسؤولين على الاستفادة من الحراك الثقافي الموجود بهذه العواصم الثقافية في حمل كتب الكتاب وإدخالها لهذه العواصم حتى تعم الفائدة الجميع، ويمكن لوزارة الثقافة أن تشتري هذه الكتب ثم تضعها في مكتبات العواصم الثقافية لتكون في متناول الذين لا يمتلكون ثمن الكتاب، وأن يكون هناك معرض كتاب مصاحب لأي عاصمة ثقافية، وعن سفر أشخاص بعينهم نحو العواصم الثقافية للمشاركة في محافلها قال ميكا إن هذا الأمر جعله يمتنع من الانضمام لعضوية الاتحادات الثقافية الموجودة الآن في المشهد الثقافي؛ لأنهم يحتكرون مثل هذه الدعوات دون أن تفسح هذه الدعوات للجميع بالتساوي، وحث المسؤولين على جعل الدعوات للسفر للعواصم الثقافية متاحة للجميع دون تخصيصها أو احتكارها في فئة دون غيرها.
الصيحة.
في العنوان كاتبين التكلفة 283 مليار جنيه وفي الخبر 283 ألف جنيه أيهما الصحية فيهم .؟
في العنوان كاتبين التكلفة 283 مليار جنيه وفي الخبر 283 ألف جنيه أيهما الصحية فيهم .؟