شعوب تتألم لفراق حكامها واخرى تئن من بقائهم

كلنا يعلم ما يجري في السودان هذه الايام من هبة غضب وتذمر، نتيجة لمعاناة طويلة ظل يكتوي بها اهلنا طوال ربع قرن من الزمان، مرّ خلاله السودان بأسوأ تجربة في تاريخه القديم والحديث، نتج عن هذه التجربة القاسية المريرة، تدهور مريع في كل مناحي الحياة واشكالها، نتيجة لسياسات رعناء، افتقدت الى كثير من الحكمة ومراعاة مصلحة المواطن المغلوب على امره، فأُريقت دماء هدراُ، وازهقت ارواح، وسُجن من سُجن، وعُذب من عُذب، وأُهين من أُهين و شُرد من شُرد، ظلماً وبغير وجه حق.
فلماذا لا يقتنع المتشبثون بمقاعد الحكم أن الشعب قد ابغضهم حتى النخاع، وأن الأوان قد آن لكي يرحلوا غير مأسوف عليهم، لو كان في دمائهم ذرة من الحياء والكرامة. أولا يدري المتشبثون بالحكم بأن ما دمروه ونهبوه، يحتاج الى عشرات السنين لكي يعود الى ما كان عليه؟ وهل يعلمون هول ما احدثوه من دمار اخلاقي في الجدار الاجتماعي، خرجت على إثره القبلية النتنة من قمقمها، بعد أن استبرأ منها المجتمع حيناً من الدهر؟ أولم يقرأ البشير وبطانته- قبل أن يبذروا أموال الشعب السوداني يمنةً ويسرى- عن الرجل النزيه ” توماس سانكرا ” الرئيس السابق لدولة بوركينا فاسو; حيث فرض على نفسه قبل وزرائه، التقشف في المصاريف، مستبدلاً سيارته المرسيدس بسيارة “رينو” ولم يكن يسافر الا في اادرجة الثانية، مبرراً ذلك بمقولته الشهيرة: المسافرون في الدرجة الاولى والثانية، يقلعون ويهبطون في نفس الوقت، فلماذا ابذر اموال شعبي ودولتي؟ أولم يقرأ البشير وبطانته أو يسمعوا عن رئيس الاورغواي “خوسيه موخيكا” أفقر رؤساء العالم، واكثرهم سخاءً والذي يتلقى ١٢.٥٠٠دولاراً شهرياً، الا أنه يحتفظ لنفسه ب ١٢٥٠دولاراً فقط ويتبرع بالباقي للجمعيات الخيرية، ويركب سيارة فلوكسواجن لا تبلغ قيمتها اكثر من ٢٠٠٠دولار. وفي فصل الشتاء القارص، يخصص بعض اجنحة القصر الرئاسي في العاصمة “مونتفيديو” لتوفير المأوى الدافئ للمشردين، ولا يتباهى بأعماله الانسانية، أو يستغلها في الدعاية السياسية، بل يقوم بهذه الاشياء بهدوء تام، وكذلك بلوغ الاورغواي في عهده المرتبة الثانية من الدول الأقل فساداً في اميركا الجنوبية؟ أولم يقرأ البشير وبطانته أو يسمعوا عن الرئيس البرازيلي السابق “لولا دي سيلفا” الذي بدأ حياته العملية، ماسحاً للأحذية، الا أنه استطاع أن يجعل البرازيل خامس دولة اقتصادية في العالم؟ وفي فترة ولايته الثانية قام بتسديد قرض للبنك الوطني للتنمية الاقتصادية يبلغ ١١٢ مليون دولار، كان قد استغله من أجل جمعية جامعي القمامة وتدويرها، وكان رغم تجاوز شعبيته الثمانين بالمئة، الا أنه لم يطلب يوماً ان يُجرى تعديل في الدستور، ليتمكن من الاستمرار في الحكم لفترة ثانية. أولم يقرأ البشير وبطانته عن هؤلاء الحكام العادلين، الذين يقدمون مصلحة المواطن والوطن، قبل كل شئ أم على قلوب اقفالها؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أخي ما تتحدث عنه يأتي من قادة عظام وصلوا للحكم بما لهم من مقدرات قيادية وخلوهم من الأمراض النفسية وعليك فقط أن تتذكر مقولة واحدة من البشير عندما تحدث عن فاروق أبو عيسى عندما قال أبوعيسى ليس له قبيلة معروفة فهل هذا الكلام يصدر عن زعيم والله لا نملك إلا أن نقول قوله تعالى “تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء”

  2. هو لو كان بيقرا كان دا حال البلد شهادة ميلاده تسنين 1944 ودخول الكلية الحربية1962…يعنى شهادة وسطى ………..

    الجزيرة نت تقول(عسكري منذ الشباب
    قدر البشير ?الذي ولد في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1944 بقرية “حوش بانقا” وهي إحدى ضواحي مدينة شندي شمالي السودان- قاده إلى مهنة السلاح والقتال منذ سن 16 سنة، حيث التحق بالكلية العسكرية السودانية سنة 1960.

    بعد سبع سنوات تخرج في الكلية، ثم نال بعدها ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان عام 1981، فماجستير العلوم العسكرية من ماليزيا في عام 1983، وزمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987

  3. شكرا لك أستاذ مالك.ليت البشير وزبانيته يتصفحون الراكوبة ولولمرة واحدة، فمثل الرئيس الذي ضربت به المثل في الزهد والتقشف وعفة اليد والذى يقود سيارته الفلوكسواجن بنفسه أتى به الشعب منتخبا. فمثله يمثل شعبه ولا يمثل به ويورده المهالك.انه لآمر محزن ومضحك فى نفس الوقت بأن ترى من يدعي أنه يحكم باسم الدين يكون أكثر لصوصية من أعتى زعماء المافيا؛ بينما من يحكمون العقل دون النقل في أمور دنياهم يفلحون، الزعماء في بقاع الأرض المتحضرة والمتمدنة خدام لشعوبهم، بينما نحن سخرة لمن يتولون أمرنارغم أنفنا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..